منذ مدة لا تتعدى ثلاثة أشهر غرق الصندل المحمل ب500 طن فوسفات بنهر النيل، والذي لم يكن الكارثة الوحيدة التي حلت بنيلنا العزيز ، فقد فصلت وعددت وقتها العديد من الكوارث النيلية في مقال لي بتاريخ 5 مايو 2015 بعنوان ما شربتش من نيلها ؟! وكانت أهم الجرائم النيلية التي تحدثت عنها بالمقال تصريف الصرف الصحي في بعض المصارف الزراعية التي تصب بنهر النيل وتصريف بعض المصانع لمخلفاتها الصناعية بنهر النيل وإلقاء بعض البواخر النيلية السياحية لمخلفاتها بنهر النيل وإلقاء بعض الأهالى الحيوانات النافقة والقمامة وردم المباني بنهر النيل وكذلك إلقاء بعض المخلفات الزراعية بنهر النيل . وأشارت إلى الدراسات الصحية التي تؤكد أن هناك 100 ألف مصريا يصابون بالفشل الكلوى سنوياً، وحوالى 150 حالة لكل 100 ألف نسمة تصاب بالسرطان سنويا، وأكثر من نصف مليون يصابون بالتسمم سنويا، وذلك نتيجة تلوث مياه الشرب! ورأيت أن الحل يكمن في القضاء على أسباب المشكلة من خلال إحلال وتجديد شبكات المياه والصرف الصحي المتهالكة وتضافر جهود وزارات البيئة والبترول والموارد المائية والري والنقل النهري والمعاهد العلمية المتخصصة لإعداد الضوابط والاشتراطات البيئية اللازمة وتفعيل الرقابة على جميع المصارف التي تصب بنهر النيل لضمان عدم إلقاء مخلفات صناعية أو زراعية أو صرف صحي أو ردم مباني أو حيوانات نافقة بها. وبعد انتشال صندل الفوسفات كنت أعتقد أنها أول وآخر الصنادل التي ستنزل على رأسنا ، إذ بنا ينزل علينا كالصاعقة ونحن في اجواء الأحتفال بعيد الفطر خبر صندل آخر يقسم مركب نيلي نصفين بالوراق "والذي كان مقاما عليه حفل زفاف بشهادة شهود عيان على الواقعة " وأغرق الصندل المركب النيلي قاتلا غالبية من كانوا على متنه ولا أخفي عليك خبرا إذا قلت لك أنه بسبب عدم مراقبة هذه المراكب من أي مسئول على بر مصر فتستطيع أن تخمن عدد القتلى ب60 فردا على الأقل. وقد قال احد الناجين «ان سائق المركب قام بقطع 72 تذكرة غير الاطفال» وإذا كنت تتصور أنني سأذهب مع الرأي الذي يرجح خطأ سائق المركب النيلي وأحكي لك الحكاية التي أكيد قرأتها في العديد من الأخبار والتحقيقات والتي تبرهن تسبب سائق المركب النيلي في مقتل الركاب بأنه كان يستمع للموسيقى الصاخبة ويكلم مساعده في القيادة ويضحك مع الفتيات !! ؛ تكون مخطئا ليس لأني مقتنعة لا قدر الله بأن هذه المراكب النيلية يتم مراقبة اصدار تراخيص لها ولمن يقودها ويتم التفتيش على العدد المسموح به بها قبل بدءها للرحلات النيلية ولكن لأنه عندما يكون السبب الرئيسي المتسبب في الحادث حاضرا في المشهد وواضحا وضوح الشمس في كبد النهار فلا مجال لأفكر بجودة ومتانة المركب النيلي أو في حمولتها الزائدة أو في كفاءة ورعونة السائق من عدمها ؛ فالصندل الذي شق المركب نصفين كبير الحجم بحيث يستطيع إغراق أحد البواخر النيلية الفاخرة التي يصل سعر ركوب الفرد بها إلى 230 جنيها وليس 5 جنيهات كما في حالة المركب المتواضع الفقير المنكوب .وفوق هذا وذاك "فالصندل غير مسموح له بالإبحار من الأساس في النيل ليلا "وذلك لصعوبة رؤيته في ظل عدم وجود إضاءات على طول مجرى نهر النيل . ومن يستحق العقاب في حقيقة الأمر هو سائق الصندل ومن لم يقم بمراقبته ومنعه من الإبحار ليلا او من سمح له بالإبحار ليلا. لا أنسى ما قاله أهالي الضحايا من أن قوات الإنقاذ تقاعست عن انتشال الجثث ومن بينهم أم محمد التي قالت الضابط قال لنا اغطسوا انتم وابحثوا عن الجثث ثم تركهم وغادر المكان. كما لا أنسى قول إبراهيم وهو أحد سكان منطقة الوراق ان الحكومة لم تتعامل مع الحادث باهتمام وانهم وفروا لنا اثنين فقط من الغطاسين بدون اسطوانات أوكسجين كافية للبحث عن الجثث ولكن الصيادين الموجودين على النهر هم من قاموا بمساعدتنا وبحثوا معنا عن الجثث وانتشلوا الكثير منهم ووصل عددهم إلى 40 جثة ... شيء مخجل ومحزن اليس كذلك ؟! الحل يكمن بطبيعة الحال في القضاء على الأسباب التي أدت لوقوع تلك الحوادث سواء بالوقت الحاضر أو بأوقات عديدة في الوقت الماضي والتي تحتاج لمسئولين جادين مصرين على اقتلاع المشكلة من جذورها فلا أمل إلا بقيام شرطة المسطحات المائية بعملها بمراقبة تصاريح الصنادل ومنعها من الإبحار ليلا وكذلك بمراقبة المراكب النيلية والتفتيش على التصاريح اللازمة لسلامتها وكفاءة من يقودها والتيقن من عدم مخالفتها للحمولة المسموح بها ...ولا أكون متفائلة إذا طالبت بضرورة إضاءة مجرى نهر النيل الإضاءة الكافية للإبحار به ليلا !! [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي