لدينا 166.5 مليون عربى صغير ( طفل وطفلة) يشكلون 45% من إجمالى السكان العرب البالغ عددهم 370 مليون نسمة ( تقديرات 2014) ، ولأن اللَّعب أحد الحقوق الأساسية المنصوص عليها فى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وميثاق الطفل العربى والإعلان العالمى لبقاء الطفل وحمايته ، والتى تؤكد أهمية اللَّعب وضرورته فى حياة كل طفل وتربيته وتعلمه وتنمية قدراته وإذكاء روح انتمائه لأسرته ووطنه ومن ثم إلزام كل الأطراف المعنية بالطفل بتوفير الحيز الزمنى والمكانى الكفيل بتيسير تمتعه بهذا الحق، فإن هؤلاء الأطفال العرب أصبحوا الآن فى حاجة ماسة منذ الشهور الأولى من ولادتهم حتى مراحل طفولتهم المتأخرة إلى لعبة عربية إن كان طفلاً أو عروسة عربية إن كانت طفلة ، تحمل فى سماتها ولغتها وأذيائها صفات المجتمع العربى وتراثه وحضارته ، وذلك بدلاً من مثيلاتها المنتجة فى أمريكا وأوروبا ودول أخري، التى تنقل إلى الطفل العربى ما يتعارض مع قيم وثقافة العرب أو تشعره بالنقص والدونية أو تغرس فى نفسه نزعات العنف والعدوانية . والملاحظ أن الأسواق فى الدول العربية ومصر أيضاً قد خلت من اللِّعب العربية فعندما تجولت فى السوق لأشترى لأحفادى : جنا وهنا وفرح وفهد لعبة أو عروسة عربية هدية العيد لم أجد إلا اللِّعب والعرائس الأمريكية والأوروبية على غرار : بن تن و إلسا و دورا و بات مان و سبايدر مان و أفينجرز، التى قد تترك آثاراً سلبية على الأطفال نظراً لاختلاف قيمتها ولغتها وأزيائها وعاداتها وهويتها عما هو سائد فى المجتمعات العربية ، فلعبة الطفل تعنى له الكثير حتى وإن انتهى الأمر إلى إتلافها أحياناً، فهو يقلدها ويبادلها الحديث ومن الخطورة أن يتأثر سلبياً بها مثلما حدث للعبة «البوكيون» التى أفتت هيئة كبار العلماء بالسعودية بتحريم بيعها وشرائها واللعب بها لترويجها عبارات ومسميات اعتبرتها الهيئة تسيء إلى العقيدة الإسلامية، ولاقت تلك الفتوى استجابة سريعة لدى غالبية الدول العربية بالرغم من إصدار الدولة المنتجة لها بيانات تنفى ما أثير حول اللعبة . وقد سبقتنا مجتمعات ودول عديدة فى صنع وإنتاج لعب وعرائس لأطفالها تحمل صفاتها وهويتها القومية كان آخرها «سارة» الإيرانية و «أمينة» البوسنية، أما نحن العرب فقد اكتفينا باستيراد 95% من لعب الأطفال من الخارج بما قيمته 1.8 مليار دولار سنوياً ، فى الوقت الذى أصبح فيه إنتاج لعبة وعروسة عربية مسئولية ورسالة المستثمرين ورجال الأعمال والصناعة والفنانين ومجالس ومنظمات الطفولة فى العالم العربى ، فهؤلاء جميعاً لا تنقصهم الخبرات والقدرات الإبداعية والفنية والإمكانات المادية وعليهم تجاوز فشل التجربتين السابقتين : العربية لإنتاج العروسة «ليلي» برعاية الجامعة العربية عام 1999 ، والمصرية لإنتاج العروسة » نوسة » بكلية رياض الأطفال بجامعة القاهرة عام 2001 فالتجربتان فشلتا بسبب غياب التمويل ومصادره والجهات المسئولة عن التنفيذ . كما أن هؤلاء عليهم أيضاً مواصلة التجارب والجهود لصناعة وإنتاج لعبة وعروسة بمواصفات عربية لتلبية احتياجات الأطفال العرب فى 22 دولة عربية إضافة إلى دول المهجر ، ومن المتوقع نجاح تلك الصناعة وأن تدر على منتجيها وصانعيها أرباحاً طائلة قد تفوق غيرها من الصناعات الأخرى ، ناهيك عن أن هذا الإنتاج العربى يكتسب أهميته فى إذكاء روح الإنتماء الوطنى والقومى للأطفال العرب تجاه القضايا العربية المصيرية ، فقد أبدى نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل للرئيس الفلسطينى ياسر عرفات بحضور الرئيس الأمريكى بيل كلينتون اعتراضه وانزعاجه الشديد من لعبة العروسة «هدية العيد» التى قدمها ويقدمها الفلسطينيون لأطفالهم كل عيد وهى ترتدى الزى التقليدى الفلسطينى وتردد بأعلى صوت : فلسطين لنا: والقدس عربية، قائلاً إنها تذكى لدى الأطفال الفلسطينيين والعرب منذ صغرهم روح المقاومة والانتماء لفلسطين .. وتكرس قبل ذلك كله الكراهية لإسرائيل. لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين