يتميز شهر رمضان المبارك عن غيره من الشهور بخصال خير كثيرة، ولا شك ان ما فرض فى الشهر الكريم من طاعات وعبادات تصب جميعها فى مصلحة المسلم، إذا التزم بها وحاول جاهدا تنفيذها ابتغاء مرضاة الله تعالى، وقد شرعت زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، كما أنها طعمة للمساكين وإغناء لهم عن السؤال. وأكد علماء الدين ان زكاة الفطر واجب إخراجها على كل مسلم لديه قوته وقوت من يعوله، وتخرج قبل اداء صلاة العيد، وإذا خرجت بعدها فإنها صدقة من الصدقات. وحول الحكمة من مشروعية زكاة الفطر، يقول الدكتور سيف رجب قزامل العميد السابق لكلية الشريعة بطنطا، إن زكاة الفطر طهرة للصائم، فقد يقع الصائم فى شهر رمضان ببعض المخالفات التى تخدش كمال الصوم من لغو ورفث وصخب وسباب ونظر محرم، فشرع الله عز وجل هذه الصدقة لكى تصلح له ذلك الخلل الذى حصل فيه ليكون صياما تام الأجر ولكى يفرح به فرحا تاما يوم القيامة، وايضا لكى تعم الفرحة فى يوم العيد لكل المسلمين والمجتمع بأسره ولا يبقى أحد يوم العيد محتاجا إلى القوت والطعام ولذلك قال رسول الله «أغنوهم عن المسألة فى هذا اليوم»، وفى رواية» أغنوهم عن طواف هذا اليوم أى إغناء الفقير يوم العيد عن المسألة، ولذلك جاء فى حديث ابن عباس: «فرض رسول الله صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين». قربة لله تعالى كما أن زكاة الفطر تعد صدقة عن الأبدان والنفوس وقربة لله عز وجل عن نفس المسلم، أو زكاة لبدنه، وبعبارة أخرى تعبر عن شكر العبد لله عز وجل على نعمة الحياة والصحة التى انعم الله عز وجل بها على عبده المسلم، لذلك شرعت على الكل بمن فيهم الصغير والعبد والصائم والمفطر سواء أكان مفطراً بسبب شرعى أم غير شرعي. وأشار الى أنه ورد فى وجوبها أحاديث كثيرة منها:«عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ :فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ»، وحديث ابن عمر حيث قال: فرض رسول الله زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد»، وحديث أبى سعيد الخدرى حيث قال:كنا نخرج صدقة الفطر صاعاً من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب». مقدارها ويقول الدكتور علوى أمين خليل أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، ان زكاة الفطر تجب على كل مسلم يكون لديه قوته وقوت عياله، ويلزم المسلم أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وزوجته وعن كل من تلزمه نفقته، مشيرا الى ان الإنسان يخرج عن نفسه وزوجته - وإن كان لها مال - وأولاده الفقراء ووالديه الفقيرين، والبنت التى لم يدخل بها زوجها. فإن كان ولده غنياً لم يجب عليه أن يخرج عنه، ويُخرج الزوج عن مطلقته الرجعية لا الناشز ولا البائن، ولا يلزم الولد إخراج فطرة زوجة أبيه الفقير لأنه لا تجب عليه نفقتها. وأوضح د. علوى خليل ان المقدار الواجب خروجه فى زكاة الفطر هو صاع من أرز أو قمح أو شعير ونحو ذلك مما يعتبر قوت يتقوت به، والصاع يساوى ثلاثة كيلو جرامات تقريبا، وهذا المقدار يؤدى من الحنطة أو التمر أو الزبيب أو الأرز أو الطحين أو الشعير، موضحا أنه بالنسبة لجواز إخراجها نقدا فهناك ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه لا يجوز إخراجها نقداً، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، والقول الثاني: أنه يجوز إخراجها نقداً، وهذا مذهب الحنفية، ووجه فى مذهب الشافعي، ورواية فى مذهب أحمد، والقول الثالث: أنه يجوز إخراجها نقداً إذا اقتضت ذلك حاجة أو مصلحة، وهذا قول فى مذهب الإمام أحمد. وقت إخراجها وأشار الى أن زكاة الفطر تجب بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان، والسنة إخراجها يوم عيد الفطر قبل صلاة العيد، ويجوز تعجيل إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين وقد كان هذا فعل بعض الصحابة، فعن نافع مولى ابن عمر رضى الله عنه أنه قال فى صدقة التطوع : «وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين «أخرجه البخاري، وعند أبى داود بسند صحيح أنه قال: «فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين»، كما يجوز ايضا إخراجها منذ اليوم الأول فى رمضان، وآخر وقت لإخراجها هو صلاة العيد، أما إخراجها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات.