فى شهر رمضان يزداد عدد المعتمرين عما سواه، حيث يحرصون على ختم القرآن فى بيت الله الحرام، وسط جموع من المسلمين من كل بلاد الدنيا أمام الكعبة، أو فى الحرم النبوي، فعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان: (إذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حجة). متفق عليه، وقد استنتج العلماء من هذا الحديث أن العمرة فى رمضان تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أجرها وثوابها. الترغيب فى الثواب ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، إن عمرة فى رمضان تعدل حجة وفى رواية تعدل حجة معي، وهذا الثواب فضل من الله عز وجل على عباده، وهو يرغب فى أن يتسابق الناس فى فعل الخيرات، وأداء العبادات، ومثل ذلك ما ورد من أن الصلاة الواحدة فى المسجد الحرام بمكة تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه، فلا يجوز أن يتبادر إلى الذهن أن صلاة يوم فيه تغنى عن صلاة مائة ألف يوم، ولا داعى للصلاة بعد ذلك، فالعدل أو المساواة هنا هما فى الثواب فقط، فلا تغنى العمرة عن الحج أبدا، ومثل ثواب العمرة فى رمضان ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الصبح فى جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة وقال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تامة تامة فالمراد من هذه الأحاديث هو الترغيب فى الثواب، وليس جواز الاكتفاء بفريضة عن فريضة. وأضاف: إن العمرة من الأعمال الصالحة المرغب فيها شرعا، ولها فضائل كثيرة، وأفضل زمن للاعتمار شهر رمضان، وينبغى الحرص على أداء العمرة عموما وخاصة فى رمضان، لأنها تعدل حجة، كما أنها مشروعة فى رمضان كله ليس لآخره فضل خاص على أوله، ولا يخص بها شيء من أيامه أو لياليه، وحقيقة العمرة فى رمضان، أن يحرم الإنسان بها بعد دخول شهر رمضان، ويؤديها فيه، هذا ما لا خلاف فيه بين العلماء، أما من أحرم بها قبل دخول شهر رمضان وأداها فيه، أو أحرم بها فى نهاية شهر رمضان وأداها فى شوال، فقد اختلف العلماء فى اعتبارها عمرة رمضانية. ميقاتها وأوضح انه من كان يمر فى ذهابه إلى مكة معتمرا بأحد المواقيت فإنه يجب عليه الإحرام من الميقات الذى يمر به، ولا يجوز له تجاوزه بدون إحرام، والذى يسافر بالطائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات أو قبله بيسير، وإن تجهز فى بيته بالاغتسال ولبس ملابس الإحرام فهو حسن لأنه أيسر له، وقد لبس النبى -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضى الله عنهم- أزرهم وأرديتهم فى المدينة قبل الخروج إلى ذى الحليفة، قال عبد الله بن عباس رضى الله عنهما: انطلق النبى -صلى الله عليه وسلم- من المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه -رضى الله عنهم-. رواه البخاري. الطواف ويقول الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر، يسن أن يطوف الرجل مضطجعًا فى جميع طواف العمرة بأن يكشف منكبه الأيمن، ويجعل طرفى الرداء على منكبه الأيسر، ويسن أن يسرع المشى فى الأشواط الثلاثة الأولى وهو (الرمل)، ويذكر الله ويدعوه بما أحب، وليس للطواف ذكر خاص إلا التكبير فى أول كل شوط، وأن يختم كل شوط بقوله: (رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، أما إذا أتم سبعة أشواط فقد أتم الطواف، فيجعل رداءه على منكبيه، ويسن أن يصلى ركعتين بعد الطواف خلف مقام إبراهيم عليه السلام إن تيسر قريبا منه أو بعيدا، ولا يضايق الناس، وله أن يصليها فى أى مكان، ويتجه إلى المسعي، فإذا دنا من الصفا فالسنة أن يقرأ قوله تعالي: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) ثم يقول: أبدأ بما بدأ الله به، ثم يصعد على الصفا، ويستقبل القبلة، ويرفع يديه كهيئة الداعي، ويكبر ثلاثا ويقول ما ورد، ثم يدعو بما شاء، ثم يكبر ثلاثا ويقول ما ورد، ثم يدعو بما شاء، ثم يكبر ثلاثا ويقول ما ورد، ولا يدعو بعده، ثم ينزل من الصفا ماشيا متجها إلى المروة، ويسن للذكر الإسراع بين العلامتين الخضراوين، فإذا وصل إلى المروة فإنه يصعد عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه كهيئة الداعي، ويكبر ثلاثا ويقول ما ورد، ويدعو بين ذلك كما فعله على الصفا، ثم يتم سبعة أشواط هكذا، الذهاب شوط والرجوع شوط آخر، ويذكر الله أثناء السعى ويدعوه بما أحب، وليس للسعى ذكر خاص إلا ما تقدم فى أول كل شوط، وإذا أتم السعى خرج من المسجد الحرام وحلق الذكر شعره كله أو قصره كله، والحلق أفضل، لأن النبى قد دعا للمحلق ثلاثاً وللمقصر مرة، وبهذا تمت العمرة، وتحلل من إحرامه.