سواء كان أفضل ما تملك: وقتك أو مالك أو عقلك أو نفسك أو صحتك أو أي من محبوباتك.. تقرَّب إلى الله بأفضل ما تملك، ولنأخذ قابيل، وهابيل نموذجًا.ففي قصة ابني آدم عليه السلام، اللذين قص الله علينا قصتهما في سورة المائدة، نموذج في التقرب إلى الله، بأفضل ما يملكه المرء، وكيف تكون العاقبة، والعكس. قال تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) ".( المائدة). في التفسير يقول إبن كثير: "أي: اقصص على هؤلاء البغاة الحسدة من اليهود خبر ابني آدم هابيل وقابيل، وكان من خبرهما أن الله تعالى شرع لآدم عليه السلام أن يزوج بناته من بنيه لضرورة الحال، وكان يُولد له في كل بطن ذكر وأنثى، فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر، وكانت أخت هابيل دميمة، وأخت قابيل وضيئة، فأراد أن يستأثر بها على أخيه، فأبى آدم ذلك إلا أن يقربا قربانًا فمن تُقبل منه فهي له. فقربا قربانهما فجاء صاحب الغنم (هابيل) بأكرم غنمه، وأسمنها، وأحسنها.. طيبةً بها نفسه، وجاء صاحب الحرث (قابيل) بشر حرثه غير طيبة بها نفسه، فتقبل الله عز وجل قربان صاحب الغنم، ولم يتقبل قربان صاحب الحرث، وكان من قصتهما ما قصه الله تعالى في كتابه، وكان المقتول أشد الرجلين، ولكن منعه التحرج أن يبسط يده إلى أخيه الذي قال: "إنما يتقبل الله من المتقين".. أي ممن اتقى الله في فعله ذلك". وعن تميم قال سمعت أبا الدرداء - يقول: "لأن أستيقن أن الله قد تقبل لي صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها".. إنما يتقبل الله من المتقين". (تفسير القرآن العظيم للإمام الحافظ أبي الفداء اسماعيل بن كثير). وهذا حديث عظيم، يطمئنك إلى أن الله تعالى في انتظارك، عند قيامك بأعمال الخير، أي أعمال. فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، وَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ وَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. فَيَقُولُ: كَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَطْعَمَكَ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ وَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ، وَكَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَسْقَاكَ فَلَمْ تَسْقِهِ، وَلَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟". قال العلماء: "أضاف المرض إليه سبحانه، تشريفًا للعبد، وتقريبًا له.. وقوله: "وجدتني عنده": أي: وجدت ثوابي عنده، وكرامتي، ورحمتي، وجزاء العمل". [email protected] لمزيد من مقالات عبدالرحمن سعد