فى اوفا التى اختارها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لاستقبال ضيوفه من رؤساء بلدان منظمتى "بريكس" و"شنغهاي" والذين انضم اليهم رؤساء بلدان "الاتحاد الاوروآسيوى"، تتواصل اللقاءات الثنائية والمتعددة الاطراف لترسم ملامح "نقلة نوعية جديدة" تشير الى تحول الرئيس الروسى الى الهجوم غير المباشر ضد ما تموج به الساحة الدولية من متغيرات تقودها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها منذ اندلاع الازمة الأوكرانية فى عام 2013 رغم كل محاولات مصادر الكرملين القول بغير ذلك. وكان الرئيس بوتين بدأ نشاطه امس باستقبال ضيوفه من رؤساء منظمة "بريكس" التى تضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا، حول عشاء عمل استعدادا للجلسة الموسعة التى من المقرر اجراؤها اليوم (الخميس) الى جانب اللقاءت الثنائية والاجتماعات التى سوف يشارك فيها وفد مجلس الاعمال التابع للمجموعة. وقال يورى اوشاكوف مساعد الرئيس للشئون الخارجية ان جدول اعمال القمة يتضمن اهم القضايا الدولية الراهنة بما فيها النزاع الاوكرانى والملف اليونانى واخطار الارهاب ولا سيما من جانب "الدولة الاسلامية"(داعش). على ان الاكثر اثارة فى اجتماعات ولقاءات اوفا وحسب تقديرات معظم المراقبين فى اروقة القمة، سيكون اللقاء الذى سوف يضم ولاول مرة رؤساء بلدان التكتلات الاقليمية والدولية الثلاث وهى "بريكس" و"شنغهاي" و"الاتحاد الاورواسيوي" الذى يجمع روسيا مع عدد من اهم بلدان الفضاء السوفييتى السابق. وفى ذلك تحديدا يمكن استبيان ملامح التوجهات الرئيسية لسياسات بوتين فى المرحلة المقبلة والتى تقول بضرورة الاتفاق حول الخروج من الدائرة الضيقة التى طالما دارت حولها انشطة التنظيمات الثلاث منذ ظهورها، وكانت تتعلق اساسا بقضايا التعاون الاقتصادي، والتصدى للتحديات المشتركة وفى مقدمتها الارهاب والتطرف والتجارة غير المشروعة للاسلحة والمخدرات. ولعل ما اعلنته مصادر الكرملين حول ان الرئيس بوتين سوف يجرى 11 لقاء ثنائيا مع الرؤساء المشاركين فى اجتماعات اوفا من ممثلى التكتلات الثلاثة يقول بتركيز روسيا حول الخروج من الدائرة الضيقة التى كانت حصرت نفسها فيها فى العقد الاول من القرن الحالى فى اطار محاولاتها الرامية الى بناء "البيت الاوروبى المشترك" والتركيز على المساعى من اجل تمتع مواطنيها بحرية الحركة والاتصالات مع بلدان الاتحاد الاوروبي. واكدت المصادر الرسمية الروسية ان الرئيس بوتين سوف يلتقى فى هذا الاطار الرئيس الايرانى حسن روحانى فى اطار ما سبق وقاله اوشاكوف مساعد الرئيس الروسى حول "ان بلاده تعول كثيرا على إحراز تقدم خلال المفاوضات النووية الجارية فى فيينا. ولذلك ستشكل نتائجها وآفاق التعاون بين روسياوإيران نظرا لما تم تحقيقه خلال هذه المفاوضات الدولية، الموضوع الرئيسى فى لقاء بوتين وروحانى، بالإضافة إلى مختلف مسائل التعاون الثنائى البحت فى المجالين التجارى-الاقتصادى والعسكرى-التقنى". وكان سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسية سبق واشار ايضا الى "وجود آفاق جيدة لتعزيز العلاقات الروسية-الإيرانية فى المجال العسكري-التقنى"، ولا سيما بعد ان وقع الرئيس بوتين مرسومه حول رفع الحظر عن توريد أنظمة صواريخ "إس-300" إلى إيران، والذى كانت فرضته روسيا فى عام 2010 تماشيا مع العقوبات الدولية ضد إيران، فى الوقت الذى تعرب فيه موسكو عن املها فى تراجع طهران عن دعوى التعويضات التى رفعتها ضد روسيا لدى محكمة تحكيم دولية بسبب عدم التزامها بتنفيذ صفقة المنظومات الصاروخية "إس-300". وحول الاستجابة لطلب ايران بخصوص الانضمام الى منظمة "شنغهاي" على غرار طلبى الهند وباكستان، قالت المصادر الروسية ان الطلب "لا يزال قيد الدراسة"، وإن اشارت الى "أن اتخاذ القرار بهذا الشأن سيكون ممكنا فقط بعد رفع عقوبات مجلس الأمن عن ايران". وأضافت أنه فور رفع العقوبات "ستبدأ عملية تشاورية بين الدول الأعضاء فى المنظمة تمهيدا لاطلاق عملية انضمامها". اما عن الاعلان عن انضمام الهند وباكستان الى العضوية الكاملة لمنظمة "شنغهاي" فى اول توسع لها منذ انشائها فى عام 2001، فقالت المصادر الرسمية الروسية ان ذلك سوف يتأجل حتى القمة المرتقبة للمجموعة فى الهند فى العام المقبل، وإن اشارت الى انه سوف يجرى فى قمة أوفا الاعلان عن "اطلاق عملية الانضمام"، تلبية للطلب الذى كانت البلدان تقدما به الى المنظمة فى العام الماضى خلال قمة دوشنبه - عاصمة طاجيكستان.وحول الوثائق التى من المنتظر ان تصدر عن قمة "شنغهاى " فقد أشار اوشاكوف مساعد الرئيس الروسى إلى " أنه من المقرر اتخاذ 14 قرارا بما فيها 11 تم توقيعها سابقا، إلى جانب تبنيها استراتيجية تطوير المنظمة حتى عام 2025، وهى وثيقة تتناول قضايا الأمن الإقليمى والرد السريع على التحديات والتهديدات المحدقة والتعاون الاقتصادي، بالإضافة إلى مسائل أخرى" تتعلق فى الاساس برفع فعالية هاتين المنظمتين وتأثير قراراتها فى الساحتين الدولية والاقليمية. على ان الاهم من نتائج لقاءات وقرارات "اوفا" وحسب تقديرات الجانب الروسى فى تقديراته للاهداف الرئيسية خلال رئاسة روسيا للدورة الحالية لمنظمة "بريكس"، "هى إطلاق عمل بنك "بريكس" للتنمية التابع للمجموعة، وصندوق الاحتياطيات النقدية"، والتى من المقرر ان تبلغ ما يقدر بمائة مليار دولار. ونقلت المصادر عن احد المسئولين فى وزارة الخارجية الروسية تصريحاته حول "ان بعض الشركاء فى الغرب بدأوا بالفعل فى جس النبض للانضمام إلى بنك "بريكس" للتنمية، الذى يعد أول مؤسسة دولية يتم إنشاؤها من دون مشاركة دول غربية".