أتفهم حرص حزب الحرية والعدالة بعد أن حصل علي الأغلبية في مجلس الشعب, علي إثبات وجوده في الشارع المصري وعلي تأكيد تقدير جماهير الشعب المصري له. لكن حزب الأغلبية حتي ينال ثقة كل الشعب يجب أن يقتنع بأن المصريين يختلفون في الفكر والدين والجنس والانتماء الاجتماعي, وأن هذا الخلاف وهذه التعددية هما من طبيعة الأمور, وأن احترام الآخر والحوار معه يعكس تحضر المجتمع, لكن المصريين رغم هذا الخلاف, هم شعب واحد, يقفون معا علي قاعدة صلبة هي الهوية المصرية ويشتركون معا في التاريخ والثقافة واللغة والطموح.. ثورة25 يناير قام بها المصريون جميعا, وسقطت الفروق والخلافات عندما وقفوا في التحرير يهتفون: الشعب يريد إسقاط النظام وقفت مصر كلها يدا واحدة في مواجهة بطش مبارك ولم يفرق رصاص العادلي بين المسلم والمسيحي وبين الرجل والمرأة, وانتظرت جماعة الإخوان المسلمين التي كان يطلق عليها عملاء الداخلية المحظورة في الشوارع الخلفية حتي تتضح الأمور, كان مبارك وأذنابه يتربصون كعادتهم بأعضائها بالرغم من غياب دورهم في الثورة, ففي يوم25 يناير علق صحفي من خدم بلاط مبارك علي ثورة شباب مصر بأنها محاولة دنيئة من الاخوان المسلمين! الجماعة المحظوظة لم تتعلم من درس الحزب الوطني المنحل الذي كان يسعي بالباطل إلي التكويش علي كل شيء, كان أقصي طموحات الجماعة في البداية أن تحصل علي 30% من مقاعد مجلس الشعب, لكنها حصلت علي أكثر من 60% و70% في الشوري, ثم حققت فوزا كاسحا في معظم مجالس النقابات المهنية, وحزب الأغلبية الآن يناور لسحب الثقة من حكومة الجنزوري لتشكيل حكومة علي مقاسهم! وحتي تتم سيطرتهم علي كل مؤسسات الدولة أصروا علي أن تكون غالبية اللجنة التأسيسية للدستور من البرلمان, متجاهلين في ذلك مختلف فئات الشعب المصري التي لاتنتمي إليهم, والسؤال: ألم يتعلموا الدرس؟ وهل يريدون تكرار تجربة مبارك السوداء وحزبه المنحل؟! الإجابة بالطبع لا لأنني أعتقد أن قيادات الحرية والعدالة وكوادرها أكثر ذكاء من مبارك وعصابته. المزيد من أعمدة مصطفي سامي