بين حذر وريبة وترقب, استقبل العالم أمس نبأ التحول الدرامي والخطير في موقف جماعة الإخوان المسلمين, عقب إعلانها ترشيح رجل الأعمال خيرت الشاطر الرجل الثاني في الجماعة لمنصب الرئاسة. وهو الإعلان الذي يضع كلمة النهاية لسلسلة من الوعود الإخوانية بعدم السعي للسيطرة علي الطرف الثاني من السلطة بعد أن أحكمت سيطرتها علي مجلس الشعب. وفي انعكاس للقلق الإسرائيلي البالغ من المستقبل, وصف مصدر مسئول في حكومة بنيامين نيتانياهو قرار جماعة الإخوان بالدفع بمرشح للانتخابات بأنه أمر مقلق, وأوضح في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز من الواضح أن هذا ليس نبأ جيدا. وأضاف المسئول الذي طلب عدم ذكر اسمه الإخوان المسلمون ليسوا أصدقاء لنا ولا يتمنون لنا الخير, وتساءل عن مدي البراجماتية التي سيكونون عليها إذا ما وصلوا إلي السلطة. ولكن علي الرغم من رفض وزارة الخارجية الأمريكية التعليق علي هذا الترشيح المفاجيء, أشاد عدد من أعضاء الكونجرس وكبار المسئولين في الخارجية- الذين التقوا الشاطر من قبل- باعتداله وعقليته الاقتصادية المتميزة. ولم تكن الصحافة العالمية أقل قلقا, فقد وصفت صحيفة نيويورك تايمز قرار الترشيح بأنه نقض لعهود الجماعة التي قطعتها علي نفسها منذ تفجر ثورة25 يناير. وأوضحت أن قرار ترشيح الشاطر يخالف وعود الجماعة بعدم المنافسة علي الرئاسة والسعي لاحتكار السلطة. ولم تستبعد الصحيفة أن يكون هذا الترشيح محاولة للتصدي للقوي الأخري التي يتصدرها السلفيون. أما صحيفة واشنطن بوست فاعتبرت القرار غاية في الخطورة, حيث إنه يهدد مصداقية الجماعة. كما نقلت عن عدد من المراقبين توقعاتهم بأن مصر ستواجه عاما صعبا بعد انتخابات الرئاسة, وفي حالة انتخاب الشاطر مع سيطرة الجماعة علي البرلمان, فهذا سيعني بالضرورة تحمل الجماعة مسئولية المتاعب الاقتصادية والسياسية التي ستعترض البلاد خلال المرحلة الانتقالية, كما حذرت من أن طرح مرشح إسلامي جديد من شأنه تفتيت الأصوات, خاصة في ظل وجود الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي المحتمل المنشق عن الجماعة بسبب قراره ترشيح نفسه لهذا المنصب, وهو ما يعكس تناقضا واضحا في مواقف الإخوان. لم تحاول صحيفة هاآرتس الإسرائيلية تقديم وجهة نظر محددة أو رد فعل للقرار, وفضلت طرح تقييم شامل لشخصية الشاطر وتاريخه, فقد أكدت الصحيفة في تقريرها أنه يعتبر الخبير الإخواني في الشئون الاجتماعية والاقتصادية, حيث شغل منصب وزير الخزانة للجماعة قبل الثورة وكانت ثروته تقدر آنذاك ب250 مليون جنيه مصري- أي44 مليون دولار- كما نقلت عن المحللين تأكيدهم أن هذا الترشيح يعكس قلق الإخوان من اقتناص أي قوي سياسية أخري للسلطة, وهو ما من شأنه إضعاف نفوذهم السياسي في المستقبل القريب. ولكن وكالتي رويترز وأسوشييتدبرس ركزتا علي قدرات الشاطر الإدارية الفائقة, مشيرة إلي أنه أدار شئون الجماعة وإمبراطوريته التجارية الضخمة من خلف أسوار السجن علي مدي12 عاما, حتي أنه تم انتخابه نائبا لمرشد الجماعة خلال فترة حبسه. ومن ناحيتها, وصفت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي قرار جماعة الإخوان المسلمين ترشيح المهندس خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة بأنه يزيد المخاوف لدي القوي الوطنية الأخري من أن تزداد قوة الإخوان لدرجة أكبر مما هي عليه الآن. وتحت عنوان الإخواني الشاطر.. والسلفي حازم أبو إسماعيل في سباق الانتخابات الرئاسية, أذاعت قناة فرانس24 الإخبارية الفرنسية تقريرا أشارت فيه إلي أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر رشحت خيرت الشاطر للانتخابات الرئاسية المقبلة لينافس بذلك المرشح السلفي حازم أبو إسماعيل ومرشحين آخرين منهم الأمين العام للجامعة العربية السابق عمرو موسي.
