لماذا لا يعلم المسئولون أن بعض تصريحاتهم قد تتسبب في إثارة حفيظة المصريين، ولماذا لا يدركون أن هناك متابعين و(جلادين) لا يرحمون ينتظرونهم.. جاهزين دائماً بالسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي من مثل هذا السقطات التي يخرج بعضها عن عمد وبعضها بتلقائية. فها هو رئيس وحدة إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء، يخرج علينا ليقول في إحدى القنوات، عقب ضبط مزرعة لتربية الحمير وذبحها وبيع لحومها للمواطنين: "إن لحم الحمير مثله مثل أي لحوم أخرى، وإذا كان هذا اللحم ملوثاً مثل اللحوم التي تذبح داخل المجازر بطريقة سيئة وغير نظيفة ومن دون الإجراءات الصحية السليمة سيقع ضرره على الإنسان.. لكن لو اتبعت الإجراءات الصحية السليمة في الذبح لن يكون له ضرر"!! ولم يكتفِ بهذا.. بل طمأن الأشخاص الذين تناولوا لحوم الحمير بأن عليهم ألا يقلقوا (فهم مش هينهقوا ولا هيحصلهم أي حاجة)، ولحوم الحمير يتناولها الكثير داخل الدولة منذ فترات طويلة نظراً لغياب الرقابة! هذا هو كلام المسئول.. ولنفترض جدلاً أن كلامه صحيح.. كيف يضمن لي (سيادته) أنها صالحة للاستهلاك الآدمي، وأنه لا توجد من بين اللحوم المذبوحة (الفريش) حمير نافقة؟ أليست لها أضرار ناجمة أيضاً وأثر تراكمي سيئ على من يتناولها ويضر بصحته، ومن الممكن أن يظهر أثر تلك اللحوم بعد فترة؟! ثم ألم يعلم بقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}. إن مثل هذا التصريح إنما يدل على (عجز) المسئولين أمام الأزمات الحقيقية، والمفترض أن يقدموا كلاماً سهلاً للخروج من المأزق، والتقليل من شأن الحدث ويخلوا مسئوليتهم ببساطة، فما الضير من أكل لحم الحمير التي اعتادها المصريون، اعتماداً على أن (معدة المصريين تهضم الزلط)!! وقس على هذا منظومة الغذاء عموماً ونسبة السموم بها، منها المذبوحات خارج المجازر، أو المصنعة في مصانع غير مرخصة، والأسماك والدواجن التي تكون في حالات تغير للخواص الطبيعية، ومن ثم تصبح غير صالحة للاستخدام الآدمي، أو غير مطابقة للمواصفات القياسية، أو فى حالة إذابة تامة، والنتيجة ارتفاع نسب الإصابة بأمراض خطيرة بين المواطنين. يكمن الحل من وجهة نظري في تفعيل دور الأجهزة الرقابية، ودور الطب البيطري، والشرطة، والأجهزة المحلية.. والعقاب الرادع للتجار الغشاشين معدومي الضمير دون إبطاء أو تسويف؛ لكي يأمن المجتمع ويرتدع الآخرون. ولكم كنت أتمنى أن أكون قاضياً في مصر، حتى أصدر حكمي على المسئولين عن هذا وأصحاب التصريحات (اللوذعية) بأكل لحم الحمير يومياً، لعل ضمائرهم تستيقظ! لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة