حرصت الأهرام علي مشاركة الشعب الليبي الشقيق احتفالاته بمرور عام علي ثورة17 فبراير من خلال إرسال بعثة إعلامية اهتمت بإلقاء الضوء علي أهم مدن غرب ليبيا لإبراز ما قامت به في إنجاح الثورة الليبية. وفي الحلقة الثالثة تستعرض البعثة زيارتها إلي مدينة الزاوية التي اعلنت مساندتها للثوار منذ يوم18 فبراير, وحوارات أجريت في طرابلس مع مجموعة من الشباب أكدوا خلالها أن أهم مكاسب الثورة هي الحرية وأنه لا سبيل للعودة للوراء. انتقلت بعثة الأهرام إلي موقع آخر من المناطق التي شهدت معارك كثيفة مع كتائب القذافي.. وهي' الزاوية' مدينة صغيرة علي حدود العاصمة طرابلس وكان لها دور كبير أثناء الثورة مما جعلنا نذهب إلي هناك لنعرف الدور الحقيقي لأهلها أثناء الثورة, وفور دخولنا إلي المدينة شاهدنا حجم الدمار الذي لحق بها جراء إشتباكات الاهالي مع كتائب القذافي. فمدينة الزاوية كان لها السبق في تلبية نداء المقاومة وأعلنت مساندتها لإخوانهم في مدينة بنغازي عندما تعرضوا لمجزرة علي يد كتائب الطاغية.وقاموا بمظاهرة يوم13 فبراير, قبل الثورة بحوالي4 أيام مطالبين بإصلاحات في المدينة وتحسين أحوال معيشتهم, وبالفعل تمت الاستجابة لهم وحضر رئيس الوزراء السابق ومجموعة من المسئولين وتم حل مشاكلهم والاستجابة لمطالبهم. وفي18 فبراير ومع بداية الثورة أعلنت الزاوية مساندتها للثوار ومشاركتهم فيها, وخرجوا في مظاهرات مطالبين بإسقاط النظام, فقام القذافي في اليوم التالي بضرب المتظاهرين وتفريقهم. وعندما وجه القذافي خطابه الشهير ضد المتظاهرين متهمهم بأنهم خونه وأنه سيطاردهم في بيت بيت ودار دار وزنقه زنقه, وهو الخطاب الذي كان موجها لأهالي الزاوية تحديدا علي حسب قول عبد المجيد عبد الله الخضراوي أحد ثوار ومفوض كشاف الزاوية, مؤكدا أن خطاب القذافي زاد من عزمهم علي الاستمرار والقتال حتي النصر. وقام القذافي بإصدار أوامره بحصار الزاوية من ثلاثة اتجاهات, حيث قاد خميس القذافي اللواء32 المعزز وحاصر المدينة من الناحية الشرقية, وكتيبة سحبان من الجنوب, وغربا كتيبة أبناء الخوالدي. وأسفر حصار المدينة عن سقوط54 شهيدا و120 جريحا. وأضاف الخضراوي أن القتال كان في البداية بسلاح خفيف ومع اشتداد القتال قام الثوار بالاستيلاء علي الأسلحة من مخازن الذخيرة التابعة للكتائب بالإضافة إلي الحصول علي أسلحة أخري من أقسام الشرطة.وفي18 رمضان تم تحرير الزاوية تماما من كتائب القذافي. وعن رأيه في تسليم الثوار لأسلحتهم قال إنه ضد تسليم سلاحهم الآن لأن الدولة مازالت في مرحلة إعادة الأمن, وفور استقرار الدولة وبناء مؤسساتها يمكن للثوار حينها تسليم أسلحتهم, ويؤكد الخضراوي أن الثوار بدأوا في الانخراط في أجهزة الأمن كما أن هناك مجموعة تلقت بالفعل دورات تدريبية في الأردن وتركيا. ويرفض الخضراوي فكرة الفيدرالية رفضا تاما مؤكدا أن الشعب الليبي لا يرضي بالفيدرالية أو بأي شكل لتقسيم البلاد لأن الثورة قامت لوحدة الشعب. وعلي الرغم من أعداد الشهداء والجرحي الذين سقطوا خلال الثورة إلا أن الأهالي يشعرون بالرضا والتفاؤل لمستقبل بلادهم, وهو ما لمسناه عندما توجهنا إلي منزل أحد الشهداء واستقبلنا والدا أخين شهيدين من نفس العائلة. والتقينا الحاج أبو محمد والد الشهيدين وهو من مواليد1946 وكان يعمل في الشرطة الليبية ولديه ستة أبناء شاركوا جميعا في الثورة واستشهد منهم إثنان في يوم واحد, ودعا أبو محمد زوجته لتحضر وتحكي كيف استشهد ولداها. في البداية قال أبو محمد أنه تم اقتحام منزله من قبل كتائب القذافي, واعتدوا علي كل من كان في المنزل حتي إن أحد جنود الكتائب سأل الطفل علي البالغ من العمر6 سنوات وحفيد الحاج أبو محمد عن السلاح الذي يخفيه والده فأجابه الطفل' نحن لا نملك أسلحة إنما أنتم من تملكونه', وقالت الحاجة أم محمد إنها تشعر بسعادة غامرة بالثورة وما تم فيها من تحقيق النصر وتحرير ليبيا, وعن دور النساء في الثورة قالت' كنا ندفع بالشباب ونغرس فيهم روح الجهاد والفداء لليبيا, ونحاول رفع روحهم المعنوية'. وأضافت أنها شعرت بالفخر يوم تحرير ليبيا وموت القذافي وأنها تحتسب أبنيها شهداء عند الله رغم قسوة فراقهما لها. ويحكي الحاج أبو محمد عن ظروف اعتقاله لأكثر من عشرة ايام, أنه تم حبسه في معتقل' أبوسليم' في غرفة مساحتها ثلاثة أمتار ومعه19 معتقلا أخر, وكانوا يعانون من شدة التعذيب من قبل كتائب الطاغية.ويرفض الحاج أبو محمد فكرة تقسيم ليبيا ويعتبرها جريمة, مؤكدا أنه أو أي ليبي حر علي استعداد للموت في سبيل وحدة ورفعة ليبيا.