ذات ليلة «مفترجة» كهذه ، وفي عز البرق الفضائي والرعد الفيسبوكي والحر الطقسي ، اشتعلت العوالم الإفتراضيىة بحدوتة المذيعة الثورجية التي تم إلغاء برنامجها على أحد القنوات الفضائية « أون تي في « ، وأصيبت النفوس بإعصار نفسي حاد ضرب سفن الحرية على المرافيء الثورية الداخلية ، وامتعض الغالبية مهمهمين « أومال فين الحرية» ! وجاء التطور الطبيعي للحاجة المغلية أن صرحت وأعلنت بكل عنفوان الأستاذة ريم ماجد عن أسباب منع برنامجها الإجتماعي الأخير «جمع مذكر سالم» بعد أن هرولت إليها الصحف الإلكترونية بحثاً عن السبق ال «سبايسي» ! وقالت نصاً « إن جهات سيادية ضغطت على إدارة القناة لإلغاء البرنامج ، وأنها مندهشة جداً لأنه برنامج اجتماعي « واندهش الجميع تباعاً ولم نعد نعرف سر الأرق الذي أصاب الست « جهات « طالما أنه بعيداً عن البولوتيكا والمقالب الأنتيكا ! وبعد تفكير عميق صاحبه مشاهد مؤثرة من فيلم «وااسلاماه» حين سمعت البطلة لبنى عبدالعزيز الشيخ الضرير «سلامة» وقد شت عقله بحثا عنها وظل يصرخ في الطرقات « إنتِ فين يا جهااااااات « وطلت عليه من نافذة القصر التي كانت تعمل به جارية – وهي تصرخ – « أنا هنا يا سيااااادة « ، حينها حلقت في سموات الخيال وتمنيت لو أن «جهات» تطل علينا معلنة عن نفسها لتنهي هذا الجدل العقيم . وتعرقل زناد فكري في تساؤل لوذعي : لو كان في جهات سيادية تملك القدرة على إيقاف برنامج على قناة فضائية خاصة لأحد رجال الأعمال ، فلما لم توقف بعض البرامج الأخرى التي تضر بمصالحها أكثر من «جمع المؤنث» ؟ لماذا لم تقمع «أبلة فاهيتا « مثلا وهي الأكثر انتقاداً وسخرية من النظام ؟ لماذا لم تخف بعض الإعلاميين الجهابزة الذين يورطون الحكومة والحاكم في كوارث أشد وطأة من «ريم» ! « زوار الفجر» ..» مصادر عليا» ..» الطرف الثالث « .. «جهات سيادية « كلها مفردات تتغير بفعل النزح العقدي والمرحلي ، فهل أصبحت من دواعي فخرنا كغيرها من الطفرات الثورية ؟ كالمزايدات من قبل البعض بالنزول الى الميدان او المشاركة في الثورة حتى وإن كان هناك بغرض إلتقاط صور سيلفي لرفعها على الفيس بوك ، أو البعض الآخر الذي يتباهى بأنه معتقل سابق ويكبرها على لافتة ضخمة يملأ بها شوارع «الدائرة» لتكون بمثابة عصا موسي التى ستمكنه من الفوز الساحق في الانتخابات البرلمانية – ربنا يدينا طولة العمر- ليصبح الفيلم الممنوع من العرض أو المقال الممنوع من النشر أو الكليب الممنوع ، يعني بإختصار كلمة «ممنوع» هي الكلمة السرية لتحقيق أعلى نسبة مشاهدة لدى شعب عظيم يتمتع بالفضول الأصيل ويهوى الإثارة والتشويق من أيام «أحمس» ورغم أن ادارة القناة أصدرت بيان تؤكد أن تأجيل البرنامج وليس وقفه جاء لدواعي ادارية تتصل بالخريطة البرامجية سعياً لتحقيق الربح من خلال نسبة المشاهدة والاعلانات ولم تذكر مطلقاً على الاطلاق ضغوط الست « سيادية « ! ربما يكون مفهوماً اذا افترضنا مبدأ تصالح المصالح .. ولكن من أين لنا أن ننتقد السياسات المؤخرة لأصحاب الفضائيات والبيزنس الخاص كونهم صنعوا تحالفاً غير مرئيا للضغط على الرئيس والحكومة ومحاولة إفشالهم ثم ننطلق على الجانب الآخر بإتهامهم بالرضوخ لرغبات «الجهات « المزعومة ... لقد وقعت في الفخ فلم أعد أعلم من مع من ضد من ؟ ولكن أحاول قدر المستطاع أن أُعمل عقلي فلا أرمح خلف الأشباح ، في زمن بات من المستحيل أن تكمم فيه الأفواه فضائياً أو شبكياً وغدت فيه العملية الإتصالية دائرية فلم تعد أحادية الإتجاه فلن تكون عزيزي القاريء دائما متلقي فقط لكنك أصبحت منتجاً أيضاً وهو الأهم .