الدستور هو أبوالقوانين, لذلك فإن كل دساتير العالم لا تتم سوي بالتوافق بين جميع أطياف المجتمع, باعتباره القانون الأساسي الذي سيحكم حركة الدولة في جميع المجالات, ويحمي الحقوق الأساسية للأفراد ومقومات المجتمع. وحتي في أعرق الديمقراطيات التي لا توجد بها دساتير مكتوبة فإن الأعراف الدستورية التي تحكمها جاءت نتيجة توافق كل مكونات المجتمع, وعبر سنوات طويلة من العمل العام وحركة تطور وضعت معايير محددة لكل شيء ولهذا ونحن علي اعتاب مرحلة تاريخية مهمة تؤسس لجمهورية جديدة في مصر, لابد أن نراعي مبدأ التوافق حول الدستور الجديد الذي سيحكم تلك الجمهورية, وهو توافق يبدأ من تشكيلة اللجنة التأسيسية المنوط بها وضع الدستور. والأهم من ذلك أن تؤمن جميع القوي السياسية خاصة صاحبة الأغلبية البرلمانية بأن أعضاء اللجنة التأسيسية لا يملكون احتكار كتابة مشروع الدستور وحدهم, ولكن مهمتهم الحقيقية هي إدارة حوار مجتمعي واسع بين جميع فئات المجتمع حول الأفكار والقيم والمحددات المطلوبة في الدستور, وإعداد الصياغة النهائية له علي هذا الأساس. إن من حق أي أغلبية برلمانية في العالم طرح مشروعات القوانين التي تراها مناسبة لتنفيذ برامجها, ولكن ليس من حقها الانفراد بكتابة الدساتير, لأنها أغلبية مؤقتة مهما استمرت بحكم أن الديمقراطية تعني التداول السلمي للسلطة, وقد تتغير قوي الأغلبية من انتخابات لأخري. والحل الوحيد الآن هو التمسك بالتوافق, وأن تدير اللجنة التأسيسية حوارا جديا بين الجميع.