اتفاق واحد ونسخ متناقضة..هذا هو اتفاق لوزان النووى الذى ما إن تم التوصل إليه حتى دبت الخلافات بشأنه.فعلى الرغم من وجود بيان مشترك واحد حول أبرز النقاط التى تم التوصل إليها بشأن برنامج إيران النووي، فإن الدول المشاركة فى الاتفاق وأبرزها الولاياتالمتحدةوإيران سارعت بإصدار بيانات منفصلة ومتضاربة البنود ، الأمر الذى دفع البعض إلى انتقاد اتفاق لوزان الغامض متهمين إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما والحكومة الإيرانية بالسعى لإصدار بيانات أحادية "دعائية" هدفها الترويج للاتفاق أمام المعارضين له فى كلا البلدين. ويعد بند العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإيرانية من أبرز الاختلافات التى ظهرت فى بيانى واشنطنوطهران، فقد أكد البيان الأمريكى أن العقوبات الاقتصادية على طهران سيتم رفعها بصورة"تدريجية" ووفقا لما تتخذه إيران من خطوات تجاه التزاماتها بشأن أنشطتها النووية. وفى المقابل، يشير البيان الإيرانى إلى أن العقوبات سيتم رفعها بالكامل فور توقيع الاتفاق النهائى المفترض التوصل إليه بحلول نهاية يونيو القادم.وقد اتهم وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف الإدارة الأمريكية بالكذب وتضليل الكونجرس والشعب الأمريكى بشأن اتفاق لوزان ، مؤكدا أنه اعترض على ما جاء فى البيان الأمريكي، وهدد باستئناف إيران لأنشطتها النووية على نفس مستواها إذا لم يحترم الغرب نصوص الاتفاق النهائى المرتقب. ثانيا: مسألة تخصيب اليورانيوم ومخزون اليورانيوم المخصب : يشير البيان الأمريكى إلى أنه محظور على إيران تخصيب اليورانيوم لمدة 15 عاما ، وأن طهران وافقت على خفض مخزونها الحالى من اليورانيوم المخصب من 10 الاف كيلوجرام إلى 300 كيلوجرام لنفس المدة الزمنية.بينما تتحدث إيران عن وقف للتخصيب لمدة 10 أعوام فقط ولم يشر بيانها على الإطلاق إلى مسألة خفض المخزون. ثالثا: أجهزة الطرد المركزى المتطورة فى مفاعل فوردو : وفقا للبيان الأمريكي، وافقت إيران على منع استخدام وتطوير أجهزتها الحديثة للطرد المركزى فى مفاعل فوردو لمدة لا تقل عن 10 سنوات وخلال تلك الفترة يمكن لإيران أن تجرى أبحاث "محدودة" على أجهزة الطرد المركزى ، فيما قامت طهران بحذف لفظ "محدودة" فى بيانها.كما أشار بيان فرنسا أيضا إلى أن إيران بمقدورها بعد 10 سنوات استخدام أجهزة الطرد المركزى المتطورة، وهو ما لم يذكره البيان الأمريكي. رابعا : تفتيش المنشآت النووية الإيرانية : تشير واشنطن إلى أن مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيمكنهم الدخول بشكل منتظم للمنشآت النووية الإيرانية فى حين تؤكد إيران أنها ستسمح بشكل "تطوعى ومؤقت" بتنفيذ بروتوكول إضافى للدخول إلى منشأتها النووية على سبيل إظهار الشفافية والثقة. خامسا : مفاعل أراك : يقول البيان الأمريكى إن طهران وافقت على تفكيك مفاعل أراك للماء الثقيل فى حين يؤكد البيان الإيرانى العكس قائلا إن المفاعل سيبقى بل سيتم تطويره. سادسا: يؤكد البيان الأمريكى أن طهران وافقت على اتخاذ إجراءات لطمأنة المجتمع الدولى بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووى وهو تعهد لم يذكره أى من البيانين الفرنسى أو الإيرانى أو البيانات بلغات أخري. وقد استغل معارضو الاتفاق فى إسرائيل والجمهوريون فى الولاياتالمتحدة، تلك التناقضات الكبيرة فى اتفاق لوزان لشن مزيد من الهجوم على الرئيس أوباما الذى بدا مصرا بشدة على إتمام "أى اتفاق" مع إيران قبل انتهاء فترة ولايته الرئاسية العام المقبل رغم كل الضغوط الداخلية والإسرائيلية. ويبدو أن أوباما أساء اختيار الملف النووى الإيرانى كإنجاز ينهى به فترته الرئاسية ، فهو ملف شديد التعقيد،ومواجهة مع دولة قوية تسعى بكل الطرق لتحقيق طموحاتها فى أن تصبح قوة مهيمنة على الشرق الأوسط.