جاء إعلان مجلس الوزراء برئاسة الدكتور كمال الجنزوري أخيرا عن فرض الحماية علي منطقة جبل الكامل كمحمية طبيعية بمثابة الأمل الذي ظل يراود علماء الجيولوجيا والطبيعة وعشاق التراث الوطني المتفرد, والقرار إنقاذ لواحد من أهم المواقع المتميزة ليس بمصر فحسب بل في العالم كله, بعد أن عثر فريق علمي مصري إيطالي منذ عامين علي أكبر فوهة في الأرض تنبئ عن ارتطام نيزك عملاق بالأرض في هذه المنطقة منذ آلاف السنين, كما عثر الفريق العلمي علي بقايا النيزك التي تتعرض بشكل دائم للسرقة من المغامرين وهواة جمع أحجار النيازك مما أدي إلي نشأة تجارة رائجة علي أحجار النيازك المسروقة من الأراضي المصرية ويرجع رصد الموقع للباحث الإتطالي فينشتيزو دي ميكيللي المنسق السابق لمتحف التاريخ الطبيعي بميلانو بعد تحليله لصور التقطها برنامج: جوجل إيرث;, وشهد عام2010 اكتشاف الموقع بواسطة بعثة جيولوجية مصرية ايطالية مشتركة ضمت كلا من الأساتذة الدكاترة محمد الشرقاوي عميد كلية العلوم جامعة القاهرة السابق وأحمد نيازي البرقوقي أستاذ الجيولوجية بذات الكلية والدكتور علي بركات بهيئة المساحة الجيولوجيا وفريق بحثي من معهد الأرصاد الفلكية والجيوفيزيقية( مرصد حلوان) ومعهم فريق الباحثين الإيطاليين. ويقول الدكتور محمد الشرقاوي- أستاذ الجيولوجيا وعميد كلية العلوم بجامعة القاهرة السابق:- يقع جبل كامل شرق العوينات في شمال شرق الوادي الجديد, علي بعد2 كيلو شمال الحدود مع السودان, والنيزك المكتشف يزن10 أطنان, ويتركب من90% من الحديد و10% نيكل, وقد تحرك من منطقة الكويكبات الموجودة بين كوكبي المشتري والمريخ, وكانت سرعته قبل الارتطام بالأرض12 ألف كيلو متر في الساعة, ونتج عن الاصطدام صخور نيزكية تم جمع850 كيلو جرام منها, حجم أكبر صخرة83 كيلو جراما, وبالنظر للحفرة التي خلفها الارتطام بالأرض نجد أنها واحدة من15 حفرة فقط تنتشر علي سطح الأرض, إلا أنها تتميز دونها جميعا بعدة مميزات, منها أن الحالة البيئية التي توجد عليها الآن جيدة جدآ علي خلاف الحالات التي توجد عليها قريناتها في جميع أنحاء العالم ومكوناته المعدنية تشكل العناصر الأساسية لمركز الأرض وكواكب المجموعة الشمسية, لذا فإن دراسة تلك المكونات لها أهميتها العظمي في دراسة تراكيب باطن الأرض والكواكب. ويضيف الدكتور علي عبد الله بركات- بهيئة المساحة الجيولوجية أن هذا النيزك قد ارتطم بالأرض في فترة تتراوح بين2000 و5000 سنة من وقتنا الحالي, والدلائل تؤكد أن الارتطام كان بزاوية ميل ولم يتخذ الوضع العمودي, وولدت عملية التصادم مع الأرض ارتفاعا هائلا في درجة الحرارة وتولد ضغط عالي أديا الي تحطم النيزك وتبخر جزء كبير منه, وتناثرت آلاف القطع النيزكية منه بالمنطقة, وعموما نيزك وفوهة جبل كامل تعد من أهم الظواهر الجيولوجية الفلكية علي أرض مصر, لذا يجب حماية وصون تلك الفوهة باتخاذ جميع التدابير والاحتياطات اللازمة للحفاظ عليها وكيفية التعامل معها, وكيفية إدارة الموقع وحمايته من الأنشطة الجائرة وعمليات التجريف التي قد تتم بالقرب من المنطقة. ويقول الدكتور أحمد نيازي البرقوقي- أستاذ الجيولوجية بجامعة القاهرة:- إن موقع نيزك جبل الكامل هو نموذج يؤخذ كمرجع للعالم كله, والأشياء الوحيدة المشابهة لهذا الموقع لاتوجد علي أي بقعة من سطح الأرض بل موجودة فقط علي سطح كوكب المريخ أو سطح القمر وهذا ما يبرز الأهمية العظمي لموقع نيزك جبل الكامل, وعلي الصعيد المحلي هو الموقع المصري الوحيد المسجل لسقوط نيزك فوقه, وتتوافر كل الأدلة التي تؤكد هذا السقوط ومنها جسم النيزك نفسه, وكذلك فوهته التي نتجت عن ارتطام النيزك بالأرض, أي أن كل المواصفات متوافرة, وعندما اصطدم بالأرض نتج عن الارتطام فوهة بعمق16 مترا وبقطر45 مترا, ويصنف هذا النيزك من الانواع صغيرة الحجم. وإذا كان الإعلان في حد ذاته خطوة إيجابية, ولكنها في الوقت ذاته ليست كافية أو كل ما نطمح إليه لحماية المحمية, وذلك لعدم وجود سيطرة أو حراسة عليها, فالموقع بمنطقة بعيدة جدآ ويتوافد عليه أجانب ورواد السياحة إلي جانب محترفي تجارة الأحجار النادرة, والسائح يذهب إلي هناك بشكل قانوني بعد الحصول علي التصاريح اللازمة وكذلك المصريون, ولا أحد ينكر أن هناك مرافقين من المرشدين السياحيين والأمنيين الذين يؤمنون سلامة الموقع من العبث, ولكن هناك احتياطات يجب أن تطبق في الزيارات فالموقع ليس مجرد عينات نيزكية, بل يجب حفظ الظواهر والتراكيب من التدمير, فالسيارات يجب أن تقف علي مسافات كبيرة وكذلك عمليات الحفر والمطلوب أن تتضافر جهود قوات حرس الحدود والمخابرات الحربية مع وزارة البيئة لتحقيق تلك الحماية من خلال آلية محددة ودقيقة.