قال أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي إنه أمام القمة مشروع قرار مهم يتعلق بإنشاء قوة عربية مشتركة، ويُمثّل هذا القرار تطوراً تاريخياً يرتقي بمستوي العمل العربي المشترك، ويُعبّر عن الإرادة الجماعية في صيانة الأمن القومي العربي. وأضاف في كلمته أمام القمة العربية ال 26 :» نأمل أن يتم الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ، ولتكون هذه القوة علي أهبة الاستعداد للاضطلاع بالمهام المُلقاة علي عاتقها في مواجهة التحديات التي تواجه أمن وسلامة الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية والأمن القومي العربي برُمته. وتابع: «التدابير الفورية المطلوب اتخاذها في إطار المواجهة الشاملة مع الإرهاب والتطرف لا تقتصر علي الجوانب الأمنية والعسكرية، علي أهميتها، بل تستدعي أيضاً اتخاذ إجراءات لا تقل أهمية، وتشمل النواحي الثقافية والفكرية والأيديولوجية والإعلامية والمجتمعية الحاضنة والمُنتجة للتطرف والإرهاب بمختلف أشكاله وصوره». وأوضح أن هذه الجهود يجب أن يرافقها مواجهة حقيقية مع أنفسنا، ووقفة صادقة مع المرجعيات الفكرية، فلا يمكن اجتثاث آفة الإرهاب ما لم نجتثه من العقول والقلوب والكُتب والمعاهد والمساجد. كما أنه لا يمكن اجتثاث الإرهاب ما لم نضع برامج فعّالة لخفض الفقر ورفع مستويات المعيشة والرفاهة للمواطنين، وخلق فرص وبدائل إيجابية أمام الأجيال الشابة ليكون لها أمل في غدٍ أفضل. وقال:»إننا نتحمل جميعاً مسئولية كبري أمام الأجيال القادمة، فالقرارات التي تُتخذ اليوم سيكون لها آثار مهمة علي مُجمل قضايانا المصيرية ومستقبل الشعوب العربية«. «لقد نشأنا جميعاً علي حلم الوحدة العربية، وحدة التاريخ ووحدة المصير المشترك. واليوم يشعر شبابُنا بأن عالمنا العربي لم يُحقق كل هذه الأماني، ويُلقي باللوم حيناً علي قادته، وحيناً علي تآمر الأعداء». واستطرد العربي قائلا: «واليوم، يضعنا التاريخ أمام الاختبار الحقيقي الذي وُضع فيه الجيل الذي سبقنا، ومن جديد، علينا الوقوف معاً ومواجهة هذا التحدي المصيري، فنحن أمة واحدة، تلك حقيقة ثابتة، إن أردنا لدولنا ومجتمعاتنا النجاة من الأخطار التي تهدد بقاءها، وتمكينها من ارتياد آفاق المستقبل ومواكبة روح العصر بثقة واقتدار». وتابع العربي قائلا : «العالم العربي يتغير بسرعة وبعمق، وهذا التغيير لابد أن يطول الجامعة العربية، الامر الذي حرصتُ علي تأكيده منذ بداية مهمتي في يوليو 2011، فإمّا أن نجعل من الجامعة أداةً للتغيير المسئول، أو نتركها للتيار العارم يجرفها في طريقه. وهنا تكمن ضرورة إعادة النظر في أداء الجامعة وبنيتها ومؤسساتها، إن أردنا لها مواكبة المتغيرات التي يشهدها العالم العربي«. وأضاف أن العالم العربي يواجه ، ومنذ نشأة جامعة الدول العربية قبل سبعين عاما،ً تحديات جساماً، شهد خلالها العديد من محاولات التدخل في شئونه الداخلية وتهديد سيادة الدول، وتعرضت عدة دول للعدوان، بل وللاحتلال في بعض الأحيان، وفي مواجهة كل هذا، تضامنت الدول العربية ونسّقت جهودها قدر استطاعتها ووفقاً لما سمحت به الظروف المتاحة. وحول التطورات المتسارعة في اليمن ، قال العربي إن عملية «عاصفة الحزم» التي بادرت بها المملكة العربية السعودية وأشقاؤها في التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن، تُطلِقَ مقاربةً جديدةً للتعامل العربي الجماعي الفعّال مع التهديدات الخطيرة التي تواجه الأمن القومي وسلامة واستقرار الدولة الوطنية العربية بمختلف مكوناتها. وأُعرب عن التأييد التام لهذه المبادرة، باعتبارها إجراء لابد منه من أجل حماية أبناء الشعب اليمني وحكومته الشرعية، والتي جاءت استجابةً لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، بعد فشل جميع الجهود التي بُذلت من أجل وضع حد لتمادي جماعة الحوثيين وانقلابهم علي الشرعية اليمنية. وقال إن تداعي سلطة الدولة، وتفتت المجتمع واقتتال فئاته، تمثل خطراً داهماً لا يعادله خطر آخر، وهو ما نشهده اليوم في سوريا التي يدخل النزاع فيها عامه الخامس، حيث تداعت ركائز الدولة وانهارت مقوماتها الوطنية، وحول الأزمة السورية ، أكدأنها تُشكّل التهديد الأكبر للأمن القومي العربي. وبكل أسف، لم يتمكن المجتمع الدولي من إيجاد حلٍ لهذه الأزمة يكفل إعادة الاستقرار والأمن، ويُلّبي طموحات الشعب السوري في الحرية والتغيير السلمي والديمقراطية. وعلي صعيد القضية الفلسطينية، قال العربي إنه: »في خضم كل ذلك، كانت القضية الفلسطينية دائماً، ولا تزال، تُشكّل التحدي الأكبر والأخطر، فالمنطقة العربية علي اتساعها لن تنعم بالسلم والاستقرار والأمن إذا استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومادامت الجهود الدولية المبذولة لمعالجتها ما تزال تراوح مكانها، الأمر الذي يتطلب تبني مقاربة جديدة تهدف إلي تحقيق الحل الشامل والدائم والعادل، المستند إلي مبادرة السلام العربية وإلي قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقرار حل الدولتين، وإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. و قال إن فرص تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة تتضاءل، ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني يتعرّض لأفدح المخاطر إذا لم يتحمل العرب والمجتمع الدولي ويتحمل مجلس الأمن المسئولية لوقف مسلسل المفاوضات العبثية، ودفع إسرائيل إلي إقامة حل الدولتين ووفق جدول زمني مُحدّد، وآلية تضمن الالتزام بالتنفيذ، وذلك تحت الإشراف المباشر لمجلس الأمن، باعتباره يتحمل المسئولية الرئيسية في المحافظة علي السلم والأمن الدوليين. وحول ليبيا ، قال العربي في كلمته إن الدولة الليبية تمر في خضم حالة من الفوضي والاضطراب، ولا تزال المحاولات المبذولة والرامية إلي وضع الأزمة الليبية علي مسار الحل السياسي تصطدم بالعديد من العقبات والصعوبات، ونرجو أن يتم التوصل إلي حل قريب يعيد بناء المؤسسات ويحفظ لليبيا وحدتها وسيادتها وسلامتها الإقليمية.