لأن الترجمة هي أهم شرايين انتقال المعرفة والإبداع بين الشعوب ، خصص مهرجان القاهرة الأدبي لها جلسة في بيت السناري تحت عنوان «ترجمة الأدب العربي ... المعوقات والآفاق», استضاف فيها المترجم الأمريكي همفري ديفيز والشاعر أحمد الشهاوي والكاتب حمدي الجزار، وأدار الندوة الدكتور أنور مغيث. وخلال اللقاء أكد همفري أن هناك اهتماما حقيقيا من جانب دور النشر الأجنبية لنقل الأعمال الإبداعية العربية من عصر ما قبل الإسلام و حتى القرن العشرين. وقال: سندخل ذات يوم مكتبة في لندن أو نيويورك فنرى أكثر من رف عن الأدب العربي القديم. وأوضح أن هناك معوقات أمام المترجمين الغربيين الذين يحاولون نقل الأدب العربي, أبرزها صعوبة الإقامة في الدول العربية حتى يستطيعوا فهم البيئة التي يترجمون عنها، بالإضافة إلى عدم توافر القواميس الخاصة بمصطلحات اللغة العربية الجديدة. هذا فضلا عن أن العائد المادي للترجمة ليس مربحا بدرجة كافية لتغطية كل هذه النفقات التي يحتاجها المترجم.. وأشار إلى أن ثمة سلسلة جديدة بدأت تظهر في جامعة نيويورك منذ خمس سنوات لترجمة الأعمال الكلاسيكية العربية, في طبعات تحتوي على النص المتوازي النص العربي في صفحة يقابله النص الإنجليزي فى الصفحة المجاورة. من جانبه، انتقد الشاعر أحمد الشهاوي بعض الأدباء العرب الذين فضلوا الكتابة باللغات الأجنبية بدلًا من اللغة العربية، اعتقادًا منهم أنهم بذلك سيصلون للعالمية أسرع. وأضاف أننا في العالم العربي نفتقر إلى خطة مدروسة لترجمة أعمالنا الأدبية للغات الأجنبية . واعتبر أن الترجمة في مصر تقوم على المجاملات والمزاج الشخصي، ودعا إلى تبني تجربة البرتغال مع أديب نوبل «جوزيه ساراماجو»، إذ انتبهت هذه الدولة أن ليس بها كاتب حاز على جائزة نوبل في الأدب، فقامت على مدى 10 سنوات، بنشر أعمال ساراماجو في مختلف اللغات حتى عرفه العالم.. وأضاف أن هناك أعمالا مترجمة لكتاب عرب في الخارج، لكنها لا تخرج عن أسوار الجامعات، وانتقد احتكار الجامعة الأمريكيةبالقاهرة لترجمة الأدب العربي للغات الأخرى ملقيا المسئولية على الدولة المصرية التي ابتعدت عن حركة الترجمة، ومتسائلًا: لما لا تكسر الدولة المصرية احتكار الجامعة الأمريكية وتصبح لدينا مؤسسات أخرى تحفظ كرامة الكاتب العربي؟ من جانبه قال مغيث إنه أعلن من قبل, في أحد فعاليات الترجمة في الخارج، أنه مستعد لدفع حقوق الملكية الفكرية لأي كتاب مصري، بشرط وجود ناشر يتحمس له، مشيراً إلى ضرورة أن تنشط مراكزنا الثقافية في العواصم العالمية لترجمة الكتب العربية، قائلاً إننا ننسحق أمام الآخر فنحن نترجم عنهم ولا ينقلون عنا، فمثلاً المركز القومي للترجمة ترجم 500 كتاب، وتُرجم عنا 5 فقط!. وفي كلمته أشار الروائي حمدي الجزار إلى أن إسهام الثقافة العربية في العالم أصبح مضمحلاً، بل اندثر. وما يتبقى لنا هو جزء الآداب والفنون, فهي الإضافة الوحيدة التي مازالت مستمرة في الحضارة الإنسانية، وفن الرواية العربية بالتحديد. وأكد أن ترجمة الأدب العربي فرض عين على حكومات الدول العربية، التي تريد أن يكون لمصر والعرب إسهام قوي في الحضارة الإنسانية..