يبدو أن تماثل فصيلة دم الرجلين كان سببا في تماثل روح الوطنية التي تجري في عروقهما فباتا يتصرفان ككائن واحد همه الأول والأوحد هو إستعادة بلدهما لمكانتها كقوة عظمي عالمية وهو مانجح فيه وبقوة الصديقان فلاديمير بوتين وديميتري ميدفيديف. رغم فارق الخبرة والعمر بينهما والأهم من ذلك أن ذلك النجاح تم رغم محاولات الغرب دق الأسفين تلو الأخر بينهما علي امل ان ينفصلا ويتصارعان لتكون النتيجة عودة روسيا إلي حقبة الضعف والتخلف التي عاشتها عندما تولي بوريس يلتسين رئاستها بين عامي1991 و2000بعد تفكك الإتحاد السوفيتي السابق. ففي درس جديد في الوطنية أحجم الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف عن خوض الأنتخابات الرئاسية مؤخرا رغم ان الدستور يكفل له ذلك كما ان إستطلاعات الرأي لم تكن تظهر وجود فارق كبير في شعبيته عن شعبيه أستاذة وملهمه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين ولكن الرجل فضل مصلحة بلاده وافسح الطريق لبوتين للعودة غلي الكريملين رئيسا بينما يتولي هو رئاسة الحكومة حتي يكمل الأول وبمساعدته مسيرة إستعادة روسيا العظمي. ففي الوقت الذي كانت فيه استطلاعات الرأي تشير إلي أن ميدفيديف يحظي بنسبة قبول تصل إلي62 في المائة, في حين أن النسبة التي حصل عليها بوتين تصل إلي68 في المائة وقف مدفيديف ليقول للصحفيين إن' الطموح الرئاسي بالنسبة لي هو عندما يكون ذلك في مصلحة الوطن والشعب'. وأضاف:' لذلك بدوري أسأل سؤالا آخر:' هل يجب أن يتنافس علي الرئاسة المنسجمون في الراي والموقف السياسي؟ أري أنه من المفروض أن يتم التنسيق بين الناس الذين تجمعهم قوة سياسية واحدة وأن يوزعوا الأدوار القيادية فيما بينهم.' وقال:' من الجميل الاعتراف بأن الرئيس يتمتع بثقة كبيرة, لكن من جهة أخري, فإنني أنبه إلي أن بوتين حاليا هو أكثر شخصية سياسية قيادية في بلادنا وتصنيفه أكبر بكثير. غالبا ما كانوا يتوقعون منا الخلاف والانقلاب.' وحكم بوتين(58 عاما) وميدفيديف(46 عاما) جنبا إلي جنب منذ اضطر بوتين بموجب الدستور الي ترك الرئاسة عام2008 بعد أن قضي ولايتين متعاقبتين وهو الحد الأقصي المسموح به. والحقيقة ان إنجازات روسيا منذ عام2000 عندما تولي بوتين رئاستها قبل أن يتسلم ميدفيديف المنصب منه في2008 محل فخر لكل روسي حيث أنخفضت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر إلي مجموع السكان في روسيا من29 في المائة في عام2000 إلي12 في المائة حاليا و وتقلص الدين العام الخارجي إلي2.5% من الناتج المحلي الإجمالي كما أن الاقتصاد الروسي ينمو بنسبة4.2 في المائة في حين ينمو الاقتصاد الأوروبي بنسبة تزيد قليلا عن1% وانخفضت معدلات التضخم في روسيا من30% في عام2000 إلي ما يزيد قليلا عن6% هذا العاموطبقا لأحصائيات مؤسسة ميريل لينش الأمريكية للتصنيف المالي فقد نجح بوتين في مضاعفة الدخل القومي الروسي ثلالث مرات بين عامي2002 و2006 حيث أرتفع من340 مليار دولار إلي984 مليار دولار وبلغ معدل النمو الأقتصادي7% في2007 وتزامن ذلك مع حدوث نمو سريع في الأحتياطي النقدي حيث وصل لحوالي500 مليار دولار في عام2011 وكان قد وصل لحوالي600 مليار في عام2008 وقبل تفجر الأزمة المالية العالمية. وتشير السنوات الأربع الماضية إلي أن الرئيس ميدفيديف لم يخرج عن الخط الذي سلكه قبله بوتين, خاصة أن بوتين دعم بقوة ترشيح ميدفيديف لكرسي الرئاسة وبالتالي لم تؤثر الصورة السلبية, التي رسمها ساسة الغرب وروجتها وسائل الإعلام الغربية, في الناخبين الروس; لأن بوتين يعد- بالنسبة لغالبية الروس- زعيما منقذا من حالات الانهيار والخراب الاقتصادي والسياسي والاجتماعي, التي عرفتها روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق, خصوصا خلال عهد بوريس يلتسين, حيث تراجع الناتج الإجمالي الروسي إلي أكثر من النصف خلال الفترة الممتدة من1991 إلي2000 ووصلت روسيا في عهده إلي حافة الانهيار والإفلاس; نظرا للأزمات الاقتصادية والمالية التي عصفت بها خلال فترة التسعينيات من القرن العشرين وأدت إلي تخريب الاقتصاد الروسي وإذا نظرنا إلي تاريخ بوتين وميدفيديف فنجد انهما دائما ارتبطا سويا بلعبة الكراسي الموسيقية فقد تخرج كل من ميدفيديف وبوتين من نفس الكلية والجامعة, وهي كلية الحقوق بجامعة لينينجراد فتخرج ميدفيديف عام1990, بينما تخرج بوتين منها عام1975 م. وكان ميدفيديف قد شغل منصب مستشار قانوني للجنة العلاقات الاقتصادية بيترسبرج عندما كان بوتين رئيسا لها, كما شغل منصب نائب رئيس الجهاز الإداري للحكومة, عندما كان بوتين رئيسا للحكومة الروسية, ثم نائبا لرئيس ديوان الكرملين وذلك عند تولي بوتين رئاسة روسيا بالوكالة, كما ترأس ميدفيديف الحملة الانتخابية لبوتين عندما خاض الأخير انتخابات الرئاسة عام2000 م, وفي عام2002 تم تعيينه من قبل بوتين رئيسا لمجلس إدارة شركة' غاز بروم' الروسية, وفي عام2003 تولي ميدفيديف رئاسة ديوان الكرملين, وفي عام2005 عينه بوتين نائبا أول لرئيس الوزراء, ومن هنا نجد أن تماثل فصية دماء الرجلين صاحبها التشابه في أشياء كثيرة أهمها علي الأطلاق الأخلاص للوطن وعدم تفضيل المصلحة الشخصية علي المصلحة العليا وهو ماصنع المعجزة الروسية الجديدة والتي أعادت الروس إلي خريطة العالم.