وقعت مصر قبل أيام اتفاق تفاهم مع روسيا حول إنشاء محطة نووية لإنتاج الكهرباء، تتمتع بأعلى مستويات الأمن والسلامة، الأمر الذي يمثل خطوة مهمة لمواجهة الاستهلاك المتزايد من الكهرباء، المتوقع أن تصل نسبته إلى 2% سنويا، مع نضوب الوقود الاحفورى على مدي الثلاثين عاما المقبلة، مما يجعل الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة، والطاقة النووية، أحد الحلول المهمة لتلك المشكلة. يشير الدكتور مجدى عبدالله الأستاذ المتفرغ بهيئة الرقابة النووية إلى أن محطات القوى النووية عبارة عن محطات قوى حرارية يكون فيها مصدر الحرارة هو المفاعل النووى الذى يستخدم اليورانيوم المخصب كوقود، وهى مثل كل محطات القوى الحرارية تستخدم الحرارة لتوليد البخار الذى يحرك التوربين المتصل بالدينامو، الذى ينتج بحركته الكهرباء.وطبقا لآخر إحصائيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى 2014 فإن هناك 435 من مفاعلات توليد القوى تعمل فى 31 دولة لإنتاج الطاقة الكهربية، وعادة ما تكون تكلفة الوقود جزءا صغيرا من تكلفة إنشاء المحطة النووية .وفى منطقة الشرق الأوسط تُعد الإمارات أول دولة فى المنطقة تعمل الآن على بناء وحدتين من الأربع وحدات التى سوف تشملها المحطة النووية الأولى بقوة 1450 ميجا وات للوحده، وستكون مصر الدولة الثانية.. بعد أن شهد الرئيسان السيسى وبوتين توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء أول محطة نووية فى مصر بقدرة 4800 ميجاوات مولدة من أربع وحدات تتمتع بأعلى مستويات الأمن والسلامة، طبقا لتصريح سيرجي كيريينكو رئيس شركة (روس اتوم) المتخصصة فى بناء المحطات النووية، الذى وقع الاتفاقية عن الجانب الروسى، معتبرا أن بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر سيكون مشروعا متكاملاً، مع إقامة وحدات تحلية مياه البحر، وهو أمر مهم جدا لمصر، مضيفا أن روسيا مستعدة لبناء محطة الطاقة النووية فضلا عن تزويدها بالوقود، وتدريب المتخصصين . ويضيف الدكتور مجدى أن توليد الكهرباء باستخدام الطاقة النووية سوف يقلل كمية الطاقة المولدة باستخدام الوقود الاحفورى مما يقلل من انبعاث الغازات الدفيئة مثل غاز ثانى أكسيد الكربون وغيره، مشيرا إلى أن استهلاك الوقود الاحفورى يفوق كثيرا إنتاجه، وأنه فى المستقبل سوف تجف منابعه، وترتفع أسعاره. كما أن المخزون منه يوجد فى مناطق النزاعات العسكرية وغير المستقرة سياسيا، ومن ميزات المحطات النووية لانتاج الكهرباء أن كمية قليلة من الوقود (اليورانيوم) تعطى كمية كبيرة من الطاقة، وأيضا توفر تكاليف الاستخلاص والنقل لنجد أن تكاليف الوقود النووى تمثل 20% من تكاليف الطاقة المولدة، وأيضا كمية اليورانيوم المستخدمة لإنتاج كمية معينة من الطاقة صغيرة جدا بالمقارنة بالكميات الضخمة من الوقود الاحفورى ذات التكلفة العالية فى الإنتاج والنقل والمستخدمة لانتاج نفس الكمية من الطاقة. ويؤكد أن استخدام الطاقة النووية هو الحل لتلافى عيوب الطاقة المتجددة مثل عدم استمرار ساعات سطوع الشسمس وهبوب الرياح، كما أن التوسع فى بناء المحطات النووية سوف يقلل من الاستهلاك المتزايد للوقود الاحفورى ليقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة التى سوف تقلل بدورها من درجة حرارة الأرض وتغيرات المناخ مما يحسن من نوعية الهواء، ويجعلها صديقة للبيئة . وعن توافر معامل الأمان فى المحطة النووية يشير الدكتور مصطفى عزيز أستاذ هندسة المفاعلات بهيئة الرقابة النووية إلى أن المفاعل الروسى(VVER) الذى تم التعاقد عليه لإقامته فى منطقة الضبعة بقدرة 1200 ميجاوات يختلف عن المفاعلات الأخرى.. فهو من النوع الذى يعمل بالماء المضغوط، كما تشمل المحطة أربعة مفاعلات ستضيف لشبكة الكهرباء نحو 4800 ميجاوات، وتلك النوعية من المفاعلات تنتشر فى بلغاريا، والصين، والتشيك، وفنلندا، والهند، وسلوفاكيا، وأوكرانيا، وروسيا الاتحادية. ويوضح أن هذا النوع تم تطويره ليحتوى على نظام مكون من أربع دوائر تبريدية توجد جميعها داخل مبنى على شكل حاوية يحتوي على نظام رذاذات مائي لكبح البخار، وتخفيف الضغط داخل المبنى في حالة التسرب الداخلي للبخار. وقد أصبح من المتاح في تصميمات مفاعلات الVVER تركيب أنظمة للتحكم التلقائي، وأنظمة للأمان الغيابي، وأنظمة للاحتواء الذاتي بما يتفق مع الجيل الثالث من تصميمات المفاعلات الغربية، كما أن هناك جملة من الخصائص التي تُميز هذا المفاعل عن بقية مفاعلات الماء المضغوط الأُخرى، وهي الوضعية الأُفقية لمولدات البخار، والشكل السداسي لمجموعات قضبان الوقود، وأن السعة المائية عالية للضاغط، مما يتيح كمية ماء احتياطية أكبر للتبريد، وعمرا تشغيليا متوقعا يقرب من 60 عاماً يقضي منها فترة ست سنوات متقطعة لأغراض الصيانة وإعادة التزود بالوقود (أي بمعامل كفاءة تشغيلية 90%). وعن أهم ملامح الأمان الخاصة بالمفاعل يشير مصطفى عزيز إلى أنه تمت إضافة نظام إزالة الحرارة الغيابي، الذي يحتوي على منظومة تبريد وخزانات مائية موضوعة في أعلى قبة المفاعل. وتضمن هذه الأنظمة الغيابية استمرار تأدية كل وظائف الأمان النووي لفترة مقدارها 24 ساعة وأمان قلب المفاعل لمدة ثلاثة أيام، كما أنه من أنظمة الأمان الأخرى القدرة على تحمل اصطدام طائرة تجارية بمبنى المفاعل، ووجود مصيدة للمواد المنصهرة إذا ما حدث انصهار لقلب المفاعل كما في حالات الحوادث الحادة.