تشهد المانيا جدلا غير مسبوقا حول كيفية التعامل مع مصر خلال الفترة المقبلة خاصة بعد أن تسببت قضية المنظمات الأجنبية ومن بينها منظمة كونراد اديناور الألمانية في تعكير صفو العلاقات بين البلدين, وللتعرف علي التقييم الألماني الرسمي لهذه العلاقات وخاصة علي الصعيد الإقتصادي والتنموي التي تمثل اهمية بالغة لمصر خلال هذه المرحلة كان هذا الحوار مع ديرك نيبل وزير التعاون الإقتصادي والتنمية الالماني الذي كان احد الوزراء القلائل الذين زاروا مصر مرتين منذ الثورة وهذا هو نص الحوار: تسببت قضية المنظمات الأجنبية ومن بينها منظمة كونراد اديناور في إنتقادات المانية غير مسبوفة لمصر فهل ستؤثر هذه القضية علي التعاون الإقتصادي بين مصر والمانيا مستقبلا؟ الحكومة الالمانية تأسف للتطورات الجارية في مصر وكررت مرارا انها تعتبر الإتهامات الموجهة لكونراد اديناور لا أساس لها وغير مقبولة بالمرة, وانه من وجهة نظرنا يجب وقف هذه المحاكمات في اسرع وقت ممكن وإلغاء هذه الإتهامات. واقول أن المؤسسات السياسية الألمانية والمنظمات غير الحكومية تسهم بشكل أساسي في بناء الديمقراطية في مصر, لذلك نراقب بدقة تطورات القضية ونأمل في أن تتمكن المؤسسات من ممارسة نشاطها بشكل بناء وبدون تدخلات. اما بالنسبة لأوجه التعاون التنموي الأخري مع مصر فإنها تعتمد علي ما ستقوم به مصر من خطوات إصلاحية بإتجاه الديمقراطية ودولة القانون. بعد ثورة يناير طالبت الألمان بقضاء إجازاتهم في مصر من جديد نظرا لما يمثله قطاع السياحة من اهمية وإعتماد ملايين المصريين عليه ولكن رئيس لجنة السياحة في البوندستاج الألماني فاجأنا بدعوته الالمان عدم السفر إلي مصر, عقابا لها علي قضية التمويل ولوجود إنتهاكات في حقوق الإنسان, فما رأيك؟ هذا الكلام ليس صحيحا فرئيس لجنة السياحة كلاوس بريميج اوضح انه لم يدعو ابدا لمقاطعة السائحين لمصر او لأي دولة أخري. ومن وجهة نظري فأنه لابد ان تسير الأصلاحات السياسية وإجراءت دعم الإقتصاد بشكل متواز, فالمصريون نزلوا إلي الشوارع في العام الماضي للمطالبة بالحرية والكرامة وايضا لحاجتهم الإجتماعية, وبدون إنتعاش إقتصادي في رأيي لن يكون هناك تطور ديموقراطي. ونتفق جميعا علي اهمية قطاع السياحة بالنسبة لتشغيل المصريين وقد عاني للاسف منذ الثورة بشكل خاص. لذافإن مصر تسعي كشريك رسمي هذا العام للمعرض السياحي الدولي في برلين لإستعادة ما فقدته في هذا المجال, وهناك تعاون بيننا وبين مصر علي الصعيد التنموي منذ عام2006 من اجل تطوير السياحة المستدامة في إطار مبادرة النجمة الخضراء وانا علي قناعة بأن مصر ستستعيد مكانتها كمقصد جذاب سواء لسياحة الشواطئ او السياحة الثقافية عندما تستقر الاوضاع السياسية والإقتصادية. هناك إنطباع لدي كثير من المصريين بأن الدعم الإقتصادي الألماني لمصر في عهد النظام السابق يفوق الدعم الألماني لمصر بعد الثورة وفي هذه المرحلة الصعبة ولا يرقي لمستوي التحول التاريخي الذي تشهده مصر حاليا.. المانيا سارعت بعد الثورة بإتخاذ إجراءات فورية لدعم التحول الديمقراطي في مصر وتونس واعطينا اولوية لإجراءات كثيرة في مجالات رئيسية كتشغيل الشباب ودعم الديمقراطية والإقتصاد والإعلام فمثلا هناك إتفاق مع غرفة التجارة الالمانية المصرية في القاهرة لدعم2100 شركة عضوة بها من اجل توفير فرص لتشغيل الشباب وتدريبهم. وحتي الآن إتخذت الحكومة الالمانية حزمة كبيرة من الإجراءات الإضافية بدون ان تقلص التعاون الساري بالفعل بين البلدين. واشير هنا إلي إعلان المستشارة الألمانية في مايو الماضي في إطار شراكة دوفيل بدعم عملية التحول الديمقراطي في مصر وتونس من خلال مبادلة ديون قيمتها300 مليون يورو, ولا اعرف دولة اخري حصلت علي مثل هذا الدعم الكبير. ولكن تنفيذ هذه الإجراءات وغيرها مرتبط بتحقيق تقدم في مجال الإصلاح لذلك فإن مصر تملك بيدها حتي الآن تحديد وتيرة دعم المجتمع الدولي لها. اعلنت عن مبادرة مع وزير الإقتصاد فيليب روسلر فما هو الهدف منها وكيف يمكن لفريق من الخبراء توفير فرص عمل لتشغيل الشباب في مصر؟ هده المبادرة المشتركة بين وزارة الإقتصاد ووزارة التعاون لإقتصادي هدفها دعم عملية التحول وإعادة الإستقرار والنمو الإقتصادي وتوفير فرص عمل في مصر, لذاشكلنا فريقا من الخبراء المتقاعدين وايضا العاملين في الوزارتين بحيث يقدمون الدعم والمشورة للحكومة المصرية حول كيفية الإسراع في الإصلاح الإقتصادي وتحقيق معدل نمو أسرع ومعدل تشغيل اكبر وما هي الإجراءات اللازمة لذلك, ومن المقرر عقد مؤتمر في ابريل المقبل لبحث كيفية تهيئة افضل الظروف لإنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة وتطوير مجالي التجارة الخارجية والسياحة وهي إجراءات مهمة لخلق فرص عمل للشباب المصري. لماذا لا توجد حتي الآن مبادرة المانية اوروبية لدعم مصر إقتصاديا, مثل خطة مارشال او فتح الاسواق الأوروبية للمنتجات المصرية والتونسية؟ لقد قمنا بذلك بالفعل, بل وتخطيناه بالتعاون ليس فقط مع الإتحاد الاوروبي وإنما ايضا مع الولاياتالمتحدة وروسيا واليابان في إطار مجموعة الثمانية. وفي العام الماضي في قمة الثمانية وفي حضور رئيسي الحكومتين المصرية والتونسية تم إقرار مبادرة دوفيل للشراكة مع دول الربيع العربي التي تتضمن حزمة شاملة لدعم الديموقراطية والحكم الرشيد والإقتصاد والتشغيل في هذه البلدان. ومن ذلك علي سبيل المثال تمويل بنوك التنمية الثنائية وصناديق التنمية الإقليمية إحتياجات هذه الدول. كما قررنا التنسيق فيما بيينا وإتخاذا إجرات مشتركة للإستمثار في مجال تطوير التعليم وخلق فرص العمل وتعتزم الولاياتالمتحدة توسيع هذه المبادرة خلال رئاستها للمجموعة هذا العام حتي يشعر شركاؤنا بتحسن ملموس. كذلك تضمنت الإجرات دعم التجارة مع هذه الدول, فكما تري لقد قمنا بربط عمنا الثنائي السريع لمصر بالدعم الدولي. أما بالنسبة لفتح الأسواق الاوروبية فلدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط تواجد واسع في الاسواق الأوروبية وتم تحرير تجارة البضائع بنسبة100% بين هذه الدول والإتحاد الأاوروبي عبر إتفاقات الشراكة في إطار الإتحاد من اجل المتوسط وجاري التفاوض ثنائيا معها حول المصادرات الزراعية والخدمات والإستمثارات ولكن هناك مشكلة لابد من حلها وهي إلتزام مصر وتونس بالمعايير المطلوبة في المجال الزراعي حيث ان البنية التحتية فيهما في مجال مقياس الجودة لا تزال غير كافية. كيف يمكن لألمانيا أن تدعم مصر وغيرها من دول الثورات العربية بدون ان يتكون الإنطباع لدي شعوبها بأن الغرب يقود حركة لدمقرطة هذه الدول, علي حد تعبيرك انت من قبل؟ كل ما نقدمه من دعم هي مجرد عروض وشركاؤنا يعلمون جيدا ان هذه العروض ليست شكلا من اشكال الإستعمار الجديد او محاولة لفرض قيم ومبادئ غربية ولكن هدفها تطور هذه الدول.وما حدث في شمال إفرقيا والشرق الأوسط فتح اعيينا علي ما يحدث في دولة ما نتيجة الإنتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والمواطنين. فكيف تقيم فرص مصر كي تصبح دولة ديموقراطية ونموذجا لدول الشرق الأوسط؟ علي الرغم من أن نهاية الطريق لا تزال غير واضحة حتي الآن إلا انه لا يمكن تصور ان تعود مصر لما كانت عليه من قبل. لقد اجرت مصر إنتخابات برلمانية ناجحة واتوقع ان تلتزم بالجدول الزمني لتسليم السلطة لحكومة مدنية بنهاية يونيو المقبل. ومن المهم ان تعكس الحكومة الجديدة توزيع القوي في البرلمان المنتخب وان تركز جهودها علي معالجة المشكلات الإقتصادية والإجتماعية وان تسمح للمجتمع المدني بممارسة دور مناسب في التطور الديموقراطي. كما ان الناس في مصر يريدون عودة الأمن من جديد بدون إنتهاك لحقوق الإنسان كما في الماضي. كل هذه خطوات فارقة بأتجاه ان تصبح مصر ديموقراطية حقيقية سيكون لذلك دور رئيسي في تطورات المنطقة بأكملها. هل ستقضي عطلتك في مصر حتي لو تسلمت الحكم فيها سلطة ذات مرجعية إسلامية؟ الحكومة الألمانية تؤيد الحوار مع القوي الإسلاميةالجديدة والإسلام السياسي لا يمكن مقارنته بالتطرف الإسلامي والتوجه الإسلامي لا يعني تلقائيا توجهها رجعيا رافضا للحداثة ورافضا للديموقراطية ومقيدا للحريات. ولكن الحكومة المقبلة لمصر ستحاسب علي إنجازاتها وانا واثق ان حكومة ذات صبغة إسلامية في مصر تدرك أهمية السياحة للتطور الإقتصادي وانها ستوفر الظروف المناسبة لتستعيد مصر جاذبيتها السائحية من جديد.