مر أكثر من14 شهرا علي قيام ثورة25 يناير, ومازالت الاحتجاجات والاعتصامات العمالية في تزايد دون توقف علي مستوي قطاعات كثيرة, منها الصناعية والاقتصادية والخدمية. حيث شهدت مصر أعنف موجة للاحتجاجات عبر تاريخ الحركة العمالية بما يتجاوز3 اضعاف في العام السابق علي الثورة, وتم تنظيم نحو1600 اعتصام وإضراب وتظاهرة ووقفة احتجاجية وفقا لتقارير حقوقية, ومن الجانب الرسمي رصدت وزارة القوي العاملة في الفترة من يناير حتي ديسمبر2011 نحو335 حالة احتجاج عمالي, بالاضافة لتلقيها4460 شكوي فردية وجماعية من العمال. العديد من الخبراء أكدوا ان تزايد عدد الاحتجاجات يعتبر امرا طبيعيا فمصر مرت بثورة, ومن المنطقي ان تظهر مطالب عمالية كانت مكبوتة في ظل النظام السابق, حيث يطالب العمال بمطالب تأخرت كثيرا عليهم, في مقدمتها تحسين اوضاعهم المالية والوظيفية, مما دعا الي اهمية ايجاد وسائل لتفعيل الحوار والتفاوض داخل المنشآت والذي أثبت نجاحا في حل بعض الاعتصامات والاضرابات في مقدمتها المحلة وشركات هيئة قناة السويس وهيئة النقل العام. وفي سبيل تفعيل آليات الحوار والتفاوض بين العمال وأصحاب الاعمال, سعيا لاستقرار العلاقات العمالية والانتاجية, اطلقت منظمة العمل الدولية من خلال مكتبها الاقليمي بالقاهرة مشروعا حول تعزيز الحوار الاجتماعي, بهدف ايجاد بيئة عمل تسمح بالحوار بين العمال وأصحاب الاعمال, سعيا لاستقرار علاقات العمل وخفض معدل الاحتجاجات العمالية من خلال آلية مستحدثة. وقال رشيد خديم مدير مشروع الحوار الاجتماعي في تصريحات ل الاهرام ان محاور عمل المشروع تتبلور في زيادة مساحة الحوار بين العمال والمنشآت التي يعملون بها مع قيامهم بدعم شركاتهم, بما يؤدي الي تحسين الانتاجية في العمل وجذب المزيد من الاستثمارات والحد من الفقر والبطالة, وإطلاق حملة توعية قومية واسعة النطاق في رفع قدرات ممثلي اصحاب العمل والعمال في الحوار حول المطالب العمالية, لتمكينهم من مراجعة او تطوير القوانين الاساسية والأنظمة الداخلية والهياكل التنظيمية والخدمات الخاصة بمنتسبيهم, لتصبح منظمات مستقلة وقوية ومؤهلة للقيام بأدوارها المعنية بكفاءة لمصلحة اعضائها. وأشار مدير المشروع الي انه سيتم انشاء آليات تطوعية لتنظيم المصالحة والوساطة والتحكيم لتفادي النزاعات العمالية, ووضع آليات خاصة تتناول النزاعات العمالية الخاصة بالعمال غير المصرح لهم قانونا القيام بالإضراب, ودعم جهود وزارة القوي العاملة التي تهدف الي تحسن اداء نظام التفتيش في العمل, والتركيز علي المبادئ والحقوق الاساسية في العمل بناء علي جميع الاتفاقيات الثماني الاساسية التي صدقت عليها مصر مع تعزيز قدرات الوزارة في مجال التخطيط الاستراتيجي وتحليل البيانات ووضع البرامج الملائمة. وأكد انه سيتم القيام بحملة توعية وطنية لنشر ثقافة المشروع وأهداف اعلان منظمة العمل الدولية وربطه بممارسة الحقوق الاساسية والتنمية المستدامة, مع وضع وتنفيذ برامج تدريبية لزيادة الوعي ورفع قدرات ومهارات ممثلي الشركات في ميدان المفاوضات الجماعية, وحثهم علي مراعاة الاحتياجات الخاصة بالعاملين. ومن جانبه, كشف وائل عيسي المشرف علي ادارة برامج اعلان المبادئ الاساسية والحقوق في العمل بمنظمة العمل الدولية, ان الهدف الرئيسي هو خلق حوار اجتماعي بناء, لإحداث استقرار في اطار قانوني مناسب يتفق مع الحريات النقابية والاتفاقيات ومعايير العمل الدولية, حيث مرت عدد من الدول بنفس المرحلة التي مرت بها مصر عقب الثورة من تزايد الاحتجاجات العمالية, وتم التوصل الي توقيع عقد اجتماعي بين اطراف العمل, وصولا لمرحلة الاستقرار والنهوض بالاقتصاد مع الحفاظ علي حقوق اطراف الانتاج. وأضاف ان الاعلان عن تنفيذ عقد اجتماعي يكون برغبة العمال وأصحاب الاعمال, حيث يتم تحديد فترة زمنية ولتكن عاما لوقف اي اشكال من شأنها تعطيل العمل داخل المواقع الانتاجية, بالاضافة للعمل علي تطوير جميع الهيئات الثلاثية, والعمل علي تطوير رؤية شاملة وموحدة لتأسيس هيئة استشارية ثلاثية عالية المستوي ومستدامة, تختص بسياسة العمل ودراسة امكانية انشاء مجلس اقتصادي واجتماعي, وأيضا لجنة ثلاثية فرعية متخصصة للتعامل مع الاحتياجات الخاصة للمرأة.