للخروج من مأزق الفشل واحتمال مغادرة الحلبة السياسية، قام نيتانياهو بإشعال الجبهة الشمالية بضرب عناصر حزب الله للتغطية على موقف حزبه، التى أشارت استطلاعات الرأى إلى تراجعه. كما سعى لتوريط واشنطن بعد أن أحس أن الرئيس الأمريكى يهادن طهران ويسعى لاتفاق سلمى. وتشير تقارير انتخابية إلى أن نيتانياهو لجأ إلى التصعيد العسكرى والادعاء بأنه الأكثر حفاظا على أمن إسرائيل فى وجه التهديدات التى تحيط بها، ويقامر بما تبقى له لعله ينقذ نفسه من خسارة باتت قريبة، ويبحث عن نصر عسكرى أى نصر مهما كان صغيرا ومشكوكا به ليعيد إلى ذهن الجمهور الإسرائيلى أنه القائد الذى لا بديل ولا غنى عنه، وأنه يستحق البقاء فى الحكم ولاية إضافية بمنح حزبه الأفضلية والصدارة فى الانتخابات المقبلة. ولكن هذا على ما يبدو لا ينجح حتى الآن بسبب تنبه الأحزاب الأخرى التى بدأت فعليا باتهامه بافتعال حرب لأسباب انتخابية، فالتبرير الذى تسوقه الأوساط المقربة منه، والتى تدعى أن حزب الله كان يحضر لاعتداءات على إسرائيل انطلاقا من الجولان، ليس مقنعا، كما أن لعبة نيتانياهو هذه محفوفة بالمخاطر إذا ما قرر حزب الله الرد بصورة لا يتوقعها نيتانياهو. على كل الأحوال يظهر نيتانياهو مزيدا من التطرف والعصبية فى التعامل مع كل قضايا الصراع سواء مع الفلسطينيين أو مع حزب الله، أو حتى مع المجتمع الدولى بما فى ذلك مع الدول التى تؤيد مطالب الشعب الفلسطينى فى دولة مستقلة، وفى الانضمام للمنظمات الدولية، ومنها محكمة الجنايات الدولية، ومن المتوقع أن تزداد عدوانية إسرائيل خلال الفترة المقبلة إلى حين إجراء الانتخابات. اتصال بطهران ولكن يبدو أن الإدارة الأمريكية تنبهت وتدخلت بسرعة بعدما كشفت القناة العبرية العاشرة النقاب عن قيام إسرائيل بإرسال رسالة تطمين لحزب الله وإيران عبر روسيا، وذلك خشية رد عسكرى محتمل من حزب الله بعد تصفية مجموعة من قادته الأسبوع الماضى، وقالت القناة إن الرسالة جاءت فى محاولة لتهدئة الأوضاع المتوترة خلال الأسبوع الأخير، بعد تهديدات حزب الله وإيران بالانتقام لمقتل 6 من قادة حزب الله، وأحد قادة الحرس الثورى الإيرانى فى قصف إسرائيلى على الحدود مع سوريا الأحد الماضى، وحسب القناة العاشرة اشتملت الرسالة على الإشارة إلى أن عملية الاستهداف جاءت لاعتبارات أمنية وميدانية بحتة، وأعربت إسرائيل عن عدم علمها بوجود المسئول الإيرانى ضمن القافلة المستهدفة، وجاء فى الرسالة أن إسرائيل غير معنية بمواجهة جديدة فى المنطقة، وأنها لا تسعى لتصعيد الأمور. جاء ذلك بالتزامن مع ما أعلنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بينى جانتس، بأن الجيش الإسرائيلى مستعد لتنفيذ أى عمل عسكرى ضد سوريا أو لبنان. وفضحت صحيفة "هاآرتس” نقلا عن مسئول أمريكى رغبة الرئيس أوباما فى عدم التصادم مع إيران وحزب الله، من خلال الكشف عن اتصال منه لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو، طالبه فيه بالتوقف عن تحريض الكونجرس للدفع بقوانين ضد إيران، وأن الولاياتالمتحدة معنية بالتوصل إلى اتفاق نووى يمنع إيران من حيازة قنبلة نووية، ويضمن للمجتمع الدولى بشكل واضح أن البرنامج النووى الإيرانى لأغراض سلمية فقط، وقال أوباما أيضا إن اقتراحات قوانين فرض عقوبات جديدة قد تعرقل المفاوضات الدبلوماسية التى تجريها الولاياتالمتحدة وباقى الدول العظمى مع إيران، كما أوضح أنه فى حال جرى تمرير القوانين هذه فى الكونجرس فإنه ينوى استخدام حق النقض. وحسب "هاآرتس” حذر أوباما نيتانياهو من إثارة كل ما يتصل بالتشريع ضد إيران فى الكونجرس، وذلك قبل أكثر من أسبوع من نشر الدعوة التى أرسلها رئيس مجلس النواب جون باينر إلى نيتانياهو بإلقاء خطاب فى الكونجرس الأمريكى، وحسب بيانات مجلس الوزراء الإسرائيلى فإن خطاب نيتانياهو سيتركز حول البرنامج النووى الإيرانى، وضرورة زيادة الضغوط الدولية على طهران، ويأتى فى أوج صراع أوباما مع الغالبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ ومجلس النواب على قانون العقوبات ضد إيران، وينشط فى الأسابيع الأخيرة سفير إسرائيل فى الولاياتالمتحدة رون درمر، وعناصر "إيباك"، بطلب من نيتانياهو ، فى تشجيع أعضاء الكونجرس على دعم سن قوانين لفرض عقوبات جديدة على إيران، كما يطرح نيتانياهو، فى لقاءاته مع مشرعين أمريكيين، ضرورة زيادة العقوبات على إيران خلال المفاوضات. وكتبت "هاآرتس” أن التوتر بين أوباما ونيتانياهو قد تفاقم عقب مساعى الأخير فى الكونجرس، وتحول إلى أزمة معلنة عقب الدعوة التى تلقاها نيتانياهو لإلقاء خطاب أمام مجلسى الكونجرس، وانتقد البيت الأبيض الطريقة التى وجهت بها الدعوة لنيتانياهو ، وأصدر بيانا أعلن فيه أن الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيرى لن يلتقيا نيتانياهو خلال زيارته إلى واشنطن، ومن المتوقع أن يحذو نائب الرئيس جو بايدن حذوهما. فى المقابل، حاول مكتب نيتانياهو التقليل من خطورة المواجهة مع البيت الأبيض، ونقل عن مقربين منه قولهم إن خطاب نيتانياهو سيمنحه فرصة لشكر الرئيس أوباما والكونجرس والشعب الأمريكى على وقوفهم إلى جانب إسرائيل، فى حين نقل عن نيتانياهو قوله إن دعوته إلى الكونجرس تعكس الصداقة الخاصة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة.