على الرغم من التطورات الإيجابية التى تشهدها علاقات مصر بالإتحاد الأوروبي، ناهيك عن التنسيقات الأمنية الحالية لمواجهة خطر تنامى الإرهاب فى وطننا العربي. الا أن البرلمان الأوروبى اتخذ قرارا عدائياً ضد مصر، متضمنا مجموعة من الإدعاءات والمغالطات والاستنتاجات الخاطئة حول حقوق الإنسان والمسجونين وحرية الصحافة فى مصر. الخارجية المصرية بدورها استهجنت القرار، فى بيان شديد اللهجة للمجتمع الدولى عامة والبرلمان الأوروبى خاصة، موضحة أن القرار يشير الى عدم إدراك أو دراية بطبيعة وحقيقة الأوضاع فى مصر، وعدم الارتكان إلى إرادة الشعب المصرى باعتباره المصدر الوحيد للسلطة والقاضى بما يُتخذ من إجراءات تحقيقاً لمصلحته، وإصرار على تبنى منهج أحادى لا يخدم مصلحة تدعيم العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبي، فضلاً عما يمثله مضمون القرار من انتهاك لأبسط مبادئ الديمقراطية والمتمثلة فى مبدأ الفصل بين السلطات وتناول الأمور فى إطار غير موضوعي. ويشير السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف والأمن الدولى إلى أن القرار فى مجمله هو صورة من صورة التدخل فى الشئون الداخلية لمصر مع ما تضمنه من تناول لموضوعات تدخل فى نطاق السيادة المصرية، ومع كونه محاولة للإملاء أو فرض الوصاية على القرار المصرى من جانب الأطراف التى طرحته، إضافة لما تضمنه من مغالطات ومعلومات وبيانات وأرقام غير مدققة وغير موثقة تلقى جزافاً دون التحقق منها، وهو ما يضع العديد من علامات الاستفهام حول مدى حرفية وموضوعية عمل البرلمان بشكل عام. موضحا فى تصريحات للأهرام أنه يلمس وجود توجه واضح فى القرار عند تناول العديد من تطورات أوضاع حقوق الإنسان فى الساحة المصرية للتركيز على جوانب سلبية لهذه التطورات دون التطرق إلى الإجراءات التى اتخذت لمعالجة هذه السلبيات أو الجهود الحكومية الحثيثة التى تبذل فى هذا الصدد، على غرار تلك المتعلقة بتعزيز حقوق المرأة، ومواءمة التشريعات مع دستور 2014، ومعالجة أوضاع الفقراء ومحدودى الدخل، والاهتمام الذى توليه الدولة وعلى أعلى المستويات بالحفاظ على تماسك النسيج الوطنى والمجتمعي، علماً بأن القرار شمل أيضاً تضمن عناصر تتعارض مع القيم الدينية والثقافية للمجتمع المصرى على غرار المطالبة بتقنين أوضاع المثليين وعدم تجريم الإساءة للأديان. وحول ما اذا كانت هناك اتصالات قد جرت قبل صدور القرار مع أعضاء البرلمان الأوروبى بهدف شرح حقيقة أوضاع حقوق الإنسان فى مصر ولإقناعهم بعدم إصدار القرار قال السفير هشام بدر بدأنا فور علمنا بأن هناك توجهاً لإصدار قرار حول مصر بإجراء اتصالات مكثفة مع أعضاء البرلمان من المنتمين إلى مجموعات برلمانية مختلفة بهدف مواجهة ما ينقل إليهم من معلومات مزيفة أو مغلوطة حول مصر، إلا أننا وجدنا أن بعض الأعضاء المؤثرين فى البرلمان يعملون وفق أحكام مسبقة وأن لديهم نوع من التشكك الفطرى فيما ينقل إليهم من الحكومات بصفة عامة فى ضوء أن خلفيتهم فى العمل فى منظمات غير حكومية قبل أن يصبحوا أعضاءً فى البرلمان، علماً بأنهم بعضهم حرص على أن يوضح أن الأمور تصل فى بعض الأحيان إلى تشككهم فيما ينقل إليهم من معلومات من حكومات دول الاتحاد الأوروبى ذاتها. وعن عناصر القلق أو التحفظات التى لمستها الخارجية المصرية خلال الاتصالات مع أعضاء البرلمان حول حالة حقوق الإنسان فى مصر قال السفير هشام بدر “ للأهرام “ معظم أعضاء البرلمان الأوروبى ينتقدون قانون التظاهر ومشروع قانون الجمعيات الأهلية وذلك بدون أن يطلعوا عليهما أو أن يدركوا أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية سيعرض فى أى حال من الأحوال للنقاش فى مجلس النواب الجديد، كما أنهم يتحدثون عن أرقام مبالغ فيها كثيراً للمحبوسين فى مصر وهو ما رددنا عليه بأنه لا يوجد مسجون واحد فى مصر إلا من خلال إجراءات قانونية ومحاكمات، كما وجدناهم يتحدثون عن قضية صحفيى الجزيرة باعتبارها مثالاً عدم وجود حرية صحافة فى مصر وهو ما عقبنا عليه أيضاً بأن هناك قرابة 1000 مراسل صحفى أجنبى يعملون فى مصر بحرية تامة وأنه لا توجد محاكمات أخرى لصحفيين فى مصر وأن الاتهامات الموجهة لصحفيى الجزيرة هى اتهامات جنائية ولا تتعلق بحرية ممارستهم للمهنة. وأشار السفير هشام بدر الى الحرص على الرد بقوة خلال هذه الاتصالات على بعض النواب عندما زعموا بعدم وجود قضاء مستقل فى مصر، وذلك من خلال الإشارة إلى أنه من غير المقبول لدينا فتح أى حديث حول استقلالية القضاء فى مصر وأنه لا مجال للتعليق على أحكام القضاء، كما تبنينا نفس المنهج رداً على انتقاد بعض النواب لعدم تقنين أوضاع المثليين فى مصر ولتجريم الإساءة للأديان وللاستمرار فى تطبيق عقوبة الإعدام، مشيرين إلى أن القيم والتقاليد المصرية يجب أن تحترم وأننا لن نقبل أية وصاية علينا فى هذا الصدد أو أية محاولة لفرض قيم غريبة عن مجتمعنا.