لم يعد هناك مستور الى الابد، وخاصة عندما تكون جريمته الفساد.ولم يعد هناك مسئول يحتمى وراء جدران السرية والكتمان. فقد ادت العولمة الى الكشف عنهم وأصبحوا معروفين على رؤوس الاشهاد تتناول اسرارهم الهيئات والمنظمات الدولية وليس مجرد المعارضين داخل الحدود الوطنية أو المترصدين من خلال شبكات التواصل الاجتماعى. وكما اطلت العولمة عبر نوافذ متعددة . فقد اطلت عبر نافذة الفساد فانعشته فى جانب منها وترصدت له فى جانب آخر. لم يعد الفساد محصورا داخل الحدود الاقليمية وأروقة ودهاليز المؤسسات العامة والخاصة لدولة ما. لقد اتسع وتمدد مع اتساع وتعاظم شبكة الاعمال للشركات العالمية العابرة للحدود. فأصبح هو الآخر يحمل شعار الفساد متعدد الجنسيات.وفى ذات الوقت يضرب بجذوره ويتعمق على أصعدة الدول على المستوى الفردى وبحيث يراه البعض قاعدة او ناموسا طبيعيا. وفى ظل هذه الأوضاع.لم تعد مواجهة الفساد مقصورة على اجراءات داخلية فى هذه الدولة او تلك .ولم تعد الاحتفالات والكلمات المرتبطة باليوم العالمى لمكافحة الفساد نافعة او ناجعة إزاءه.فكان للعولمة وجهها الايجابى فى محاولة الكشف وتعرية الفساد الاجنبى العابر للحدود .من جانب المنظمات الدولية والاقليمية وعلى صعيد مؤتمرات القمة لمجموعة العشرين.والسبب فى عولمة الاهتمام بقضية الفساد يكمن فى انعكاسه على التنمية الاقتصادية والنمو من خلال اهدار اموال المجتمع لمصلحة مجموعة محدودة من الافراد وحرمان الدولة من مستحقاتها المالية «التهرب الضريبى الداخلى او نقل المقار الرئيسية للانشطة الاقتصادية وتأسيس الشركات فى دول الملاذات الضريبية». والاهم من هذا وذاك انعدام الثقة فى المؤسسات على صعيد الدولة وكذلك فى مؤسسات القطاع الخاص يقتل الحافز الى التجديد والابتكار والمنافسة0 ومع التسليم بوجهة النظر القائلة إن الفساد بأشكاله ناموس طبيعى وقاعدة سلوكية منذ قديم الزمان. الامر المؤكد ان عولمة النشاط الاقتصادى انعشت الفساد الاجنبى. وقد ادى اتساع شبكة الفساد العالمية وتهديدها للتنمية الاقتصادية .الى اعلان مجموعة العشرين فى قمة بتسبورج 2013 عن تكوين مجموعة عمل لمواجهة الرشوة على صعيد الانشطة والتعاملات الاقتصادية العالمية وبخاصة تلك عالية المخاطر.واكدت ذات الموقف فى قمة 2014 التى عقدت فى أستراليا0 ويعد التقرير الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية مؤخرا.والذى حصر427 حالة فساد خلال الفترة من15 فبراير 1999 واول يونيو2014. خاصة بمباشرة انشطة اقتصادية وصفقات عالمية وكذلك انشطة منظمات عابرة للحدود .وشمل 263 فردا و164 وحدة اعتبارية.بمثابة دليل يسترشد به حول حجم الفساد والافساد الاجنبى العابر للحدود. فهو لايتجاوز كونه قمة جبل الثلج وشكلا من اشكال المحاربة فى الظلام -لانها جريمة معقدة تشمل العديد من الوسطاء والصفقات عبر الدول. ومن ثم اذا لم تتعاون جميع الاطراف المعنية تكون نهاية النفق مظلمة ومغلقة-على حد وصف التقرير الذى ابرز مجموعة من النقاط المهمة0 حيث اوضح ان العطاءات الحكومية تعد حجر الزاوية والهدف الرئيسى للفساد والافساد الاجنبى وبنسبة 57%. تليها الجمارك ثم الضرائب والتراخيص او الرغبة فى معاملة خاصة .اوالحصول على معلومات0 ولكن من يقدم الرشاوى العابرة للحدود؟ الحقيقة الصادمة. تشير الى سيطرة الشركات الكبرى على هذا المجال بينما تأتى الشركات الصغيرة والمتوسطة فى القاع .اى ان الدول المتقدمة تصدر الفساد ممثلا فى الرشاوى الى الدول الاخرى وخاصةالنامية.وهذا يعنى ببساطةالتهام نسبة تتراوح بين11% الى35% من قيمة الصفقات وارباحها .على التوالى .ناهيك عن عمليات الاستحواذ والاندماج والتى تقترب من النسبة الاخيرة0 والاهم من هذا كله طول الفترة بين وقوع الجريمة والعقاب ووجود اعداد غفيرة من المدافعين القانونيين والانصار. لمزيد من مقالات نزيرة الأفندي