انتفض العالم للهجوم الذي استهدف صحيفة "شارلي إيبدو" الباريسية الساخرة، الذي راح ضحيته 12 صحفياً، الأمر الذي استنفر تعاطف العديد من دول العالم، الرافضة لذلك العمل الإرهابي الذي لا يعدو عن كونه تدنيساً وخيانة للإسلام ولقيمه ومبادئه، والمؤيدة من جانب ثانٍ والتي أبدت تعاطفاً من نوع آخر. فوجدنا تضامناً في مواقع التواصل الاجتماعي؛ وهو شعار (أنا شارلي) "Je Suis Charlie" الذي انتشر بسرعة البرق على الفيس بوك، وتحول في تويتر إلى هاشتاج يعاد نشره آلاف المرات.. ثم لم ألبث أن أصدم بصور نشرتها مجلة "نيوزويك" زعمت أنها للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في مراحل حياته، وتم تداولها في الدول السنية والشيعية لأغراض عدة!! والمستفز في الأمر تأكيدها عدم وجود نصوص قرآنية أو أحاديث شريفة تمنع تجسيد النبي أو تصويره! ولم تكتفِ بهذا، بل زعمت وجود صور للنبي يعود تاريخها للقرن الرابع عشر ميلادياً، ظهر فيها النبي محاطاً بالملائكة، أثناء نزول الوحي، وأخرى يظهر فيها مع غيره من الأنبياء! إنني أستنكر ما حدث في باريس بسبب عملية قتل الصحفيين البشعة.. لكني لست "شارلي" لسببين؛ الأول أنها لم تحترم مشاعر المسلمين ولا معتقداتهم الدينية ونشرت رسوماً عن النبي محمد مسيئة، وكان معروفاً رد الفعل عندما قام أحد الرسامين الدنماركيين بنشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة، ووقتها ثارت حفيظة المسلمين في كل دول العالم.. ثم إنني أتعجب من التعاطف العالمي، في حين أنه لم تهتز شعرة واحدة لهم للمئات الذين يُقتلون يومياً في العراق وسوريا وفلسطين، وحياتهم أيضاً غالية تستدعي التعاطف والنظر لقضيتهم بموضع الاعتبار. السبب الثاني أن صحيفة "تشارلي إيبدو" طردت رساماً بسبب نشره كاريكاتيراً يسخر من اعتناق نجل الرئيس السابق "ساركوزي" لليهودية، وهو الأمر الذي يثير علامات استفهام كبيرة.. فلماذا إذن لا تحترم الإسلام وتستفز مشاعر المسلمين بدعوى حرية التعبير؟! ثم إن زعم مجلة "نيوزويك" المستفز عن صور النبي يقودني إلى أن هناك جهات صهيونية تسعى لتشويه صورة الإسلام، وتوصيل رسالة إلى أوروبا مفادها أن المسلمين إرهابيون، ولا يحترمون معتقداتهم؛ ومن ثم يكون هناك إجراء من البرلمانات الأوروبية بسحب الاعتراف بدولة فلسطين؛ باعتبارها دولة عربية مسلمة "متطرفة".. أمر آخر لا ينبته إليه كثيرون وهو خاص بصناعة السينما التي تستثمر فيها بعض المنظمات اليهودية أموالها، فمؤخراً أنتجت مجموعة من الأفلام التي تجسد شخصيات الأنبياء، وتسعى لتسويقها لنشر أفكارها المعادية وبث سمومها، وتسويقها وتحقيق أرباح طائلة، ولن يتحقق هذا في ظل رفض الدول الإسلامية تجسيد الأنبياء في الافلام.. ولهذا فإن حادث "شارلي إيبدو" قد يكون شرارة الانطلاق لبدء عرض تلك الأفلام وتسويقها. لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة