على ما يبدو أن العائلة المالكة فى إسبانيا منكوبة بالفضائح التى تلاحق أفرداها، بداية من الملك السابق خوان كارلوس الذى تدهورت شعبيته على المستوى الأخلاقى والسياسى بسبب تورطه فى الكثير من النزوات وفضائح الفساد، مما اضطره للتنازل عن العرش لابنه الأمير فيليب، وصولا إلى ابنته الأميرة كريستينا التى يلاحقها القضاء الإسبانى فى سابقة لم تحدث لأى فرد من أفراد الأسرة الحاكمة فى تاريخ البلاد منذ عودة النظام الملكى فى منتصف سبعينيات القرن المنصرم . وتأججت القضية التى شغلت الرأى العام فى إسبانيا منذ عدة سنوات بعد أن وجهت محكمة بالما دى مايوركا الإسبانية اتهامات رسمية للأميرة كريستينا بالفساد والاحتيال والتهرب الضريبى، و يشاركها فى هذه الاتهامات زوجها رجل الأعمال ولاعب كرة اليد السابق إناكى أوردانجارين، كان قد تم الاشتباه فى أن زوج الأميرة قام بتبديد نحو ستة ملايين يورو من أموال الدولة عبر إحدى المؤسسات الخيرية التى ترأسها بين عامى 2004 و 2006، من أجل تمويل مشاريع رياضية وسياحية، وكشفت التحريات عن أنه استغل لقبه كدوق بالما لاختلاس هذه المبالغ بمشاركة الأميرة كريستينا من خلال شركة العقارات التى يمتلكانها معا، وأنه تم استخدام أموال الشركة لتأسيس منزلهما فى برشلونة . ويأتى الفساد فى مقدمة الأسباب الرئيسية للأزمة المالية التى تعانى منها إسبانيا و دول أوروبية أخرى مثل اليونان وإيطاليا، حيث تتصدر بلدان جنوب أوروبا قائمة البلدان الأكثر فسادا فى القارة، وذلك وفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية عام 2013، مما أدى إلى تراجع إسبانيا عشر درجات فى تقييم منظمة الشفافية الدولية لتصبح فى المركز الأربعين، بعد سلسلة من الفضائح التى ضربت الحزب الحاكم والعائلة المالكة و من أهمها فضيحة الأميرة كريستينا. وقد وجهت المشكلات القانونية للأميرة المتهمة ضربة قاسية إلى الملكية لتتعالى الأصوات التى تتطالب الأميرة بالتخلى عن لقبها وحقوقها فى وراثة العرش، ( تعتبر السابعة فى سلم وراثة العرش) حفاظا على المؤسسة الملكية التى تمر بظروف صعبة. وتواجه الأميرة كريستينا(49 عاما) إذا ما تمت إدانتها عقوبة السجن لمدة أربع سنوات، ويعمل فريق الدفاع عنها على تبرئتها، مبررين أنها لم تكن تعلم شيئا عن نشاطات زوجها، وإنها كانت تصدقه "بشكل أعمى"، أما المدعى العام الذى يتولى القضية فقد أوصى بألا تتم إدانة كريستينا، وأن تقوم بدفع غرامة قدرها 580 ألف يورو . بينما على الجانب الآخر أوصى بأن تصل عقوبة أوردانجارين فى الاتهامات المنسوبة إليه إلى السجن لمدة تسعة عشر عاما ونصف العام. وقد جاء رد فعل الملك فيليب ملك إسبانيا مطابقا لما تعهد به بالعمل على استعادة ثقة العامة فى النظام الملكى بعد أن تولى حكم البلاد، وأمر بإجراء تعديلات فى القصر، وقال فيليب فى أول رسالة له على شاشة التليفزيون بعدما تم إعلان محاكمة شقيقته، والتى جاءت أيضا بمناسبة أعياد الميلاد: "يجب ألا نتردد فى استئصال الفساد من جذوره "، متخذا خطوات لتحديث الملكية ومنها حرمان شقيقته من الحقوق الملكية بعد أن أصبحت هى وزوجها فعليا غير منتميين للعائلة الملكية، وقد ظهر ذلك جليا فى حفل تنصيب الملك الجديد الذى لم تدع إليه كريستينا. ويمكن القول إن ما تم اتخاذه من إجراءات حيال الأميرة جاء مغايرا لآراء الكثير من المحللين السياسيين الإسبان، الذين كانوا يتوقعون حفظ قضية الأميرة كريستينا لاعتبارات سياسية تتعلق بالتقاليد الموروثة عن العائلة الحاكمة، حيث لم يسبق فى تاريخ إسبانيا الحديث أن عرفت مثل هذه القضايا، لكن القضاء الإسبانى فاجأ الجميع باعتباره الكل سواسية أمام القانون.