قرأت موضوعا صحفيا يشير عنوانه إلي أنه يتعلق بالبرديات الفرعونية, وهذا الموضوع يؤرقني جدا من زمن طويل وأتابعه بشغف شديد, حيث أعتقد أن هذه البرديات فيها الكثير جدا من العلم والفن وأسرار الحضارة التي حفظتها الآثار الخالدة التي تنم ولا شك عن منتهي العلم والفن والمقدرة البشرية الخارقة. وأضيف إلي ذلك اني كنت وما زلت أؤمن بأننا من نسل الفراعنة العظام, وأن في دمائنا موروثات فرعونية لا ندركها, ولكنها موجودة وتؤثر فينا دون أن نعرفها وأنه من نعمة الله علينا معاشر المصريين المعاصرين أن حضارتنا وحياتنا كلها ترتكز علي عنصرين أساسيين أولهما الموروث العنصري القديم من الفراعنة, والثاني القريب من الموروث الثقافي العربي الإسلامي الذي يدور في أعماقنا ويصوغها منذ أكثر من ألف وخمسمائة عام, وهذا المزيج الحضاري الذي نعتز به ويميزنا عن غيرنا, وفي ظله نتلاحم وبما تفنن أعداؤنا في الداخل والخارج في النيل منه ولو توقف الإعلام المضلل لأدت طبيعتنا الأصيلة إلي الالتقاء الحميم الذي نتميز به عن كل شعوب العالم. وطالما كتبت في هذا الموضوع, وطالما تحدثت به في اللجان والاجتماعات العامة حتي فوجئت مؤخرا بحديث عجيب للعالم الكبير الدكتور أحمد زويل في أحد برامج التليفزيون الناجحة في قناة دريم, وهو يقول حرفيا إن آخر وثبات العلم الحديث تكشف أن في أعماق الإنسان جينات متوارثة لم تكن معروفة, ولم يتم الكشف عن حقيقتها حتي الآن, وهذا أعادني إلي ما كنت اهيم به منذ زمن طويل وجعلني أجزم بأن الجينات الفرعونية تجري في دم المصريين. ومن هذا المنطلق أرحب بالمجهودات المبذولة في النشاط السياحي واكتشاف الآثار والعناية بها والاهتمام بوسائل المواصلات وتوفير الفنادق إلا أنني أطأطيء رأسي حين يقتصر كل وجودي الفرعوني علي خدمة السياح الأجانب وأنا سيد الأرض وصاحب الموقع ويؤسفني أن الدراسات الفرعونية العلمية الجادة تتركز في أقسام المصريات في الجامعات الأجنبية حيث تتكدس أوراق البردي الفرعونية وتترجم ويكشف أسرارها العلماء المتخصصون, بينما كليات الآثار المصرية عندنا تدرس القشور وتضع للبرديات صورا صغيرة مشوهة توزعها هدايا علي الزوار والعجب أنني كلما أثرت هذا الموضوع في مختلف الاجتماعات يقولون إن عندنا علماء في اللغة الهيروغليفية. وإني كرجل شارع فرعوني معاصر أنتظر وأدعو وآمل أن تخرج جامعاتنا ومعاهدنا في كل موقع علماء في اللغة الهيروغليفية يترجمون كل البرديات الموجودة عندنا وصور البرديات التي في الخارج جميعها إلي اللغة العربية, وندرس كل ما فيها من علم وفن لأعضاء الفراعنة في كل مراحل التعليم كل حسب قدراته حتي يعرف المصريون أنفهسم ويتصلون بتراثهم ويكشفون أسرار آثارهم, ولا يخضعون لهذا العبث المشين الذي يروج لسخافات منها أن الذي بني الأهرام مخلوقات نزلت من السماء, ثم غادرت أو أن اليهود هم أصحابها. المزيد من مقالات محمد التهامى