شهدت البرازيل فى الأيام الماضية نشاطاً مكثفا فى إطار ترتيب البيت من الداخل سواء من جانب الحكومة أو المعارضة، حيث وعد السناتور اييسيو نيفيز، بعد عودته الى مجلس الشيوخ، بمعارضة شديدة ضد الحكومة الحالية وبمطالبة الرئيسة ديلما روسيف بتحقيق الوعود الانتخابية، وبالكفاءة في الإدارة العامة، والشفافية في الإنفاق والتحقيق في جميع شكاوى الفساد. كما رفض المظاهرات التي تدعو إلى عودة الحكم العسكري، وقال ان ليس هناك حدث محدد يستوجب طلب اقالة الرئيسة. وشدد نيفيز على أن موقفه سوف يكون دائما الدفاع اللامتناهي عن الديمقراطية والحريات وسيكون ضد أي محاولة لتقليص حرية الصحافة والحريات الأخرى، سواء كانت جماعية أو فردية. وقال " نحن نشهد اليوم نشأة برازيل جديدة، البرازيل الحقيقية، والتي لم تعد تقبل على مضض بالاخطاء الكثيرة وبالمغالطات وبعدم الكفاءة." وعن الحوار الذي اقترحته الرئيسة ديلما في خطابها بعد الفوز في الانتخابات قال ان الرئيسة يجب أن تقدم مقترحاتها حول مصلحة البرازيليين وينبغي أن تكون كل المعارضة على استعداد لمناقشتها. كما قال ان الحكومة ستجد أكثر من 51 مليون برازيلي يقظين، ويطالبون الحكومة بالمواقف وبالتحقيقات في الفساد، وبتحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ، حسب تعبيره. وقال انه لن يكون هناك حوار بين الحكومة والمعارضة الا اذا تم التحقيق في في الفساد في بتروبراس وتمت معاقبة المسئولين. وأشار نيفيز الى ان أداء المعارضة سوف يستند في الكونغرس على ثلاثة مبادئ: الحرية والشفافية والديمقراطية. وانتقد نيفيس الحكومة والرئيسة ديلما روسيف، مشيرا الى الاجراءات الاقتصادية الأخيرة كأمثلة على ان الرئيسة لا تفي بما وعدت به في الحملة الانتخابية. وأشار إلى أن الدعاية الانتخابية لديلما ربطت مقترحات استقلالية البنك المركزي وزيادة الفائدة بإفقار الأسر. وقال نيفيز "لقد أثبتت الأحداث الجارية من الذي كان على حق. فبعد ثلاثة أيام فقط على مرور الانتخابات، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة وهي اصلا باهظة في اقتصادنا ". كما ألقى نيفيز الضوء على الزيادة في أسعار الكهرباء والبنزين، والتضخم، والنمو الاقتصادي المنخفض وانخفاض مستويات الاستثمار في البلاد، وانتقد الرئيسة لإخفاء الوضع الحقيقي للمالية العامة البرازيلية. واستدعى خطاب نيفيس العديد من ردود الأفعال من أعضاء مجلس الشيوخ ، بما في ذلك زعيم حزب العمال في مجلس الشيوخ، هومبرتو كوستا الذي قال إن روسيف كانت أيضا ضحية الأكاذيب والهجمات على شبكات التواصل الاجتماعي خلال الحملة. وفى سياق ذو صلة ،رفضت المحكمة الانتخابية العليا الطلب الذي تقدم به الحزب الإجتماعى الديمقراطي لإنشاء لجنة للتدقيق في نتائج الانتخابات الرئاسية. لكن المحكمة، رغم ذلك، سمحت للحزب بالاطلاع على الملفات الإلكترونية والوثائق الأخرى التي تتعلق بجمع الأصوات. وتبع تصويت القضاة تصويت رئيس المحكمة الانتخابية العليا دياس توفولي الذي شدد على أن جميع الإجراءات الواردة في قرارات المحكمة تعمل على شفافية العملية الانتخابية، وكانت متاحة وواضحة قبل الانتخابات. وقال توفولي ان الحزب لم يظهر أي دليل على الاحتيال واعتمد على مجرد تقارير بعض الناس الذي شكوا في نتيجة التصويت. وعلى الرغم من الإجماع في الجلسة العامة، قال الوزير جيلمار مينديز أن المحكمة الانتخابية وضعت حدا لشبهات التزوير في نتائج الانتخابات، حتى ولو لم تكن الشبهات في محلها وقد بدأت من خلال الشبكات الاجتماعية. ووفقا للوزير فان طلب الحزب ساهم في تهدئة الموضوع. وخلال الجلسة، قال مينديز أن انعدام الثقة سببه أيضا تصريحات المسؤولين الحكوميين. ونقل الوزير عبارة استخدمتها الرئيسة ديلما روسيف، في عام 2013، قبل عام من فترة الانتخابات والتي قالت حينها " نحن نفعل الشيطان عندما يحين وقت الانتخابات ". واعتبر الوزير انه يمكن فهم هذا التعبير بطرق مختلفة. ولكن الشيطان له حمولة رمزية كبيرة جدا، وتساءل "فعل الشيطان يعني أنه يمكن حتى تزوير الانتخابات؟ " وفي الطلب الذي قدمه حزب الحزب الإجتماعى الديمقراطي ، الأسبوع الماضي، يقول الحزب ان لديه "ثقة مطلقة" ان المحكمة ضمنت أمن الانتخابات، ولكنه يريد طمأنة الناخبين الذين أثاروا الشكوك حول نزاهة فرز الأصوات ، من خلال الشبكات الاجتماعية. فى وجه هذا الطوفان من المعارضة وفى أول اجتماع لها فور عودتها من إجازة قصيرة بعد فوزها بفترة رئاسية ثانية،وفى محاولة ذكية منها اجتمعت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف مع الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا باعتباره عصى موسي للوقوف فى وجه اياسيو نيفيز والمعارضة ولمناقشة التدابير التي يجب اتخاذها لبحث الحالة الاقتصادية التى تمر بها البلاد وبحث مستقبل الحكم. ناقشت ديلما مع لولا الإجراءات الممكنة لتهدئة القاعدة الحليفة في الكونغرس والمبادرات لعكس الصورة السلبية للاقتصاد، بما في ذلك اختيار وزير مالية جديد. ويشير هذا الاجتماع الى أن لولا سيكون له مشاركة أكبر في تحديد اتجاه الولاية الثانية لديلما، وهو ينظر نحو ترشحه في عام 2018. وقال مقربون من ديلما ولولا أن أولوية الحكومة في البداية هي تأمين قاعدة حليفة ذات مصداقية، خصوصا وان على الرئيسة تأمين التصويت على تدابير رئيسية في الكونغرس للحد من العجز الكبير في الحسابات العامة. ويشعر الرئيس السابق لولا بالقلق أيضا من تحديد البديل لجيدو مانتيجا في المالية. وأكد لولا على أنه يجب على ديلما تحديد اسم في أقرب وقت ممكن كوزير للمالية وذلك لبث إشارة إلى السوق ومجتمع المال والأعمال بالتغييرات في مسار السياسة الاقتصادية. وفي السياسة يولى الرئيسان الأهمية المطلقة لدعم حزب الحركة الوطنية وهو أكبر الأحزاب البرازيلية المتحالفة مع حزب العمال فى الحكومة لضمان الأعداد الكافية في الكونجرس للموافقة على التدابير التي ستطرحها الرئاسة. ولهذا، التقى لولا يوم الاثنين مع نائب الرئيسة ميشال تامر. وفي الاجتماع الأول بعد إعادة انتخاب الرئيسة ديلما روسيف، وفى محاولة جادة للوقوف بجانب الرئيسة طالب المجلس التنفيذي الوطني لحزب العمال بنفوذ أكبر للحزب في الولاية الثانية ، بما في ذلك اتجاه السياسة الاقتصادية . كما دافع الحزب عن رقابة على البنك المركزي، وتنظيم وسائل الإعلام وكان الخطاب أكثر يساكريا. كما دافع الحزب عن مواضيع لا تتعاطف معها الرئيسة كتخفيض ساعات العمل الى 40 ساعة من دون تخفيض الأجور. ومن الواضح ان حزب العمال سينخرط بنشاط في اتخاذ القرارات حول الخطوات الأولى في الولاية الثانية، في النقاش حول السياسة الاقتصادية، وحول الإصلاح السياسي والدفاع عن الديمقراطية في وسائل الإعلام . وفي الكواليس قال زعماء حزب العمال أنه يجب الضغط على الرئيسة لكي تستمع اكثر للحزب وتنشئ حوار مع الحركات الاجتماعية، وتوافق على "ديمقراطية" وسائل الإعلام وإجراء تغييرات في الاقتصاد. وعلى الرغم من أن الرئيسة تستعد لتشكيل حكومة "أكثر ديلما" دون الرضوخ للضغوط، غير ان حزب العمال سيفعل كل ما بوسعه ليكون له صوت اقوى. كما يشير الحزبيون الى ضرورة توحيد صفوف القاعدة الحليفة لتجنب خسارات في الكونغرس على غرار ما حصل الاسبوع الماضي. ويعتبر اختيار الوزير الذي سيحل محل جويدو مانتيجا أيضا ذات أهمية قصوى من قبل قيادة الحزب. وعلى الرغم من أن رجل الاقتصاد نيلسون باربوسا هو المفضل من قبل تسعة من بين عشرة حزبيين لهذا المنصب، غير انه بدأ الثناء على الرئيس السابق للبنك المركزي هنريك ميريليس، وهو من يريده الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ليحل مكان مانتيغا. وأنشأ الحزب لجنة لإعداد الاحتفال بتسلم ديلما روسيف منصب الرئاسة في الاول من يناير. وتهدف الخطة إلى جعل المهرجان شعبيا، واعادة الشعور "اليساري"، بعد منافسة انتخابية "شديدة. وفى تحرك مفاجىء ووفق تقديرات ترجح قيامه بمهام رسميه أكثر منها تطوعيه استدعى الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا اعضاء مجلس الشيوخ من حزب العمال والتقي بهم في ساو باولو لمناقشة الاستراتيجيات بعد يوم واحد على عودة السيناتور اييسيو نيفيز إلى الكونغرس، خصوصا وانه ادلى بخطاب قوي ورسم موقعه كزعيم للمعارضة. ويجتمع الرئيس السابق لولا مع 15 من أعضاء مجلس الشيوخ، في ساو باولو، في صباح اليوم. وتتناقش المجموعة استراتيجيات لمعالجة تعبئة السيناتور اييسيو نيفيس الذي ينظم نفسه ليكون بوضوح زعيم المعارضة في مجلس الشيوخ. وقد عقد الاجتماع بناء على طلب من الرئيس السابق لولا، والوحيد الذي لم يحضر هو جورج فيانا ، وذلك بسبب السفر. وبالإضافة إلى أعضاء مجلس الشيوخ الحاليين الاثني عشر ، حضر كذلك المنتخبون باولو روشا (بارا)، وفاطمة بيزيرا (ريو غراندي دو نورتي) وماريا ريجينا سوزا (مناوبة ويلينغتون دياس الذي انتخب حاكم بياوي) . وإلى جانب نيفيز، سوف تواجه ديلما ايضا المعارضة في مجلس الشيوخ من قبل جوزيه سيرا وتاسو جريصاتي المنتخبين حديثا. وعلى عكس الولاية الأولى للرئيسة ديلما روسيف، فان الرئيس لولا يشارك أكثر في الحياة السياسية وقد التقى هذا الأسبوع مع الرئيسة لمناقشة التعديل الوزاري في الولاية الثانية.