بعد أن تحدثنا عن مكانة مصر فى القرآن الكريم فى مقال سابق ووضحنا أن مصر لها مكانتها فى كتاب الله تعالي، وقد ذكرت فى ثلث القرآن الكريم تقريبا لا كما يقال فى بضع وثلاثين آية فحسب،، نواصل الحديث الثانى عن هذا البلد الآمن بفضل رب العالمين لعل من لا يعرفون قيمة مصر يعرفون، ومن لا يقدرون مكانة أمنها وسلامتها والمحافظة على أهلها وخيراتها يقدرون، وعن غيهم يعودون.. ويكفى هذا البلد شرفا لمن لا يعرفون: أنها حظيت بوصايا الأنبياء، ودعواتهم، واستقر على أرضها كوكبة منهم، لذا ندعو هؤلاء ليتعرفوا على مصر كما هى فى عيون الأنبياء: فهذا إمامهم محمد صلى الله عليه وسلم ينظر إلى مصر، وأهلها نظرة تقدير، وعرفان فيوصى بها، وبأهلها خيرا كما جاء فى الصحاح،، والوصية من النبى لا تكون إلا لشئ عظيم، ولولا أن مصر كذلك ما تفوه النبى بذلك، ونحن نعلم أنه - عليه الصلاة والسلام- ما ينطق عن الهوي،، بل نقول لمن لا يعرفون مصر، ولمن غفلوا عن قول النبى عنها : اقرأوا التاريخ فقد جاء فى الأثر: أن آدم – عليه السلام- كان هو أول من دعا لهذا البلد بالخصب، والبركة، والخير، والرحمة، كذلك شيخ الأنبياء سيدنا نوح عليه السلام – كما نسب حكاية عن ابن عباس - ، حيث دعا بعد الطوفان لابنه بيصر بن حام ، أو “ مصرائيم” الذى سميت مصر باسمه قائلا :- “ اللهم إنه قد أجاب دعوتى فبارك فيه ، وفى ذريته ، وأسكنه الأرض الطيبة المباركة التى هى أم البلاد، وغوث العباد،”- لذا أطلق على مصر: أم الدنيا لقول سيدنا نوح “أم البلاد“ أما سيدنا إبراهيم فقد هاجر إلى مصر وتزوج منها هاجر المصرية ، وانجب منها اسماعيل جد الرسول الكريم محمد -عليه الصلاة ، واتم التسليم- ،وقد كان قد دخلها، وتغرّب فيها دون غيرها من البلدان لما كانت المجاعة ألمت ببلاد الدنيا كلها إلا مصر التى دعا لها نوح من قبل : بالبركة والخيرات وهذا سفر التكوين -12- 10- يحكى ذلك قائلا: (ولما عمت فى البلاد المجاعة انحد ر إبرام إلى مصر لأن المجاعة كانت شديدة فى الأرض)..، ثم عاش فيها يوسف الصدّيق وكان أمينا على خزائها، وبركاتها ، وزارها أبوه يعقوب، وأولاده الأسباط: وقت الشدة ، وانتشار المجاعات، وينقل سفر التكوين ذلك باختصار قائلا: (وابتدأت سنى الجوع كما قال يوسف فكان جوع فى جميع البلدان وأما جميع أرض مصر فكان فيها خبز) والقرآن الكريم يفصّل الحديث فى ذلك تفصيلا فى سورة يوسف- عليه السلام- ،، ولمن لا يعرفون مصر أيضا نذكرهم بسيرة نبى الله موسى - عليه السلام- الذى ولد فى هذا البلد الكريم، وأمر الله تعالى نيله ليحفظه من الغرق، وربط الله على قلب أمه على أرض مصر لتكون من المؤمنين ، وتجلّى ربه -رب العالمين- على جبل من جبال هذا البلد العظيم فى بقعة مقدسة فيه بأمره وتقديره سبحانه قبل مجيئه ليكلم فيها هذا النبى الكليم، وهذه خصوصية لهذا النبى وشرف كبير لهذا الوطن الذى اصطفى المولى أرضه دون غيرها من أراضى الدنيا كلها ليلقى الألواح وينادى موسى قائلا: إنى أنا رب العالمين (لا إله إلا أنا فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى) أما عيسى - عليه السلام- فقد أوى إلى مصر، ومعه الصديقة أمه ليكونا آية للخلق أجمعين، وتستقبلهما أرض مصربحفاوة وترحاب، ويكرمان فيها على ربوة ذات قرار ومعين، ويجمع قبط مصر على صحة ذلك. تلك هى مصر التى يظن الحاقدون والمتآمرون عليها أن أمنها قد أمسك بعصا ترحاله، ورحل عنها، وأن أهلها سوف لا يجدون أقواتا فيها لأولادهم!!، وكذبوا - ورب الكعبة- فأنبياء الله: أكلوا من خيراتها، وشربوا من نيلها، وتزوجوا من نسائها، وعاشوا عيشة رغدة بفضل رب العالمين على أرضها، وأخبر سبحانه فى كتابه العزيز عن بركاتها، وجعل فيها خزائن الأرض باعتراف أحد أنبياء الله عز وجل، يوسف الصديق. لمزيد من مقالات د عبد المنعم فؤاد