قدرت قيمة عجز الموازنة فى العام المالى القادم 2010/2011 بحوالى 117 مليار جنيه بنسبة 7.9% من الناتج المحلى الاجمالى وذلك مقابل نسبة عجز متوقعة للعام المالى الحالى تقدر 8.2%. العجز في حد ذاته ليس مشكلة لكن المشكلة الحقيقية هي تنامي الزيادة في العجز دون ان تقابلها زيادة في معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي, والتعريف البسيط للعجز هو زيادة مصروفات الدولة عن ايراداتها المحققة الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية يدرك حجم المشكلة ولكن بثقة في السياسة المالية الحالية وقدرة الاقتصاد القومي علي النمو يري أن عجز الموازنة تمكن السيطرة عليه دون حدوث زيادة في معدل التضخم, والمهم هو تنشيط السوق المصرية وعدم تحمل الاجيال القادمة عبء الدين العام ومشاكل السياسة المالية الأخري. وزير المالية أكد أن زيادة العجز في السنة المالية2009/2008 الي5.8% بدلا من معدلات لا تزيد علي7.2% كان مستهدفا لمواجهة تداعيات الأزمة المالية والتي كان من الضروري لمواجهتها زيادة الإنفاق العام للمساهمة في تنشيط حركة الاقتصاد الوطني ومساعدة القطاعات الاقتصادية المتضررة علي تجاوز الآثار السلبية لهذه الأزمة, وهو ما نجحت فيه وزارة المالية بدعم من الاصلاحات المالية التي بدأت منذ نحو20 عاما في عهد حكومة الدكتور عاطف صدقي, وما منحته الحكومة الحالية من دفعة جديدة لهذه الاصلاحات علي مدي السنوات الأربع الماضية وهو ما جعلنا نقف بقوة أمام الآثار السلبية للأزمة العالمية والتي أثرت بشدة علي معظم دول العالم وأدت الي تحقيق اقتصادياتها بما فيها دول كبري معدلات نمو سالبة بعكس ما حققت مصر, حيث استمررنا في تحقيق معدلات نمو ايجابية وإن كانت اقل من السنوات السابقة عن الأزمة المالية العالمية. وفي ضوء هذه المؤشرات الايجابية وتحسبا لمخاطر استمرار زيادة العجز وتأثيره السلبي علي مناخ الاستثمار وانعكاسه علي زيادة ارقام الدين العام تنبهت الحكومة لهذه المخاطر واستهدفت في مشروع الموازنة2011/2010 العودة الي تنفيذ برنامج لخفض عجز الموازنة عن معدلاته الحالية من متوسط مستهدف في حدود5,8% من الناتج المحلي الاجمالي لينخفض الي أقل من8% من هذا الناتج. وهذا البرنامج يعطي الثقة اللازمة لرءوس الأموال المحلية والأجنبية في قدرة الاقتصاد المصري علي تجاوز تحديات الأزمة المالية خاصة أن الدولة تسعي لاستكمال خططها التنموية والحفاظ علي تسجيل معدلات نمو مرتفعة لا تقل عن6% في العام القادم علي أن تصل الي ما يتجاوز من8% الي8.5% خلال السنوات القادمة, وما يتطلبه ذلك في الحفاظ علي معدلات انفاق عالية وضخ استثمارات جديدة تدعم هذه التوجهات, سواء من خلال تهيئة بيئة الاعمال المحلية لتشجيع الاستثمار من القطاعين الوطني والاجنبي ورفع معدلات الادخار المحلي لتحقيق هذه الاهداف. وفي ظل تعهدات الحكومة بعدم تحميل الاجيال القادمة أعباء مديونيات ضخمة وفي نفس الوقت تحقيق التوازن المالي في موازنة الدولة من خلال خفض نسب المديونية المحلية الي مستويات آمنة بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي, تجتهد الحكومة من خلال مشروع موازنتها الجديدة لتطوير وتنويع برنامج الاقتراض الحكومي والحفاظ علي مستوياته عند معدلات آمنة بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي, وتقوم هذه الخطة علي عدة محاور منها ايجاد آليات مستحدثة في اطار اعادة هيكلة الدين العام وتحسين ادارته للتخلص من القروض عالية التكلفة بقروض أقل تكلفة وعلي مدي أطول. ويواكب ذلك اتباع ادوات مالية حديثة لتمويل الاستثمارات والتي أثبتت نجاحها في بعض القطاعات وأهمها مشروع مشاركة القطاعين الخاص والعام لتنفيذ مشروعات كانت تمول بالكامل من الموازنة العامة للدولة وبذلك نكون قد قللنا الضغط علي الانفاق العام, وقد وفر هذا البرنامج مايقرب من120 مليار جنيه خلال السنوات الماضية. والشق الآخر لخفض عجز الموازنة هو بالطبع زيادة الموارد ولقد انتهجت السياسة المالية خطة اصلاح كاملة للتشريعات الضريبية والتي يمكن أن تساهم في زيادة الموارد خاصة ما يتم الآن في تطوير الضريبة العقارية ومشروع الانتقال الي القيمة المضافة وذلك جنبا الي جنب مع زيادة عدد الممولين الخاضعين للضريبة ورفع مستوي كفاءة الإدارة الضريبية بما يساهم في زيادة عدد دافعي الضرائب وتوزيع الأعباء الضريبية علي شريحة أكبر من الممولين. وفي النهاية وكما يؤكد عبد الفتاح الجبالي الخبير الاقتصادي فأن اصلاح السياسة المالية يحتاج الي سلسة من الاجراءات والسياسات تتفاعل مع بعضها البعض. وإن علاج العجز ينبغي أن ينطلق من عدة مبادئ اساسية هي أن علاج العجز لايعني القضاء عليه بل الوصول به الي مستويات مقبولة اجتماعيا وأن هذا العلاج سوف تترتب عليه تكاليف معينة يجب أن يتحملها المجتمع وفقا لاعتبارات العدالة, وأن علاج العجز يجب أن يتم علي مدي زمني متوسط وطويل وليس علي المدي القصير.