قال الله عز وجل لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم): »وإنك لعلى خلق عظيم« وقالت عنه زوجه عائشة: »كان خلقه القرآن«.. وقال الصادق الصدوق محمد: »بعثت لأتتم مكارم الأخلاق«، وقال أيضا: »ألا أخبركم بأحبكم إلىّ وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة»، فأعادها ثلاثا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: »أحسنكم أخلاقا«.. وعن أنس رضى الله عنه قال: »كان رسول الله أحسن الناس خُلقا« متفق عليه. لذلك فإننى أذهب كمتخصصة فى علم الاجتماع إلى أن العلاقات الإنسانية بين الناس، الاجتماعية منها، والنفسية، والاقتصادية، والسياسية، وكذلك معاملاتهم بعضهم بعضا هى جوهر الحياة، وأصل المجتمع والواقع أن جهاد النفس، واعتراك الحياة، لا يقلان فى قيمتهما عن الجهاد فى الحرب، والتعرض لأهوالها.. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال: جاء رجل يستأذن النبى فى الجهاد وقال: »أَحىُّ والداك؟«، قال : نعم، قال: »ففيهما فجاهد«. وقال الله عز وجل: «وتعاونوا على البر والتقوى» (المائدة: 2)، وهنا يتبدى فضل التعاون والمشاركة سواء فى الحياة اليومية، أو الحياة الأسرية، أو فى سائر الأعمال. وقال الله تعالى: »إنما المؤمنون إخوة« «الحجرات: 01». وفى شرح لهذه القيم السامية قال المصطفى (صلى الله عليه وسلم): »من نَفَّس عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا، نفس الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومن يَسّر على مُعسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه« رواه مسلم. وروى الطبرانى عن ابن عمر رضى الله عنهما، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: »إن لله عبادا اختصهم بحوائج الناس، يفزع الناس إليهم فى حوائجهم ، أولئك الآمنون من عذاب الله«. وعن قيمة البر بالوالدين، وسموها بين القيم.. يقول الله تعالى: »وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا« {الإسراء: 32 42}. ومن أجمل الأخلاقيات فى ديننا الحنيف، الوصية بالنساء، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): »أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائكم« رواه الترمذى. ومن الخلق العظيم، تأتى القيم العظيمة، وأهمها «قيمة الحب».. عن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل: »إن الله يحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادى فى أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول فى الأرض« متفق عليه. وفى صلة الناس بعضهم ببعض والعمل على تقوية أواصر المحبة والألفة بينهم، ما روته عائشة رضى الله عنها، عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أنها قالت: «مازال النبى يوصينا بالجار، حتى ظننا أنه سيروثه». والقيمة هى الاهتمام، وهى مرتبطة بالخُلُق، وعلى الرغم من اختلاف الأفراد فى طريقة إدخال قيمهم فى مواقف حياتهم، فإن القيم دائما هى قيم خلقية، والقيم أيضا تفضيلات، والأشياء فى هذه الدنيا ليست جميعها سواء، ولكنها تتفاضل، فلا يستوى جمال وقبح، ولا علم وجهل، ولا فضيلة ورذيلة. والقيم الدائمة «نسبيا» هى التى تبقى طويلا فى نفوس الناس، يتناقلها جيل عن جيل، لأنها تحمل فى أغلب الأحيان صفة القداسة والإلزام، لأنها تمس الدين، والأخلاق، والحاجات الضرورية للناس. ومن القيم الدائمة قيم الحق، والخير، والجمال.. ومن القيم السلبية رأينا القتل، والسرقة، والاغتصاب. .. أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس لمزيد من مقالات د. سامية الساعاتى