في الوقت الذي أدرك فيه أعداء مصر أهمية ميناء القصير فقام الفرنسيون باحتلاله لقطع الامدادات عن الصعيد اثناء الحملة الفرنسية فإن الاجيال الجديدة من المصريين لم ترد الاعتبار لهذا الميناء العظيم . بل دفعت به إلي مصير مجهول يسقط فيه إلي هاوية الإهمال بل ان يد الإهمال قد امتدت أيضا للطريق الذي استخدمه قدماء المصريين في تجارتهم مع بلاد بونت ليفقدوا محورا هاما لخدمة حركة النقل والسياحة وكأن أحفاد الفراعنة يهيلون الرمال علي أمجاد القدماء, بينما تنعش اجواء الثورة اليوم الآمال لإعادة إحياء أمجاد الماضي بإعادة الميناء للحياة مرة أخري وحسن توظيف طريق وادي الحمامات الذي يعتبر أقصر المحاور التي تربط البحر الأحمر بوادي النيل. والحديث عن الميناء والطريق يتجه بنا لإلقاء الضوء علي مدينة القصير ذاتها, فهي أقدم مدن محافظة البحر الأحمر بل كانت ذات يوم واحدة من بين ست محافظات تطل علي ساحل البحر الأحمر حينما كانت مصر والسودان دولة واحدة ويقال إنها سميت بالقصير لكونها أقرب منطقة تربط بين ساحل البحر الأحمر ووادي النيل وذلك عبر أقدم وأشهر طريق عرفه القدماء وهو طريق وادي الحمامات الأثري والذي يربط الآن القصير ومدينة قفط بقنا. وكانت هذه المدينة قد شهدت منذ عام1910 م نهضة صناعية هائلة تمثلت في انطلاق قطار صناعة الفوسفات التي تزخر بها صحرائها حيث قامت الشركة التي كانت قد تأسست حينذاك باستغلال نحو ستة مناجم كبري واستطاع هذا النشاط يومها أن يوفر لأبناء المدينة ولغيرهم آلافا من فرص العمل, علاوة علي المساكن المناسبة ولكن بعد سنوات توقف هذا النشاط بعد أن عزف سيمفونية رائعة في حركة تصدير هذا المنتج للخارج عن طريق أقدم ميناء عرفه ساحل البحر الأحمر وهو ميناء القصير القديم والذي دمر معظم مكوناته. ومع وصول قطار السياحة لهذه المدينة بدأ أبناء القصير يستعيدون ذكريات الماضي الجميل لمدينتهم ويبحثون اعادة أمجاد هذه المدينة للحياة ومرة أخري من أجل توفير فرص عمل جديدة وإنعاش الحياة الاجتماعية وتعضيد قطاع السياحة الذي لايزال يحبو بهذه المدينة وعلي رأس المقومات التي لا يترددون في المطالبة بإحيائها ميناء القصير القديم وطريق وادي الحمامات الأثري. فكما يقول محمد عبده حمدان إن القيمة التاريخية لميناء القصير القديم تجعل من وضعه الحالي بمثابة كابوس مزعج لمعظم أبناء المدينة, فهو أقدم مواني البحر الأحمر قاطبة ويحكي حدوتة تاريخية حيث يعود إلي عهد الفراعنة مرورا بالعصر الروماني والبطلمي والإسلامي حينما كان منفذا بحريا هاما لكل هذه العصور. وقبل شق قناةالسويس كان لهذا الميناء دوره المحوري في تنشيط الحركة التجارية بين وادي النيل والجزيرة العربية وسبق للخديو إسماعيل أن أمر بإقامة أول جمرك لهذا الميناء ونظرا لأهميته الإستراتيجية أمر نابليون بونابرت أثناء الحملة الفرنسية باحتلال هذا الميناء حتي يقضي علي الإمدادات التي كانت ترد من الجزيرة العربية لأهل الصعيد ولمنع الأسطول الفرنسي من التجول في مياه البحر وذلك في إطار الصراع التقليدي الذي كان دائرا بين الفرنسيين والانجليز اللواء علي شوكت رئيس مدينة القصير يقول إن ميناء القصير بوضعه الحالي يمثل صورة صارخة لإهمال مرفق هام من شأنه حال تطويره وتحديثه وإعادة تشغيله أن يضيف الكثير لأبناء المدينة أما عن المشروع الثاني الذي يطالب ابناء القصير بإحيائه فهو طريق وادي الحمامات الأثري الذي يربط بين مدينتي القصير وقفط بقنا حيث يقول رئيس المدينة أيضا إن هذا الطريق بالذات يعد من أهم الطرق المصرية القديمة فهو أول من ربط بين ساحل البحر الأحمر وبين وادي النيل بجنوب الصعيد وقد سلكه الفراعنة القدماء واستخدموه حين ذاك في تجارتهم إلي بلاد بونت. لذلك لابد من وضعه ضمن منظومة التفويج السياحي أو ما يسمي بسياحة اليوم الواحد التي تنطلق من البحر الأحمر إلي المقاصد الأثرية بالأقصر وأسوان حيث إنه الأقرب لتلك المقاصد. ويوفر نحو ساعتين للسائحين الموجودين بالقصير ومرسي علم وجنوب سفاجا مقارنة بسيرهم علي طريق سفاجا- قنا كما أنه سوف يخفف الضغط المروري الموجود علي طريق سفاجا ومطلوب من هيئة الآثار الاهتمام بالآثار الموجودة علي هذا الطريق وتحويلها لمزارات سياحية وإدراجها علي خريطة السياحة المصرية.