بين ليلة وضحاها، يسقط عشرات الضحايا ، فى حوادث الطرق، بسبب سائق مدمن للمخدرات، أو قائد سيارة أرعن يقودها بسرعة جنونية.. أو بسبب طريق لم ينشأ وفقا للمواصفات الفنية ، ولا الاشتراطات المرورية الصحيحة.. أو بسبب مركبة تسير على الطريق دون اتباع أدنى معايير السلامة!! وفى ظل هذا المشهد العبثى تكون النتيجة الكارثية: حالات وفاة بالجملة.. وأشلاء متناثره على الطرق.. وجثث متفحمة.. ودماء تسيل على الأسفلت.. مأتم هنا.. سرادق هناك.. ويبدو أن القدر قد أبى ألا يمر شهر نوفمبر، إلا على جثث ضحايا حوادث الطرق، ولم تكد مصر تلملم أحزانها، بعد حادث وفاة11 طالبة فى منطقة الكوامل بسوهاج ، حتى تفحمت 12 جثة فى حادث احتراق أتوبيس طلاب البحيرة.. وهكذا تتجدد الأحزان يومياً.. ويبدو أن حادثة «البحيرة» لن تكون الأخيرة، فكم من سيارات اصطدمت ببعضها البعض على الطرق السريعة.. وكم من سائقين تجاوزا السرعة المقررة، وخالفوا قواعد المرور.. وكم من سيارات متهالكة تسير على الطرق.. وكم من سائقين يتعاطون المخدرات دون حسيب أو رقيب.. ثم تمر الكارثة مرور الكرام.. ويطويها النسيان ، حتى تقع كارثة جديدة.. ويسقط قتلى ومصابون جدد!! ويبقى السؤال الذى يطرح نفسه: هل ستنجح التعديلات الجديدة لقانون المرور فى الحد من حاودث الطرق بعد تشديد العقوبة على المخالفين ؟! بشكل عام ، فإن تعديلات قانون المرور الجديد – كما يقول اللواء مصطفى درويش مدير الإدارة العامة للمرورل " تحقيقات الأهرام" ، سوف تقلل الحوادث بنسبة كبيرة، بسبب تشديد العقوبات المفروضة على مرتكبى الجرائم المرورية الواردة بالتعديلات القانونية الجديدة، مشيرا إلى أن اكثر الطرق كارثية، والأكثر تعرضا لحوادث السيارات هو الطريق الزراعي، وقد اعدت الإدارة العامة للمرور دراسة لتقليل الحوادث على الطريق الزراعي، حيث تتجه الإدارة لتقيد سيارات النقل بالمرور عليه ، والسماح لها فقط خلال الفترة من الساعه 11 مساء حتى 6 صباحا، تفاديا لوقوع الحوادث المرورية، مع السماح لسيارات نقل المواد التموينية والبترولية بالسير فيه فى مختلف الأوقات، لتلبية احتياجات المواطنين. وقد تم تكثيف الردادات والكمائن المرورية على مختلف الطرق، لمراقبة السرعات العالية، وضبط التجاوزات حال وقوعها، حيث يعمل نحو 40 رداداً على مدار اليوم، فضلا عن رادارات ثابتة على الطرق الدائري، وأخرى تعمل على طريق الفسكندرية- العلمين، فيما يعمل الردارعلى طريق القاهرةأسيوط الغربي، ليلا ونهارا، وكذلك الحال بالنسبة لطريق الكريمات، وتخطط الإدارة العامة للمرور- كما يقول اللواء مصطفى درويش- لشراء 40 راداراً جديداً، لتغطية جميع الطرق بالمراقبة الرادارية للحد من الحوادث المرورية، ومواجهة السرعات العالية، التى تتسبب فى كوارث المرور. ومن أجل تفادى حوادث الطرق، ينصح مدير الإدارة العامة للمرور اللواء مصطفى درويش ، السائقين بمراعاة قواعد وآداب المرور، وان يتوقف السائقون عن تعاطى المخدرات حفاظا على ارواحهم، وحرصا على سلامة مستخدمى الطرق، مؤكدا أن زيادة الغرامة إلى 20 ألف جنيه والحبس الوجوبي، فى تعديلات قانون المرور الجديد، وإلغاء الرخصة، عقوبات تنتظر المخالفين ، بكل حسم، ودون تهاون. 3 أسباب للحوادث وترجع حوادث المرور كما يقول اللواء كامل يس مدير مرور الجيزة ومعهد المرور سابقاً، لثلاثة أسباب رئيسية، هى العنصر البشري، والطريق، والمركبة، فمن ناحية العنصر البشري، فإن السائقين أو رجل المشاه، يرتكبون أخطاء فادحة، ومع أن مهارة القيادة متوفرة فى مصر، إلا أن قائدى السيارات لا يلتزمون بقواعد وآداب المرور، كما أن نسبة ليست بالقليلة من سائقى سيارات النقل يتعاطون المواد المخدرة، لمواصلة السير لساعات طويلة، ناهيك عن الرعونة فى القيادة، والسرعات الجنونية، والتخطى الخاطئ، والسير عكس الاتجاه، كما أن بعضهم يقوم بتدخين الشيشه أثناء القياده، ولا يلتزمون بحزام الأمان، والذى لا يمنع وقوع الحادث، لكنه يخفف من جسامته. أما العنصر الثانى المتسبب فى حوادث الطرق، وهو الطريق ذاته ، فالعديد من الطرق بها عيوب فنيه، ومطبات، ولم يتم تخطيطها وفقا للقواعد المرورية السليمه، إلى جانب غياب التخطيط الهندسى السليم لبعض الطرق، والحمولات الزائدة التى يكتفى فيها بالغرامة، مع أنها تدمر شبكة الطرق، وتؤدى فى أحيان كثيرة لوقوع الحوادث. ثم تأتى المركبة،وهى العنصر الثالث الذى قد يكون مسئولا عن حوادث المرور، فى حالة وجود عيوب فنيه فيها، سواء كانت تلك العيوب فى الإطارات، أوالفرامل، أو فوانيس الإضاءة، أو حتى ماسحات المطر، ويمكن لأى سبب من الأسباب المذكورة، أن يتسبب فى وقوع كارثة بشرية على الطريق. كانت هذه هى العناصر الرئيسية لوقوع الحوادث المرورية ، أما الحلول فتشمل فى رأى اللواء كامل يس- عدة محاور منها العنصر البشري، وهنا نؤكد أن تشديد العقوبات فى قانون المرور، قد يساعد فى حل المشكلة جزئيا، ، لكنه لن يقضى نهائيا على الحوادث المرورية من جذورها، غير أن تشديد العقوبة قد يكون فى بعض الأحيان مدعاة لعدم تطبيقها، ويلزم فى هذا الإطار، التدرج فى تطبيق العقوبة، فتبعات السير عكس الاتجاه على الطرق السريعة ليس كتبعاته على الطرق داخل المدن أو على الطرق الجانبية. الأمر الآخر، الأكثر أهمية، هو ضرورة تفعيل دور المجلس القومى لسلامة الطرق، والذى اجتمع أول أمس، بعد انقطاع دام لعدة سنوات، مع تزويده بميزانية مالية، لإجراء الدراسات الفنية ، وكذلك منحه صلاحيات محددة، تمكنه من إلزام الجهات المعنية بالمرور بتنفيذ السياسات المرورية التى يراها مناسبة لمواجهة الحوادث ، ومن الضرورى الإطلاع على تجارب الدول المتقدمة فى هذا المجال، والتى اهتمت بالتشديد على خمسة عناصر مهمة هي: مواجهة القيادة تحت تأثير المخدرات، والسرعة ، والالتزام بحزام الأمان، وسلامة الإطارات، ومطابقتها للشروط الفنية المقررة، والخوذة بالنسبة لقائدى الدراجات النارية، ولو ركزت الحملات المرورية فى مصر على هذه العناصر الخمسة، سوف تقل حوادث السيارات بنسب كبيرة. من جانب آخر، لابد من تدريب ضباط وافراد المرور فى بعثات بالخارج، للتعرف على أحدث النظم المتبعة لمواجهة الحوادث المرورية، ونقل خبراتهم لآخرين ممن هم أقل منهم فى الرتب، فى إدارات المرور المختلفة، ومن الضرورى تدريب السائقين فى مدارس مرورية ذات مواصفات فنية سليمه، وتطبيق القانون بحسم على الجميع دون اية استثناءات، يضاف إلى ذلك أهمية الاستعانة بالوسائل الحديثة فى المراقبة، مثل الرادارات، وكاميرات المراقبة بالميادين، والشوارع، والطرق الرئيسية. كوارث على الطرق ونتيجة لتلك الكوارث، تحتل مصر – كما يقول المستشار سامى مختار رئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم- المرتبة الأولى عالميًا حوادث الطرق، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، ويبلغ عدد الوفيات الناجمة عنها 13 ألفًا، فيما بلغ عدد المصابين 60ألفًا فى نهاية عام 2013، مشيرا إلى أن المعدل العالمى لقتلى حوادث الطرق لكل 10 آلاف مركبة، يتراوح بين 10 قتلى و12 قتيلا ، لكنه يصل فى مصر إلى 25 قتيلا ، أى ضعف المعدل العالمي، فيما يبلغ عدد قتلى حوادث الطرق لكل 100 كم فى مصر 131 قتيلاً ، فى حين يتراوح المعدل العالمى بين 4 و20 قتيلًا، أى أن المعدل فى مصر يزيد على 30 ضعف المعدل العالمي، وأيضا فإن مؤشر قسوة الحادث يوضح أن مصر يقع بها 22 قتيلًا لكل 100 مصاب، فى حين أن المعدل العالمى يقدر بنحو 3 قتلى لكل 100 مصاب. المحور والدائري يتفق معه خالد عبد المنعم الامين العام للجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق ، مؤكدا على صعوبة الحركة المرورية فى مصر، وانتشار حوادث الطرق التى بلغت أكثر من عشرة آلاف حادثة فى 2012، وتصدر المحور باتجاه المهندسين قائمة الحوادث برقم 575 حادثة فى عام 2012، يليه الطريق الدائرى المتجه من التجمع إلى الأوتوستراد بواقع 490 حادثة، ويقع فى المرتبة الثالثة طريق المحور باتجاه الشيخ زايد بنحو 443 حادثة بنهاية العام الماضي. آداب المرور ويفتقر المواطن المصري- كما تقول إيمان حماد عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق - للثقافة المرورية، وسوء سلوك المرورى بالطرق والشوارع، إضافة إلى عدم احترام الآخرين لحقوق وآداب وأولويات بعضهم أثناء السير ، وتجاهل التوقف بإشارات المرور، مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية حوادث الطرق قد أرجعت إلى عدة أسباب، منها: السرعة إذ أن هناك علاقة مباشرة بين زيادة متوسط السرعة، وبين احتمال وقوع حادث، ويتمثل السبب الثانى فى القيادة تحت تأثير الكحول والمخدرات، وعدم ارتداء الخوذات الواقية الخاصة بالدراجات النارية، وعدم استخدام أحزمة الأمان ، وأحزمة ومقاعد الأطفال، فيما يعود السبب الأخير فى حوادث المرور الى السهو أثناء القيادة.
كوارث المرور .. بالأرقام - مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا فى حوادث الطرق ب 13 ألف قتيل و60 ألف مصاب سنويًا - مليون و600 ألف مخالفة مرورية خلال العام الماضي.. و60 حالة تعاطى مخدرات خلال أسبوع بالقاهرة. - سددت شركات التأمين تعويضات بقيمة 5.5 مليار جنيه خلال السنوات الثلاثة الماضية عن حوادث السيارات فى مصر. - 15 مليار جنيه سنوياً التكلفة الاقتصادية لحوادث الطرق. - 50% من الحوادث تقع بسبب الشاحنات، و3% بسبب «الشبورة» وانحراف المركبات وسقوطها فى مجارٍ مائية بنسبة 3%، و18% بسبب التخطى الخاطئ، و20% بسبب اختلال عجلة القيادة ، و3% بسبب انفجار إطار المركبة، و10% بسبيب العيوب الفنية فى الطرق. - 70% من سائقى الشاحنات فى مصر يقودونها تحت تأثير المنبهات والمخدرات. - تتداخل اختصاصات إدارة شبكة الطرق بين 3 وزارات هى النقل ، والإسكان، والتنمية المحلية . - يرتفع معدل الحوادث على الطرق الزراعية، ولاتزيد نسبة الطرق متعددة الحارات والمفصولة الاتجاهين عن 7% فقط من إجمالى شبكة الطرق، التى تعانى من سوء الصيانة بغض النظر عن الجهة المالكة، الأمر الذى أدى إلى ظهور مناطق تكرار الحوادث والتى تعرف باسم البقع السوداء وكذلك التقاطعات التى تفتقر إلى معايير الأمن والسلامة. - تصل نسبة الطرق المفردة إلى حوالى 90% من شبكة الطرق المصرية ، وتزيد عليها معدلات الحوادث نتيجة التخطى الخاطئ ، وتتسبب فى 13% من حجم الحوادث - يقدرعدد السيارات المرخصة فى مصر حاليا بنحو 5.2 مليون سيارة، يضاف إليها 465 ألف سيارة أخرى بنهاية العام الحالى 2014، كما أن أكثر الوفيات الناتجة عن هذا السبب هى الأشخاص التى تتراوح أعمارهم ما بين 25 و 45 سنة. - تتسبب زيادة الشاحنات والمقطورات على الطرق السريعة , واختلاطها بالمركبات الصغيرة المختلفة فى الحجم والسرعة وأسلوب المناورة ، فى وقوع 40% من نسبة الحوادث وحوالي50% من أعداد القتلى .