أبدى رجال دين سنة عراقيون نافذون وشيوخ عشائر مقيمون بالمنفى فى الأردن، شكوكا حيال جدوى ضربات التحالف الدولى الجوية بقيادة واشنطن للقضاء على تنظيم داعش المتطرف، معتبرين أنها لن تنهى العنف فى العراق بل ستزيد الوضع تعقيدا، ما لم يصاحبها حلول سياسية تنهى مشاكل هذا البلد من جذورها. وقال الشيخ عبد الملك السعدى أبرز علماء أهل السنة فى العراق، لوكالة الأنباء الفرنسية من مقر إقامته فى عمان أن القضاء على إرهاب ما يسمونه ب«داعش» لا يتم عبر إلقاء القنابل من الطائرات، بل فى القضاء على دوافعه وأسبابه من ظلم واعتداء وإقصاء وتهميش، وفى إعطاء الشعوب حقوقهم وحريتهم الكاملة لكى يرفضوا هذا الارهاب ويقفوا ضده بأنفسهم دون تدخل خارجي. ودعا السعدى الدول التى وافقت على الانخراط فى التحالف الدولى إلى إعادة النظر فى مواقفها، لأن الأمور قد تزداد سوءا فى كل العالم. وأضاف إذا كان التحالف جادا فى إيجاد حل جذرى لمشكلة العراق فعليهم الجلوس مع أهل السنة من مستقلين مناهضين للعملية السياسية الحالية، من علماء وشيوخ عشائر وعسكريين سابقين وأكاديميين والاستماع لمطالب المناطق السنية المنتفضة والثائرة بسبب الظلم. وأوضح السعدى مطالبنا معروفة وتتضمن 14 بندا، أبرزها إيقاف قصف المدن وسحب الجيش منها وإعلان عفو عام وإحداث توازن فى الوزارات والجيش ورفع اجتثاث البعث واعادة ضباط الجيش السابق والخدمة العسكرية الإلزامية وحل الميليشيات والصحوات واعطاء نسبة حقيقية للعرب السنة وتشكيل حكومة تكنوقراط. وتابع بعد ان يعطونا حقوقنا، نحن نعرف كيف سنتفاهم مع داعش، فهذا شأننا. ومن جانبه، رأى الشيخ محمد بشار الفيضى الناطق الرسمى باسم هيئة علماء المسلمين فى العراق واحدة من اكبر الهيئات السنية فى العراق تتخذ من عمان مقرا لها أن المحافظات السنية باتت اليوم فى وضع لا يحسد عليه، فهى بين المطرقة والسندان، هى بين تنظيم داعش الذى يحمل فكرا تكفيريا إقصائيا غريبا على هذه المناطق ولا يتفاعل معه أحد، وبين غارات التحالف وظلم الحكومة العراقية. وتساءل الفيضى كيف سيستهدفون التنظيم فى داخل المدن؟ هل سنشهد حرب إبادة للسنة تحت ذريعة محاربة هذا التنظيم؟ هذه هى المخاوف التى تراودنا جميعا، نحن السنة. واوضح أن الناس فى هذه المناطق يشعرون بالاحباط ولا يتفاعلون مع أى رغبة دولية فى محاربة هذا التنظيم او ذاك. ومن جهته، اعتبر الشيخ رعد عبد الستار آلسليمان احد شيوخ عشائر الانبار غرب العراق المقيمين فى عمان، ان الامريكيين لديهم تجربة سابقة فى العراق استمرت نحو عشر سنوات ولم ينجحوا فيها، داعيا دول العالم الى عدم الدخول فى «معركة فاشلة» اخرى فى العراق. ويقول يحيى الكبيسى المستشار فى المركز العراقى للدراسات الاستراتيجية الذى يتخذ من عمان مقرا له، ان الجميع بما فى ذلك الامريكيون، يعرف ان الغارات الجوية لن تؤدى الى نتائج حقيقية، رغم تأثيرها على حركة داعش وقدرتها على القيام بعمليات واسعة. وأضاف أن هذا الاندفاع نحو المقاربة العسكرية لن ينتج شيئا لان التطرف الموجود حتى قبل داعش هو نتاج أزمة سياسية، وبالتالى ما لم نحل جذور هذه الازمة لا معنى لمقاتلة داعش. وأوضح أن المشكلة انه ليس هناك أى تغيير حقيقى فى ادارة الدولة فى العراق على الرغم من تولى حيدر العبادى رئاسة الوزراء بدلا من المالكي. وتابع نعم هناك تغيير على مستوى الخطابات ولكن عمليا ليست هناك اى مؤشرات تدل على وجود تغيير حقيقى فى السياسات التى انتجبت الازمة الحالية. ودعا الكبيسى إلى عقد مؤتمر دولى حول العراق من اجل انتاج وثيقة موازية للدستور بضمانات دولية من أجل اعادة ثقة الجمهور السنى فى بغداد. وحذر من أنه إذا لم تتم اعادة هيكلة النظام السياسى فى العراق لكى يكون الجميع، الشيعة والسنة والاكراد، شركاء فى صنع القرار السياسى فانه لا امكان لمواجهة داعش او القضاء عليها، لانه حتى لو قضينا على داعش فالمشكلة القائمة حاليا ستنتج تطرفا آخر وتنتج «داعش» آخر. ويقيم فى الاردن ما بين 150 إلى 200 ألف عراقى من الذين هربوا من أعمال العنف فى العراق التى بلغت ذروتها عامى 2006 و 2007.