لم تسلم محميات مصر التراثية الطبيعية من الانتهاكات التي أعقبت عمليات البناء الضخمة عقب ثورة يناير, واستباحت مافيا مخلفات المباني الطريق الرئيسية والفرعية وصعدت للكباري وهبطت للأنفاق وفي وضح النهار لتلقي بالردش غير عابئة حتي بمايمكن أن تتسبب فيه من حوادث وازهاق للأرواح وتعطيل لحركة السير, ولم يسلم التراث الطبيعي المصري من الانتهاكات, وكانت محمية الغابة المتحجرة بالمعادي إحدي أهم محميات مصر الطبيعية التراثية واحدة من ضحايا تلك المافيا, حيث تحتضن بقلبها حفريات أشجار خشبية متحجرة ضاربة في أعماق التاريخ, وتراكيب جيولوجية متفردة, وأكثر من15 نوعا من النباتات النادرة التي لايوجد بعضها إلا بتلك الغابة, لم تسلم كل تلك النفائس من الهجوم التتاري لمافيا مخلفات المباني التي اقتحمتها بعشرات الآلاف من الأطنان, بل دمرت أجزاء كثيرة من السور الذي تم تشييدة صونا وحماية للتراث القاطن بقلب الغابة, ولم يكن الأمر يمر مرور الكرام وأصبح هذا التجاوز بمثابة الأزمة ليس بين مافيا المخلفات والمحمية وزارة وجهاز شئون البيئة, بل بين وزارتي الإسكان البيئة, فالأولي تتهم إدارة المحمية بأنها أقامت سورا بدون ترخيص وتجاوزت حدود المحمية, كما أن المقاول الذي يقوم بإقامة السور هو المتسبب في إلقاء المخلفات وتشوين الدبش الذي يستخدمه في البناء. في البداية يتحدث الجيولوجي أحمد سلامة خبير المحميات الطبيعية عن أهمية تلك المحمية فيقول محمية الغابة المتحجرة واحدة من أهم المحميات الطبيعية المصرية, والتي تعد مدرسة في عالم الحفريات والتراكيب الجيولوجية المهمة, فهي تضم غابة من الأشجار الخشبية المتحفرة أو المتحجرة ترجع لعصر الأليجوسين, أي منذ أكثر من35 مليون سنة, إضافة لتراكيب جيولوجية متفردة كما كشفت الدراسات والإبحاث عن وجود حفريات لحيوانات أخري, كما تتميز بوجود أكثر من15 نوعا من النباتات النادرة والتي لايوجد بعضها سوي بالمحمية مثل نبات بصل فرعون, ومهم جدا المحافظة علي المحمية وعناصرها التراثية وعدم تدميرها وتبرز ملامح أزمة بين وزارتي الإسكان والبيئة وكإنها إحياء لسيناريو متكرر لأزمة2005 بين الوزارتين عندما عزمت وزارة الإسكان في عهد محمد ابراهيم سليمان علي اقتطاع4 كيلو مترات مربعة من المحمية بحجة أنها لاتحوي حفريات, وتم تشكيل لجنة علمية من أساتذة الجيولوجيا والهندسة والحفريات اقرت بعدم المساس بحدود وأراضي المحمية وإقامة سور لصونها وحمايتها, وتم بناء السور الذي لم يكتمل بعد. وتأتي الأزمة الأخيرة بقرار الدكتور محمد فتحي البرادعي يتهم فيه المقاول التابع لجهاز شئون البيئة المتمثلة ببناء سور من الدبش بدون ترخيص وبالمخالفة للحدود المحددة للغاية, ووضع تشوينات من الحجارة بالطرق المحيطة بالغابة وبقرار إزالة السور باعتباره يمثل تعديا علي المحمية. والرد علي قرار وزير الإسكان من جانب جميع المسئولين بالمحميات الطبيعية, يؤكد انه منذ بداية أعمال إقامة السور عام2005, راعت وزارة وجهاز شئون البيئة إقامة السور داخل حدود المحمية والمحددة بالاحداثيات الواردة في قرار رئيس الوزراء رقم944 لسنة1989 وعدم تجاوزها التزاما بالقانون, ولم يكن هناك اعتراض من جانب الوزارة ولا جهاز مدينة القاهرةالجديدة, وبمجرد مخاطبة وزارة الإسكان لجهاز شئون البيئة بضرورة ترخيص السور بدأت وزارة البيئة الاجراءات بالتنسيق مع وزارة الإسكان, لذا كانت المفاجأة من قرار وزير الإسكان, مع العلم ان مخالفة السور بخروجه عن نطاق حدود المحمية غير صحيح, بل العكس فمنذ البدء في السور القديم عام2005في حدود المنطقة الشمالية الملاصقة لمنطقة النرجس تم بناء السور علي مسافة25 مترا وبطول2 كيلو متر داخل حدود المحمية وليس خارجها, ولا احد يدري لماذا يأتي مثل هذا القرار في هذا التوقيت, كما ان اتهام المقاول التابع لجهاز البيئة غير منطقي, لانه لايعقل ان تقوم معداته بردم أعمال الحفر الذي قام بها وتكلف فيها مبالغ طائلة لتنفيذ بناء السور التي تعاقد عليه, ولا احد يدري من اين جاءت المقطورات وقلابات وعربات مخلفات المباني التي قامت بإلقائها في حرم الطريق, ثم تم رفعها علي سور المحمية وتدمير اجزاء منه.