لم يكن ما شهدته البلاد من كارثة حقيقية في مباراة المصري والأهلي التي راح ضحيتها74 شهيدا ببورسعيد وليد الصدفة, ولكنه كان نتاج طبيعي لمنظومة فاسدة والمقدمات كانت تتبلور ولم يلتفت أو يتوقف أمامها أحد, بالرغم من تحذيرنا من وقوع الكارثة. فإذا كنا جادين في التصدي للكوارث التي تدق أبواب الرياضة المصرية من آن لآخر, علينا أن نعود لجذور التعصب بداية من الانفلات الإعلامي وتمادي قوة جماعات الالتراس في تعصبها ومحاولات البعض تسييسها في ظل ضعف ووهن قرارات اتحاد الكرة غير الرادعة.. ولا أجد أمامي اليوم سوي العودة لمقال سبق نشر في هذا المكان بتاريخ2011/10/17 عقب نهاية الأسبوع الأول للدوري تحت عنوان لا تسألونا عن الشغب بعد اليوم, تنبأنا فيه بما هو قادم, وللأسف كأنه لا حياة لمن تنادي, لأننا كنا وقتها نحذر من كارثة, فلقد تعودنا دائما اننا لا نتحرك إلا بعد وقوع مصيبة!! فشل اتحاد الكرة, وتحديدا لجنة المسابقات في أول اختبار حقيقي مع انطلاقة الموسم الكروي الجديد2011/2012 أو كما يقولون تمخض الجبل فولد فأرا بغير شنبات, بعد أن جاءت عقوبات لجنة المسابقات عقب انتهاء مباريات الأسبوع الأول لمسابقة الدوري, إضافة إلي نهائي كأس مصر ضعيفة وباهتة وغير رادعة, بل مشجعة للجماهير علي الاستمرار والتمادي في أحداث الشغب, طالما هناك وجود من اللوائح المطاطة التي تكيل بمكيالين بل ثلاثة وأربعة وخمسة! لقد كنا نأمل أن نري اتحاد الكرة يبدأ الموسم بقرارات قوية ورادعة وحازمة للقضاء علي الشغب واقتلاعه من جذوره, بعد أن عانينا في الموسم الماضي من حالة التخبط والتضارب والضعف والوهن في القرارات والتي كانت دائما ما تتم ترجمتها وتحويلها إلي غرامات مالية توقع علي الأندية لتدخل خزائن الاتحاد التي تم إلغاؤها بقرار فوقي قبل انعقاد الجمعية العمومية الأخيرة..! بينما المعنيون بالعقوبات من الجماهير المثيرة للشغب لا يصيبهم أي أذي أو ضرر, لأنها ببساطة شديدةهم لا يدفعون شيئا بل كل الغرامات إذا كانت تدفع فهي توقع علي النادي, ولقد كانت صدمتي كبيرة عندما تلقيت خبر عقوبات لجنة المسابقات الصادرة أمس والتي جاءت مخيبة للآمال بل تدعو للدهشة وتثير الاحتقان والتعصب بين الجماهير! ولقد اكتفت اللجنة المبجلة بتوقيع غرامة مالية علي الأهلي قيمتها40 ألف جنيه لاشعال الجماهير للشماريخ وأشعة الليزر والسباب الجماعي في مباراة حرس الحدود, برغم أن جماهير الألتراس الأهلاوي لم ترتدع من عقوبات العام الماضي بل تمادت في تحد صارخ لقرارات لجنة المسابقات بالرغم من نقل المباراة إلي الإسكندرية بتعليق لوحة تقول مشي هاتقولي أزي اشجع في رد قوي أو كما يقولون يخرجون لسانهم لاتحاد الكرة ولجانه, وعقوباته!.. وبدلا من أن كنا ننتظر منهم سلوكا ينم عن الامتثال للعقوبة والشعور بالمسئولية تجاه ما يتعرض له النادي من نقل مباريات أو اللعب بدون جمهور, دفع الفريق الثمن وكلفه غاليا بالخروج من بطولة أندية إفريقيا! وللأسف مع كل ذلك لا حياة لمن تنادي, طالما العقوبات لا تمس الجماهير من قريب أو بعيد وبعد أن حصل أولاد الألتراس علي الشرعية بعد الاعتراف بهم كقوة مؤثرة من قبل المسئولين بالنادي والجلوس والاجتماع بهم. ثم كانت النتيجة التي شاهدناها في استاد الإسكندرية, في تحد صارخ للقانون واللوائح. ومن ثم لا أري أي مبرر أو سبب لكي تكون العقوبة اختيارية للنادي هل تفضل أن تلعب المباراة علي ملعبك بدون جمهور أو تلعب خارج ملعبك بحضور الجماهير, علي مقولة سياتك تحب تشرب إيه؟! تلك آفة الكرة المصرية وضعف القائمين علي منظومة الكرة, بعد أن حولوا الاتحاد إلي خزينة مالية متنقلة كل هدفهم تجميع الأموال حتي لو كان ذلك علي حساب الروح الرياضية والقيم والمبادئ فلا تسألونا عن تزايد أحداث الشغب في المباريات بعد اليوم.! عفوا اتحاد الكرة ولجنة المسابقات انتم المسئولون عن أحداث الشغب وكل مايحدث داخل الملاعب سواء كان شغبا جماهيريا أو عدم التزام من اللاعبين أو أجهزة فنية بل انتم المسئولون عن زيادة حدة التعصب والاحتقان عند الجماهير بما لديكم من عمليات كيل بمكيالين وثلاثة وأربعة وخمسة حسب سطوة وقوة وجماهيرية النادي, الذي تحبه.. فإذا غاب العدل وقوة القانون فلا تسألونا عن الشغب بعد اليوم!