فيدريكا موجرينى .. وجه سياسى ظهر على الساحة الدولية بقوة منذ بضعة أشهر فقط عندما أصبحت أصغر وزير للخارجية الإيطالية ، وثالث سيدة إيطالية تتقلد هذا المنصب فى فبراير من العام الحالى ، فهى تبلغ من العمر 41 عاما فقط ، ولم يتح لها الوقت الكافى لمتابعتها كوزير خارجية إحدى أهم الدول الأوروبية، حتى تم اختيارها لتولى منصب من أكثر المناصب الحساسة والمهمة والمؤثرة على مستوى العالم، وهو منصب المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية الأوروبية خلفا للبارونة الإنجليزية المخضرمة كاثرين آشتون. وجاء اختيار موجرينى لهذا المنصب الذى يعد بمثابة وزير خارجية الكتلة الاوروبية فى ال 30 من أغسطس الماضى من قبل المجلس الاوروبى بعد أن رشحها لهذا المنصب رئيس وزراء بلادها ماتيو رنيزى، وذلك بعد أن فاز الحزب الديمقراطى بأغلبية المقاعد بالبرلمان الأوروبى، وهو أكبر حزب يسارى فى أوروبا ، مما أتاح الفرصة لترشيح موجرينى للمنصب، لأنها تنتمى للحزب الديمقراطى الإيطالى المنبثق من الاشتراكية الأوروبية. وفازت موجرينى بالمنصب رغم الاعتراضات التى تحوم حولها منذ تقلدها منصب وزير خارجية إيطاليا ، فالكتلة الأوروبية الشرقية كانت ضد تقلدها منصب المنسق الأعلى للخارجية الأوروبية، نظرا لموقفها من الازمة الروسية الأوكرانية، حيث وجهت لها انتقادات آنذاك بأن موقفها إزاء الأزمة لين جدا ، وأرجع الكثيرون ذلك لميلها للجانب الروسى وقربها من موسكو والكرملين ، ووجهت لها انتقادات بأنها لم تأخذ الأزمة الأوكرانية مأخذ الجد ، وكانت الكتلة الشرقية على ثقة بأن ترشيح موجرينى لن يؤتى ثماره ، ولن تحظى بالتأييد الكافى، ولكن خاب ظن الكتلة الاوروبية الشرقية واختيرت موجرينى للمنصب. وفى تعبير عن رؤيتها لما يحدث فى القارة الأوروبية والعالم قالت موجرينى:" إننا نواجه تحديات جسيمة فى ظل انتشار الكوارث فى جميع أنحاء أوروبا وفى أوكرانيا ، علاوة على المشكلات فى العراق وسوريا وصولا إلى ليبيا". وكانت هناك أزمة أخرى أحاطت بوزيرة الخارجية الإيطالية منذ سنوات وبالتحديد عام 2002 عندما نشرت على مدونتها صورا لها مع الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ( الذى وصفته وول ستريت جورنال بأنه إرهابى، وانتقدت علاقة موجرينى به ومساندتها للقضية الفلسطينية) ، وهو ما اضطرها فيما بعد إلى حذف هذه الصور التى مازالت تنتشر على شبكة المعلومات الدولية ومتداولة بسهولة ، فقد أخذ انطباع عن موجرينى بتعاطفها مع الجانب الفلسطينى، بل تطور الأمر لأن وصفها البعض بأنها ضد الدولة الإسرائيلية. ومن المقرر أن تبدأ موجرينى مهام منصبها الجديد فى الأول من نوفمبر القادم، ولكنها قامت بالفعل بالتحدث فى إحدى الجلسات أمام البرلمان الأوروبى قبل انعقاد مؤتمر إعمار غزة الأخير بالقاهرة، والذى شاركت فيه باعتبارها وزير خارجية إيطاليا ، حيث أكدت أن الاتحاد الأوروبى سيكون له دور مهم جدا فى عملية إعادة إعمار غزة ، مؤكدة على "الدور الكبير للاتحاد الأوروبى كعنصر مسهل فى عملية اعادة اعمار غزة، و الحل السياسى للقضية الفلسطينية " . كما شددت موجرينى على ضرورة دعم القيادات السياسية الفلسطينية والحكومة الوطنية الفلسطينية ، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبى على استعداد لتقديم كل أشكال المساعدة للحكومة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة، وتحقيق الإصلاحات اللازمة به. وفور فوزها بالمنصب الأوروبى الرفيع هنأتها كاثرين آشتون ، قائلة :" أتمنى لموجرينى كل التوفيق فى دفع عمل الاتحاد الأوروبى الخارجى قدما خلال خمس سنوات قادمة، ليكون على رأس أولويات هيئة العمل الخارجى الأوروبى."