تتمتع العلاقات المصرية اليابانية بالتطور الدائم والازدهار منذ نشأتها فى العقد الثانى من القرن ال 20 ، فاليابان تتمتع باعجاب كبير من المصريين على المستوى الشعبى ، واحترام من جانب الدولة المصرية ،كما ان مصر وحضارتها تستحوذان على اعجاب اليابانيين. وقد قدم الى مصر اخيرا سفير جديد لليابان، هو «تاكيهيرو كاجاوا» وهو ليس غريبا على مصر فقد درس بها اللغة العربية فى بداية حياته الدبلوماسية لمدة عامين منذ اكثر من 30 عاما ويتحدث بعض العربية التى يقول إنه نسى معظمها مع المناصب الكثيرة والمهمة التى تولاها فى الخارجية اليابانية ، حيث عمل مديرا لقسم الشرق الاوسط (1)، ثم مستشارا فى سفارة اليابان بالولايات المتحدة ، فالسعودية، وبعدها عمل وزيرا مفوضا فى بعثة اليابان الدائمة لدى المنظمات الدولية بجنيف، ثم نائبا للمدير العام لقسم الشرق الاوسط بالخارجية اليابانية، فمديرا عاما لقسم القضايا الدولية ومنها سفيرا لليابان فى القاهرة .. «الأهرام» حاورت كاجاوا حول حاضر العلاقات المصرية اليابانية، ومستقبلها، وافكاره لتطويرها. • كنت فى القاهرة منذ نحو 30 عاما تدرس اللغة العربية والآن عدت اليها سفيرا لليابان .. كيف ترى مصر بعد هذا الوقت الطويل؟ وما الذى مازلت تحبه فى القاهرة ؟ - نعم، لقد تشرفت بأن أبدأ حياتى العملية هنا فى القاهرة منذ نحو 30 عاما عندما كنت طالبا ملحقا بالسفارة اليابانية أتعلم اللغة العربية وكنت أعيش مع أسرة مصرية لمدة عامين فى شقة فى الزمالك، وأتذكر حتى الآن اسم ربة الأسرة مدام كليوباترا، وكنت فى الواقع سعيدا جدا بالحياة مع أسرة مصرية وكنت اتناول معهم الطعام المصرى مثل الفول و الطعمية والكشرى، فى البداية كنت مندهشا و استغرب الأشياء ، وأسلوب الحياة المختلف، خاصة عندما يأتى الأقارب الى منزل مدام كليوباترا ويقضون الساعات فى الحديث دون ملل و كان ذلك بمثابة «صدمة ثقافية» فقد اعتدت حياة مختلفة تماما واعيش لأول مرة فى بلد أجنبى، غير أننى سرعان ما اعتدت ذلك ، وبعد أن عدت هذه المرة كسفير فإننى أشعر بأننى عدت الى بيتى بعد 30 عاما. ودعنى أقول لك إن أكثر ما أحببته فى المصريين ومازلت هو كرمهم وحسن ضيافتهم، فقد أحاطتنى أسرة مدام كليوباترا وأقاربها بحب وكرم كبيرين، وهكذا تحسنت لغتى العربية بسرعة، وخاصة العامية المصرية التى كانت الأسرة – مثل كل المصريين - يتحدثون بها دائما وهو ما كان مختلفا تماما مع ما أدرسه من لغة عربية فصحى فى الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وبالطبع فقد تطورت القاهرة كثيرا عنها منذ 30 عاما فهناك شوارع و مبانٍ ومناطق لم تكن موجودة وهو تطور مذهل بالنسبة لي. • تتمتع العلاقات المصرية اليابانية منذ وقت طويل بالتقدم والازدهار .. كسفير جديد لبلدك فى القاهرة كيف ترى مستقبل هذه العلاقات بعد ثورة 25 يناير؟ - العلاقات المصرية اليابانية ممتازة جدا فى الوقت الحالى و سوف أعمل كسفير جديد لليابان على دعم وتعزيز روابط العلاقات بين البلدين، فالشعب المصرى يعرف اليابان الدولة التى حققت تقدما اقتصاديا وصناعيا ويعرفون الكثير عن المنتجات اليابانية غير أن أغلب المصريين لا يعرفون الكثير عن الثقافة اليابانية والشعب اليابانى، وأعتقد أن المصريين يستطيعون عبر الانترنت ووسائل الإعلام معرفة جانبا من ثقافة اليابان، وكذلك اليابانيون يمكنهم معرفة جانبا من ثقافة المصريين غير أن تلك المعلومات غالبا ما تكون غير كافية أو غير دقيقة لأنها ربما تركز على جانب معين، وتتجاهل جوانب أخرى، وأعتقد أن الفهم المتبادل لثقافة كل منا يعد عنصرا مهما للغاية، لذلك فإننى اجتهد فى توفير المعلومات الكافية عن الثقافة اليابانية للمصريين، وكذلك توفير معلومات لليابانيين عن ثقافة المصريين، وسوف أسعى الى تطوير العلاقات فى كل المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، وأتطلع الى أن أرى المزيد من المشروعات والاستثمارات اليابانية تتدفق على مصر والمزيد من المشروعات المشتركة، وحاليا هناك عدد من المشروعات المشتركة التى يجرى تنفيذها مثل مشروع المتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط ومترو الأنفاق، وبالطبع كل هذه المشروعات تقوى و تدعم العلاقات بين البلدين، ليس هذا فقط و لكنى أتطلع لأن تتعاون مصر واليابان أكثر وأكثر فى القضايا العالمية مثل التغيرات المناخية وغيرها. • الرئيس السيسى ورئيس الوزراء اليابانى «شينزو أبي» عقدا قمة فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة .. فما الموضوعات التى تم بحثها خلال اللقاء؟ - الرئيس السيسى ورئيس الوزراء «شينزو أبي» عقدا محادثات قمة على هامش مشاركتهما فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك الشهر الماضى، عقب القاء الرئيس السيسى كلمته فى قمة التغيرات المناخية، وتحدثا عن ضرورة اتخاذ اجراءات فيما يتعلق بالتغيرات المناخية مثل تآكل طبقة الأوزون والتصحر وغيرها من القضايا، كما بحثا العلاقات الثنائية ، وأعرب رئيس الوزراء «أبي» عن رغبة اليابان فى تحقيق المزيد من التعاون مع مصر وبحثا ايضا العلاقات السياسية وسبل التصدى للارهاب فى المنطقة خاصة فى سوريا والعراق باعتبار مصر دولة قيادية فى المنطقة و تتعاون مع المجتمع الدولى وكذلك بحثا القضية الفلسطينية . • ثمة تكهنات بأن الرئيس السيسى قد يزور اليابان قبل نهاية العام الحالى .. هل هناك ترتيبات تتم فى طوكيو حاليا لمثل هذه الزيارة؟ - نتوقع تبادل الزيارات على مستوى قيادات البلدين فى العام المقبل أى أن يزور الرئيس السيسى اليابان ويزور رئيس الوزراء اليابانى مصر لأن مثل تلك الزيارات على مستوى القمة تعزز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين ، غيرأنه لم يتحدد بعد موعد الزيارتين ، ولكن اليابان تتطلع الى أن تكون زيارة الرئيس السيسى لطوكيو فى أسرع وقت ، وخلال القمة بين السيسى و «أبي» فى نيويورك تبادل الزعيمان الدعوات ووجه رئيس الوزراء «أبى» الدعوة للرئيس السيسى لزيارة اليابان خلال المؤتمر الدولى الثالث للحد من الكوارث الذى يعقد فى 14 مارس المقبل ، ويناقش سبل التعامل مع الكوارث و كيفية ادارتها فى مدينة سانداى شمال اليابان . • كثير من المصريين يتطلعون الآن إلى تجربة اليابان فى التقدم لاستخلاص الدروس المستفادة منها .. فى رأيك : ما اهم الدروس التى يتعين على مصر الاستفادة منها من تجربة اليابان؟ - قال بلاتردد : اعتقد ان وحدة الشعب المصرى والتفافه حول هدف العمل من اجل غد افضل هو مفتاح التقدم الاقتصادى والصناعى لمصر .. واذا سألتنى لماذا تقدم الاقتصاد اليابانى بهذا الشكل الراقى والسريع خلال عقدى الستينيات والسبعينيات من القرن ال 20 سوف اقول لك بان توحد اليابانيين حول هدف التقدم والسعى لحياة افضل ، كان احد العوامل الاساسية فى التقدم، وبعد الدمار الذى لحق بهم خلال الحرب العالمية الثانية ، فقد وجد اليابانيون بلدهم مدمرا تماما وايقنوا بانه لن يعيد بناءها ويشيد تقدمها الا اتحادهم والتفافهم حول هدف اعادة بناء الدولة وانتشالها من الدمار ، ولو لاحظت سلوك اليابانيين خلال زلزال وتسونامى «توهوكو» فى 2011 فسوف تتأكد من هذا المعنى «وحدة اليابانيين» فقد وقعت ازمات ومشكلات كبيرة مثل انقطاع الكهرباء والمياه وانهيار المنازل والمبانى وكل الخدمات، وبالرغم من ذلك فإن المواطنين توحدوا وتعاونوا معا لاعادة الخدمات واظهروا قدرا كبيرا من الصبر والتماسك ، واعتقد بان مثل هذه الوحدة والتعاون من الاشياء التى تعلمناها من الدمارالذى لحق باليابان خلال الحرب العالمية الثانية. • قبل ثورة 25 يناير 2011 وصل عدد السياح اليابانيين لمصر لاكثر من 140 الف سنويا الآن لايزيد عددهم على عدة آلاف فقط .. فى رأيك متى يعود السياح اليابانيون الى مصر؟ - الشعب اليابانى محب تماما لمصر وحضارتها ويرغبون فى زيارة مصر وعندما يتوافر لديهم المال تكون زيارة مصر احد اهم الجهات السياحية التى يقصدونها، فالحضارتان الفرعونية والاسلامية والاهرامات والملك توت عنخ آمون تستهوى اليابانيين بشدة ولكن تعرف ان السائح اليابانى حذر جدا عندما يتعلق الامر بالامن ، وفى اغسطس الماضى قللت اليابان الحظر الذى كانت قد فرضته على السفر الى بعض المناطق فى مصر ، ولذلك اتوقع تدفق اعداد كبيرة من اليابانيين لزيارة مصر مع بدء العام المقبل ومن هنا اطالب الحكومة المصرية بعودة رحلات مصر للطيران المباشرة الى كل من طوكيو واوساكا كما كانت من قبل .