يكشف اجتماع المهندس إبراهيم محلب بمجموعة من الوزراء مساء الأحد الماضى لمناقشة كيفية إحياء وسط العاصمة - عن مدى إيمانه بالدور الحضارى والتراثى لمنشآت وسط العاصمة، التى تزخر بالعديد من البنايات ذات الطرز المعمارية كالفرنسى والإنجليزى والإيطالى واليونانى. وتؤكد روعة القماشة المصرية التى اتسعت لإبداع مختلف فنانى العمارة آنذاك، كعمارة أسيكيورازيونى بشارع قصر النيل، التى شيدها المهندس المعمارى أنطونيو لاشياك 1911، وعمارة ميدان طلعت حرب بسليمان باشا ويرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1924، وعمارة الإيموبيليا مسكن الريحانى وعبدالوهاب وفوزى، وعمارة يعقوبيان، والعمارات الخديوية بشارع عماد الدين، التى تُجسد الثراء المعمارى لقاهرة المعز. تتخلل تلك العمارات الشاهقة ذات الطابع التراثى، ممرات وحوارٍ يفوح منها عبقُ الماضى وأصالته التى تُبرز عبقرية المكان، التى ساهمت بشكل واضح فى عبقرية الإنسان. التفاتة بسيطة إلى أعلى من المار بشوارع وسط العاصمة ، تجعله يستمتع بروعة النوافذ والمشربيات التى كثيرا ما وقفت خلفها نساء الزمن الجميل ينظرن إلى شورع العاصمة وهن فى مأمن من سهام الناظرين التى قلما طاشت، بعكس ما يحدث الآن. هذه البنايات بالإضافة إلى ماحوته قاهرة المعز من أزقة وحارات وأسبلة وبوابات ومساجد وكنائس دفعت منظمة اليونسكو لإدراج وسط العاصمة عام 1979 ضمن مواقع التراث العالمى الذى تُشرف عليه المنظمة وتوفر التمويل اللازم لترميمه وصيانته. وبرغم ذلك الثراء الحضارى والتراثى، إلا أن شوارع وسط البلد شأنها شأن كل ربوع مصر المحروسة عانت مؤخرا كثيرا من الفوضى والإهمال الذى رسم صور الدمامة والقبح على كل جميل وأصيل. فتسلل فى كثير من جدران تلك المبانى العريقة شرخ القِدم، فأضحت آيلة للسقوط، وغطت كثير من واجهاتها ذات الطابع الحضارى لافتات محلات (التيك أواى) والأحذية والملابس الجاهزة والتحف والأنتيكات. هذا بالاضافة إلى التعدى الممجوج من قبل الباعة الجائلين الذين ملأوا شوارع العاصمة صخبا وضجيجا - على الأرصفة والميادين وحولوها إلى كانتونات للبضائع والملبوسات. وبجانب هذه الصور الفِجة كثرت الكافيهات التى احتلت الأرصفة والطرق ولم تعد ملتقى الأدباء والمثقفين كما كانت مقاهى الزمن الجميل، بل صارت ملاذا لمدخنى الشيشة من الجنسين، ومستمعى أغانى الصخب و(الروشنة). ناهيك عن جيوش المتسولين والمتسكعين والمتحرشين، الذين حولوا الخروج إلى وسط العاصمة أشغالا شاقة وليس جولة للفسحة والشراء. وإسهاما منه فى القضاء على هذه الصور القبيحة، وبعد إخلاء شوارع العاصمة من الباعة الجائلين، عقد المهندس محلب لقاءه سالف الذكر لإحياء منطقة وسط البلد واستغلال المبانى الموجودة بها سياحيا لتعود باريس الشرق تبتسم من جديد. Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى