أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن مصر تعد الآن نموذجا لمحاربة الإرهاب ، مؤكدا دعمها للتحالف الدولى ضده ، معتبرا فى الوقت نفسه أن الولاياتالمتحدة وأوروبا لديهما مسئولية تجاه منطقة الشرق الأوسط ، وأن الأحداث التى تقع حاليا فى المنطقة تثبت ذلك. وقال السيسى - فى حوار أجرته معه وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية للأنباء بمناسبة زيارته الحالية للولايات المتحدة للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة - إن مصر ترتبط بعلاقات مستقرة وإستراتيجية مع الولاياتالمتحدة منذ أكثر من ثلاثين عاما، وهناك رغبة من جانبه فى الحفاظ على تلك العلاقات رغم ما قد تتعرض له أحيانا من تأثيرات. وردا على سؤال عما إذا كان يرى أن الولاياتالمتحدة لم تعد تتمتع بنفس نفوذها السابق فى المنطقة، أجاب السيسى قائلا : دائما ما أقول إن القوة تعنى المسئولية، والولاياتالمتحدة والأوروبيون لديهم موارد هائلة، ولديهم أيضا مسئولية تجاه المنطقة، وهذا هو ما يجب أن يكون عليه الوضع، والأحداث فى المنطقة الآن تثبت ذلك. وقال الرئيس السيسى - فى الحوار الأول من نوعه مع وسيلة إعلام أجنبية منذ توليه منصب الرئاسة - إن مصر مستعدة وملتزمة بتقديم الدعم للتحالف الدولى ضد الإرهاب، ولكنه أوضح أن محاربة الإرهاب تتطلب وضع استراتيجية شاملة لاجتثاث جذور التطرف، مثل الفقر والجهل والخطاب الدينى المتشدد . ووصف السيسى مصر بأنها تعد الآن نموذجا فى مجال محاربة الإرهاب، مؤكدا أن كل ما قام به كان هدفه محاربة الإرهاب وإنقاذ البلاد من شفا الحرب الأهلية . وردا على سؤال حول طبيعة الدور الذى يمكن أن تلعبه مصر فى التحالف ضد الإرهاب، قال السيسى : دعونى أؤكد هنا أننا ملتزمون بالكامل بالتعاون لمحاربة الإرهاب فى المنطقة، ليس فقط للتعامل مع داعش، ولكننا نتحدث عن دعم مصرى كامل لاستراتيجية شاملة ضد الإرهاب فى المنطقة، وفى العالم بأكمله أيضا، فنحن لا نريد أن نقصر المواجهة على الإجراءات العسكرية والأمنية فحسب، وأتصور أن هذه الاستراتيجية الشاملة التى نتحدث عنها يجب أن تكون فى جزء منها عسكرية وأمنية بالفعل، ولكن يجب أيضا أن تتضمن محاربة الفقر، كما أن الدعم الاقتصادى لدول المنطقة مهم أيضا، ويجب أن نتحدث أيضا عن تحسين مستوى التعليم، وهو أمر مهم، فضلا عن التغيير فى لغة الخطاب الديني، فعندما يحدث كل هذا، سنحقق نتائج حاسمة فى مجال محاربة الإرهاب. وفى الحوار الذى نشرت أسوشيتدبرس نصه الكامل أمس، أعرب السيسى عن اعتقاده بأن الضربات الجوية ضد تنظيم داعش ستكون كافية للقضاء على هذا التنظيم وستحقق نتائج، ولكنه قال: يجب ألا ننسى أن هناك قوات عراقية على الأرض، وأن العراق ليس دولة صغيرة، فالقوات العراقية قادرة على الإسهام فى هذا الأمر، ولكن المهم أن يكون هناك مناخ مناسب فى العراق لإنجاح هذه المواجهة ، مؤكدا أن الإرهاب خطر على كل دول المنطقة بدون استثناء، وأنه لمواجهته يجب أن يتم ذلك بشكل منسق. وحول توقعاته بشأن مدة هذه الحرب أو ما إذا كانت مدتها ستصبح مفتوحة، أكد السيسى أن الأمر سيستغرق وقتا بالتأكيد، قائلا : لا شك فى أن محاربة الإرهاب تحتاج إلى وقت، لأن هذا الإرهاب ليس موجها إلى جيش بمفرده، وقوى الإرهاب تنتشر وسط المدنيين. وأضاف : فى الماضى تحدثنا عن هذه الأخطار، وحذرنا منها، وقلنا إن وجود مقاتلين أجانب فى المنطقة أمر خطير، والآن يوجد بعض المقاتلين من دول أوروبية كبريطانيا وألمانيا وفرنسا، ودول أخرى، والتقاء هؤلاء فى بيئة كهذه أمر خطير جدا، ولهذا فإن التحدى هو كيفية منع هؤلاء المقاتلين من الوصول إلى المنطقة. وردا على سؤال عما إذا كانت مصر ستتدخل عسكريا فى ليبيا لحماية الأراضى المصرية مادامت ليبيا تشكل خطرا عليها فى الوقت الحالي، أجاب السيسى قائلا : أشرنا منذ فترة طويلة إلى الخطر الموجود فى ليبيا، وقلنا إن المهمة التى تمت فى ليبيا لم تكتمل، وبعد الإطاحة بالنظام هناك كان من الضرورى جمع الأسلحة، وإعادة بناء الجيش والشرطة، وكان هذا سيساعد على بناء نظام ديمقراطى يرضى جميع الليبيين ، ولكن هذا لم يحدث أبدا. وأضاف : لدينا حدود مع ليبيا بطول 1200 كيلومتر، ومن خلالها تحدث عمليات التهريب، ونحن فى مصر نبذل من جانبنا الجهد لمنع ذلك، سواء تهريب الأسلحة أو المقاتلين الذين دخلوا مصر لتنفيذ هجمات إرهابية، مثلما حدث فى الفرافرة، لذلك من الضرورى توحيد القوى من أجل التعامل مع ما أتحدث عنه هنا. وتابع السيسى : إن مصر والجزائر تريدان رؤية ليبيا مستقرة، ولكن الموقف هناك يشكل خطرا ليس فقط لنا، ولكن للأوروبيين أيضا، و نحتاج لتوحيد الجهود لاستعادة الاستقرار فى ليبيا ، و هناك برلمان يمثل إرادة الشعب الليبي، ونحن ندعمه، ويجب على كل عضو بالمجتمع الدولى دعم السلطة الشرعية فى ليبيا الآن. وردا على سؤال عما إذا كانت هناك مؤشرات على وجود تنظيم داعش فى سيناء ، قال السيسى: العناصر المسلحة الموجودة فى سيناء حاليا هى عناصر تكفيرية، من بينها على سبيل المثال أنصار بيت المقدس . وأضاف : نحن نواجههم بكفاءة فى سيناء، ولكننى أريد أن أقول إن داعش عبارة عن أيديولوجية مثل أى أيديولوجية أخرى متطرفة، بغض النظر عن المسميات، سواء كانت هنا أو فى نيجيريا أو فى مالى أو فى أى دولة أخرى، وهذه الأيديولوجية يجب محاربتها، ولكن تحتاج لاستراتيجية شاملة للمواجهة، وستستغرق وقتا. وأوضح السيسى أن المواطن المصرى هو أكثر ما يعنيه الآن، مشيرا إلى أن لديه حلما لتحقيقه للمصريين ، وهو أن نتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التى نمر بها، ونحقق الأمن والاستقرار لكل فرد فى مصر، وأن نحمى بلادنا من الإرهاب والتطرف. وحول الانتقادات التى وجهها الغرب لمصر بعد إنهاء حكم الإخوان، قال السيسى : دعونى أكُن واضحا هنا، لقد كانت أمام الجماعة الفرصة لحكم مصر بدون أى شكل من العنف، وإذا لاحظتم ما قلناه فى بيان 3 يوليو، ستجدون أننا منحنا الفرصة لهم للمشاركة والعمل معا من جديد، وقد سألت دائما هذا السؤال : هل يريدون المشاركة فى الحياة السياسية أم يريدون المواجهة؟ فإذا كانوا يريدون المشاركة فإن الباب مفتوح، ولكن إذا كانوا يريدون المواجهة فهذا خطر على مصر ، وللأسف اختاروا المواجهة ، هذه هى المشكلة . وسأله محرر أسوشيتدبرس : هل تعتقد أن العالم أساء فهمك؟ فأجابه الرئيس قائلا : العالم مطالب بأن ينظر عن قرب إلى إرادة الشعب المصري، فهذا يمكن أن يسهم بشكل حقيقى فى الحرب ضد الإرهاب، فنحن نتكلم الآن عن دولة محورية فى الشرق الأوسط ، والمصريون تفهموا تماما هذه الأيديولوجية (المتطرفة) ولم يعودوا يؤيدونها، وقد كانوا متعاطفين مع فكرة الإسلام السياسي، وهذا هو السبب الذى منح جماعة الإخوان الفرصة لحكم مصر، ولكن بعد عام من ذلك، أدرك المصريون أن هوية الدولة المصرية أوشكت على أن تضيع، لذلك كان المصريون هم أنفسهم الذين تحركوا بالملايين لاستعادة مصر التى يعرفونها، وهذا أمر مهم جدا، كان تحولا استراتيجيا، لدولة قوامها 90 مليون نسمة. وأضاف الرئيس : ألتمس العذر للعالم لعدم قدرته على الفهم فى البداية، لأن ما حدث كان يجب مراقبته بشكل دقيق ، فقد كان من الممكن أن تصبح مصر مثل الدول التى تعانى الآن العنف واسع النطاق ومن الاقتتال الداخلى أو ربما الحرب الأهلية، ولكن مصر بلد تضم 90مليونا، وليس خمسة أو ستة ملايين نسمة مثل ليبيا، إنها بلد كبير، ولوكان حدث، و سقطت مصر فى حرب أهلية ، لصارت مشكلة للمنطقة كلها، وللعالم كله، والشرق الأوسط. وحول قضية الحريات، قال السيسى إنه يرغب بشكل جاد فى ضرورة الاهتمام بنظام يقوم على أساس الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكنه أوضح أنه من المهم أيضا أن ندرك أن المصريين يعانون أحوالا أمنية واقتصادية صعبة للغاية، بعد أن قاموا بثورتين فى أقل من أربعة أعوام لتحسين هذه الأوضاع، وهو ما كان له تأثير كبير للغاية على المزاج العام للمصريين بصفة عامة، فضلا عن تأثير ذلك على الأمن والاقتصاد ، وقال: ودعونى أؤكد لكم أن الجهات الأمنية تبدى قدرا كبيرا من الصبر فى التعامل مع الأحوال المصرية ، وأتمنى أن تضعوا فى أذهانكم الموقف الأمنى فى سيناء، والأعمال الإرهابية التى تقع فى أنحاء البلاد. وبالنسبة للجدل حول قانون تنظيم الحق فى التظاهر، قال السيسى : لا أدافع عن القانون، ولكن يكفى أن تقارن بينه وقوانين مماثلة فى الدول الأوروبية أو أمريكا، فهناك المظاهرات يتم تنظيمها بتصاريح، وفى موعد محدد، ووفقا لمنهج محدد. وأضاف : لن أقول إن كل شيء فى مصر مثالي، ولكننى بالتأكيد اريد أن تكون هناك درجة كبيرة من الحرية، و نريد أن نفعل ذلك بدون الإضرار ببلدنا، فنحن فى ظروف صعبة للغاية، وترون ماذا يحدث فى المنطقة، و لا نريد أن نفصل مصر عن المنطقة أو عن الظروف الاقتصادية، وما أعنيه هو أن كل شيء يحتاج لأن يدرس جنبا إلى جنب مع أشياء أخرى، وحقوق الإنسان التى تتحدث عنها أنت وكثيرون لا نريد أن نقصرها على حرية التعبير، التى بلا شك أحترمها ، ولكن هناك ملايين المصريين يعيشون فى أحوال غير مناسبة، شباب لا يعملون، وهذا غير مقبول، ولديهم الحق فى العمل وفى العيش وفى أن يكون لهم منزل وأسرة، وهذا غير متاح ، وأشعر بأن هذا جزء أيضا من حقوق الإنسان، فالناس يحتاجون للوعى بواقعهم، فهذا أيضا حقوق إنسان. وردا على سؤال من الوكالة حول عدم قدرة وسائل الإعلام فى مصر على انتقاد الحكومة رغم أنه لا توجد ديمقراطية بدون حرية صحافة، بحسب تعبير محرر أسوشيتدبرس رد الرئيس السيسى قائلا : لا، أختلف معك ، فوسائل الإعلام تنتقد الجميع ، وانظر إلى المقالات التى تنشر فى مصر ، وبدون مبالغة، لا يملك أحد توجيه الإعلام المصرى إلا الضمير المصرى ، والإحساس بالمسئولية الوطنية ، فمصر تواجه خطر التطرف، والصحفيون يعملون داخل هذا الإطار، ولكن لا يمكن لأحد أن يوجه الإعلام، ولن يستطيع أحد أن يفعل ذلك، وبصراحة، أنا أيضا لا أريد للإعلام أن يكون موجها، وإذا نظرت إلى قائمة القنوات التليفزيونية وما تعرضه، ستجد نقدا عنيفا للحكومة، ولى شخصيا، ولذلك، لا أتفق معك فى هذه النقطة. وحول سؤال من محرر الوكالة عن موعد عقد الانتخابات البرلمانية، قال السيسى إنه أعلن قبل يومين أنه يريد - تمشيا مع خريطة الطريق - إتمام هذه الخطوة قبل نهاية العام، وأضاف : كانت هناك مطالب بتأجيل هذه الانتخابات، ولكننا قلنا إننا مصرون على استكمال خريطة الطريق، والخطوة الأولى كانت الاستفتاء على الدستور، وقد انتهينا منها، والثانية هى الانتخابات الرئاسية، وقد انتهينا منها أيضا، أما الخطوة الثالثة فهى الانتخابات البرلمانية، ونحن مصرون على أن تجرى فى موعدها المقرر هذا العام. وبالنسبة لمشروع قناة السويس ، قال السيسى : إنه واحد من المشروعات الوطنية الكبرى التى نتوق لإكمالها وفقا لجدول زمنى ضيق للغاية من أجل تحقيق مصلحة الاقتصاد المصرى ولتجهيز المنطقة للمشروع الكبير، وهو محور تنمية قناة السويس.