منذ أيام أصدر رئيس الوزراء قرارا بتفويض كل وزير فى وزارته باختيار اكثر من معاون له , على الا يزيد عمر هذا المعاون على 40 عاما , وقام بوضع شروط للاختيار , كما أكد أن الهدف من قراره هو ايجاد جيل ثان أو أجيال قادرة على تحمل المسئولية والادارة من القيادات الشابة التى يتم دمجها مع القيادات العليا لاكتساب خبرات العمل الادارى فى الوظائف المختلفة , مشيرا الى انه لن يتم اختيار سوى الكفاءات من خلال معايير دقيقة محددة .. الامر الذى دفعنا للسؤال عن أهم هذه المعايير المفترض توافرها فى إختيار معاونى الوزراء ؟ وكيف يتم تأهيلهم سياسيا لتولى المناصب فى المستقبل؟ الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة يرى ان التحديات الاستراتيجية والسياسية التى تحيط و تواجه الدولة المصرية الآن تستلزم بالضرورة خلق قيادات شابة مدربة على احدث اساليب الادارة والعمل العام , ومن ثم فإن قرار رئيس الوزراء يأتى فى التوقيت المناسب , مشيرا الى ان فكرة معاون الوزير تم تطبيقها من قبل تحت مسمى آخر وهو مساعد الوزير , وكانت الفكرة انذاك تدريب هؤلاء المساعدين من الشباب على العمل التنفيذى الى جانب الوزراء تمهيدا للاختيار فيما بينهم من الوزراء والمسئولين , ولكن التجربة لم تستمر . ويؤكد أستاذ العلوم السياسية ان الفكرة الجديدة مهمة , ولكن ينبغى تحديد ما هو المقصود بمعاون الوزير ؟ و هل سيجلس فى مكتب الوزير حينما تكون هناك مفاوضات او مداولات مع اصحاب المصلحة من المواطنين او الجهات التنفيذية الاخرى او البرلمان اذا كانت لديه اسئلة للوزير ؟ ,, ام انه سيجلس مع سكرتارية الوزير ؟ وما هى اختصاصاته ؟ بمعنى هل سيجلس من اجل اكتساب خبرة , ام له اختصاصات و عليه مسئوليات من اجل اكتساب الخبرة ؟ يقول المشاط فى الحالة الاولى لن يكون لهذا المفهوم أثر كبير فى اعداد قادة او وزراء المستقبل , اما فى الحالة الثانية فهى الاداة العملية من أجل خلق هؤلاء , فإذا كان هدف رئيس الوزراء هو خلق القادة فى المستقبل فلابد ان يصدر قانونا او قرارا رئاسيا يحدد اداريا اختصاصات ومسئوليات هؤلاء المعاونين و الا صارت مسألة رمزية فقط. وبالتالى فهناك اسئلة هامة كما يضيف المشاط تطرح نفسها , هل اختيار معاونين للوزراء يتطلب تعديل الهيكل الادارى للوزارة ام لا ؟ وهل يتطابق ذلك مع قانون العمل ام لا ؟ , وما هى على سبيل المثال الدرجة الوظيفية والمالية لهؤلاء المعاونين ؟ ويرى المشاط انه من اجل تحقيق الهدف من هذا القرار هو ان يقوم الجهاز المركزى للتنظيم والادارة او وزارة التخطيط والاصلاح الادارى بإعادة هيكلة الجهاز الادارى للوزارات من أجل ادراج هذه الفئة الجديدة من الشباب . ويؤكد ان فوق ذلك كله ينبغى تحديد ما يسمى توصيف الوظيفة بمعنى تحديد الاختصاصات التى يتم لهؤلاء القيام بها , والالتزامات التى ينبغى ان يخضعه لها , وايضا الدرجات المالية والادارية , ثم ما هى معايير الاختيار ؟ , وهل يتم اجراء مسابقات على المستوى القومى او الاعلان عن هذه الوظيفة فى الصحف , وما هى طريقة اختيار او تعيين او ايجاد هؤلاء الشباب؟ وهنا يقترح استاذ العلوم السياسية فتح الباب امام الشباب المصرى الذى يعمل فى المنظمات الدولية او الشركات العالمية الكبرى او المؤسسات المالية الدولية , لكى يتنافسوا مع الشباب الموجود داخل مصر على شغل هذه الوظائف . ويرى انه ينبغى التركيز على المزايا المهنية و الفنية للشباب الذى يتولى تلك الوظائف والابتعاد كليا عن الاعتبارات السياسية . , كما يجب النظر الى هؤلاء الشباب باعتبارهم يشكلون تغيرا جوهريا فى مفهوم و تركيب التكنوقراط بمعنى ان ما تحتاجه الادارة المصرية هو العصرية , وهذا يعنى النظرة الكونية لهؤلاء الشباب كما يقول المشاط , وليس فقط النظرة المحلية الضيقة . وكذلك ادخال اساليب فنية وتقنية جديدة على اداء العمل و اضافة مهارات استثنائية تم اكتسابها فى الخارج اما بالتعليم او بالخبرة , بحيث يتم الارتقاء باداء الجهاز التنفيذى المصرى وفى نفس الوقت ايجاد وزراء المستقبل . ويشير المشاط الى انه يجب النظر الى القيمة المضافة التى يمثلها هؤلاء للعمل التنفيذى المصرى , فبناء مصر المعاصرة بالصورة التى تؤكد على الدور الاقليمى المركزى لمصر فى الشرق الاوسط لا يمكن ان يتم بالاطار التنظيمى القانونى الشكلى الموجود الآن ,, وآن الاوان لان ننطلق الى افاق العالمية . عبد الغفار شكر نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الانسان يرى ان انتباه الدولة الى ضرورة اعداد صف ثانى من القيادات الشابة لمعاونة الوزراء مسألة غاية فى الاهمية , ولكن الاختيار فى هذه المرحلة لن يكون مكتملا لقصر الفترة , ولهذا فإنه من المهم ان تمتلك الدولة سياسة محددة لاعداد الصف الثانى من القيادات , وذلك من خلال الحاقهم بالمعاهد او المراكز المتخصصة فى اعداد القادة , وهذا المركز يعطى لهم دراسات وخبرات فى القيادة ومهاراتها , ويصبح هناك هيئة من خلال دراسات نظرية لها صلة بالقيادة ويأخذ فترة تدريب عملى وميدانى ودراسات نظرية تناقش من خلالها . ويضرب شكر مثالا لاكاديمية ناصر التى يتلقى كل مرشح لمنصب مدير عام دورة فيها , ولكننا فى حاجة الى ان تكون الدورات التى نتحدث عنها اكثر شمولا للمجالات المختلفة التى سوف تؤهلهم للعمل بهذا المنصب , ويكون الجانب التدريبى اساسى وضرورى ويصبح لدينا وعاء للكادر الاساسى للدولة نحصل من خلاله على العناصر التى تستطيع تولى مثل هذا المنصب . ويضع شكر معايير مهمة للاختيار , منها الخبرة السابقة فى مجال نشاط الوزارة التى سوف يتولى معاونة الوزير فيها , كذلك ضرورة مشاركته قبل ذلك فى الانشطة العامة كأن يكون قد سبق له الاشتراك فى عمل نقابى او التحق كعضو قيادى بإحدى الجمعيات الاهلية , وتكون له القدرة على الحوار , والقدرة ايضا على الوصول الى الحلول الوسط , كما ينبغى ان يقوم بتقديم رؤية للعمل وتقوم لجنة تناقش فيما بين المتقدمين بينهم اساتذة علم نفس وقيادات فى الوزارة بحيث تستطيع ان تفاضل بينهم . ويؤكد د. قدرى حفنى استاذ علم النفس السياسى على اهمية دور معاون الوزير حيث ان منصب الوزير على حد قوله منصب سياسى , ولكن من يدير عجلة العمل يوميا ما يعرف باسم الوكيل الدائم , كما كان فى الماضى , وهو لا يتغير بتغير الوزير , وهو يعرف كل صغيرة وكبيرة فى الوزارة , فالوزير يضع الخطة العامة و يشرف على تنفيذها ويقوم هذا الوكيل الذى له معاونين ايضا بتنفيذ تلك الخطة والتعامل مع مختلف الامور التى يتطلبها العمل , لذلك لابد من حسن اختيار هؤلاء المعاونين و اعدادهم بشكل جيد لايجاد القدرة لديهم على تحمل صعوبات هذا المنصب . وأشار حفنى الى نقطة هامة وهى ضرورة تطبيق تلك الفكرة على المحافظين ايضا بمعنى تعيين معاونين لهم كما هو الحال فى الوزارات , وذلك لضخامة الدور و المسئوليات الملقاه على عاتقهم .