أثارت مرافعة الدفاع فى قضية القرن، والشهادات التى أدلى بها المتهمون أمام المحكمة غضب شرائح كثيرة، ورفض المغاضبون ما قاله مبارك والعادلى ورمزى والشاعر وغيرهم عن وجود مؤامرة على مصر واسعة النطاق وخطط للقضاء على الشرطة وتوريط باقى قوى الدولة فى أعمال عدائية ضد المواطنين وخاصة القوات المسلحة. ونسى كل هؤلاء حقوق المتهمين فى الدفاع عن أنفسهم، والأهم أن أقوالهم شهادات تاريخية يمكن الأخذ والاعتداد بها إذا اتفقت والوثائق والواقع أو دحضها ورفضها إذا لم تكن كذلك. وحراس 25 يناير تحركوا على عدة محاور، هناك من جددوا مطالبهم بإصدار تشريع يجرم الاقتراب من ثوار يناير، أى يريدون لأنفسهم حصانة تحميهم من المساءلة القانونية والهجوم عليهم، وتمتد لتعطيهم حق مخالفة القوانين السارية، دون أن تمتد لهم يد العقاب. وهناك من تمادوا فى الهجوم على مبارك ورجاله، ومن تسابقوا على إدانته، ومن هاجموا كل من يسمح أو يفتح الباب لإعادة رجال النظام المباركى إلى الواجهة السياسية. القاعدة القانونية، توضح أنهم إذا أرادوا حرمان هؤلاء الناس من مباشرة حقوقهم السياسية، فإن عليهم اللجوء إلى القضاء، ومن المعروف أن القضاء حكم بالحق فى مباشرة هذه الحقوق. وإذا كنا نتكلم عن القانون فعلينا أن نتذكر أن ما جاء فى مرافعة فريد الديب تقريبا، وكل ما ورد على لسان الشهود، ورد فى كتاب «الاحتلال المدنى» ل عمرو عمار، كما صدر حكمان قضائيان شهيران الأول بإدانة المتهمين فى قضية أعضاء بعض منظمات المجتمع المدنى والحكم عليهم بالسجن والغرامة لتقاضيهم أموالا من الخارج والتعاون مع منظمات أجنبية بصورة غير شرعية والثانى الذى أصدره المستشار محجوب بمحكمة الاسماعيلية بسجن المتهمين الذين لهم ارتباط بقضية الهجوم على سجن وادى النطرون وتهريب من كانوا به من قيادات الإخوان ومنظمة حماس وحزب الله وغيرهم. وإذا كان من حق هذه الشرائح أن تغضب مما ورد فى مرافعة الدفاع أو شهادات الشهود، فإن طريق الرد واضح أمامهم، ولكنه لا يتضمن أبدا السعى من أجل حصانة أو درجة من التميز. ثم إننا نعلم أنهم غضبوا مما ورد فى كتاب عمرو عمار، ومما تم بثه فى برنامج الدكتور عبدالرحيم على، ولكن الغضب هناك لايكفى لتبرئة صفحاتهم من الاتهامات التى وردت فى الكتاب. لقد صرخوا وسبوا وجأروا بالشكوى وطالبوا السلطات بالتدخل، ولجأوا إلى القنوات التليفزيونية، وكل ذلك لا بأس به، ولكنه لا ينفى المؤامرة ولا يبرىء هذا أو ذاك. لقد بذل الكاتب جهدا فى جمع الوثائق وشهادات الشهود. وليس ثمة شك أن كلا من عمرو عمار وفريد الديب وعبدالرحيم على قد كشفوا أسرارا كثيرة عن 25 يناير، وأزاحوا الستار عن كم هائل من المعلومات. وباقتدار جرى كشف العلاقة بين الثورات الملونة فى جورجيا وأوكرانيا وبين ما جرى فى مصر، كما تم إلقاء أضواء كافية على أدوار كل من جين شارب وبيتر أكرمان وبرنارد هنرى ليفى وانجدال. وسوروس وروبرت فيسك وبريجينسكى وجاريد كوهين وغيرهم النظرية والعملية. وإذا كان من حق هذا الكاتب أو هذا الدكتور أو هذا المحامى أن يشير بأصابع الاتهام إلى بعض الناس، فمن حق هؤلاء أن يلجأوا للقضاء لتبرئة ساحتهم، فالقضاء هو السبيل الوحيد للرد على مثل هذه الاتهامات القاسية. وبجانب فرصة الحصول على تعويضات مجزية ممن يوجهون الاتهامات، فإن هناك أيضا احتمال الحكم عليهم بما يستحقون من عقاب، إذا ما تمكن المتهمون من إثبات عدم صحة كل ما وجه إليهم. إما إذا لم يلجأ هؤلاء الغاضبون «المتزرزرون» الى القضاء، فإن موقفهم يعنى أنهم يسلمون بصحة ما وجه إليهم. والأهم بدقة وصف ما جرى بأنه مؤامرة، فالسفر والتدريب هنا وهناك وتلقى الأموال والعمل وفقا لمخطط أكاديمية التغيير، أمر يثير الكثير من علامات الاستفهام التى تبحث عن إجابات. لمزيد من مقالات عبده مباشر