عبد الله وأحمد طفلان سعوديان لم يكملا المرحلة الإبتدائية بعد, فالأول دون ال 11 عاما بينما الثانى يصغره بعام, إنفصل والداهما قبل سبع سنوات وانتقل الطفلان للعيش مع الأب الذى قرر أن يأخذهما فى رحلة سياحية إلى الخليج, أو هكذا إدعى, لتفاجأ الأم بصور لابنها الأكبر عبر موقعه علي «أنستجرام» ومعها تعليق أنه في تركيا، مضيفا ببراءة أنه سيصبح مثل كبار نجوم التمثيل الأتراك!. جن جنون الأم حينما علمت بالأمر وسارعت بالاتصال بإبنها لتسمع صوت الأب وهو يقول إنه أخذ ولديه لينضما إلى صفوف مقاتلى تنظيم الدولة الإسلامية " داعش" وأنه ليس بوسعها فعل شىء حيال ذلك سوى أن "تحتسب أطفالها طيورا فى الجنة"! الحقيقة أن قصة الأب السعودى لا تقل بشاعة عن ذلك الأسترالى الذى صور إبنه البالغ من العمر 7 سنوات وهو يحمل رأس واحد ممن جز التنظيم رؤوسهم فى سوريا, فالأب اللبناني الأصل الأسترالى الجنسية والبالغ من العمر 33 عاما، والذى ذاع صيته الدموى مؤخرا لكثرة صوره على حسابه الشخصى فى مواقع التواصل وهو يحمل رؤوسا مقطوعة، لم يجد غضاضة فى نشر صورة إبنه ممسكا برأس رجل مذبوح وكأنه فى نزهة عائلية مرفقا الصورة بتغريدة قال فيها: "هذا هو ابني"! فيما كانت صورته الثانية مع إثنين من أبنائه الثلاثة وهما يحملان السلاح رغم أن كلا منهما لم يتعد الثامنة من عمره، وخلفهما راية "داعش" وبجانبها الأب ممسكا برشاشين فى لقطة عائلية وإرهابية بامتياز!. هاتان القصتان وغيرهما من القصص المؤلمة لأطفال صغار يستقطبهم التنظيم الإرهابى فى محاولة لتجميل صورته, ما هى إلا رسالة واضحة للعالم بمدى بشاعة الجرائم اللاإنسانية التى يقوم بها, أطفال فى عمر الزهور يزج بهم فى الصفوف الأمامية للقتال, يتعلمون كيفية الإمساك بالرشاشات والتباهى بذلك وسط تهليل وتكبير من ذويهم طمعا فى "جنة" وهمية أو جهاد زائف فى سبيل الله وإقامة دولة " الخلافة"!. وتشير تقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان إلى أن هناك حوالى 800 طفل دون سن الثامنة عشرة فى صفوف مقاتلى داعش، يقوم معظمهم بأعمال غير قتالية، حيث يشارك هؤلاء في خدمات الدعم اللوجستى لمقاتلى داعش مثل نقل الذخيرة وإعداد الطعام وإصلاح وتنظيف العتاد والآليات، فيما يشارك آخرون في أعمال الحراسة والدوريات ومراقبة الحواجز, وفى كل التسجيلات والصور التى تبثها داعش، يظهر الأطفال فى مقدمة من يشاهد عمليات القتل والذبح والصلب التى تتم فى المناطق التي تُسيطر عليها داعش. أما عن كيفية قيام التنظيم بإعداد هؤلاء الأطفال، فيشير التقرير إلى أنه يتم تدريب الأطفال فى دورات خاصة تحت إسم "دورات الاشبال" في معسكرات أطلق عليها "أسامة بن لادن" و"أشبال الزرقاوي" فى إشارة إلى زعيم تنظيم القاعدة فى العراق أبو مصعب الزرقاوى الذى اغتيل منذ عدة سنوات، وذلك للتأثير فيهم وتغيير طريقة تفكيرهم من النمط الطفولى إلى طريقة أخرى تتقبل القتل والتكفير وتستمتع بالسلطة القاتلة التى يستعملها أفراد التنظيم فى التعامل مع كل من يخالفهم الرأى أو كل من لا ينفذ الأوامر بحذافيرها. وتبدأ رحلة غسل دماغ الطفل المختطف بتغيير إسمه الاصلى المدون فى شهادة الميلاد إلى أحد الأسماء الإسلامية ومعاملته، رغم صغر سنه، كبطل مغوار، وعند الخطأ لا يقسو عليه المعلم بل يعامله باللين، حتى يحببه في هذه الحياة الجديدة، خصوصا وأن الأسلحة بجميع أنواعها تستهوى الأطفال، مع استغلال حبهم الفطرى لوالديهم، وإقناعهم دائما بأنهم بذلك سيكونون سببا في دخولهم الجنة. أما بخصوص تجنيد الأطفال عبر الوسطاء، فقد أكدت وزارة حقوق الإنسان العراقية أن تنظيم الدولة الإسلامية قام خلال الفترة الماضية بتجنيد أطفال عبر وسطاء للقيام بعمليات إنتحارية مقابل مبالغ تتراوح ما بين 500 إلى 3000 دولار أمريكى تدفع للوسطاء، لافتة إلى أنه يتم جذبهم عن طريق شباب آخرين يقدمون لهم المغريات وكذلك يتم غسل أدمغتهم بأفكار تكفيرية متطرفة بدعوى الجهاد. ويتردد على ألسنة البعض أنه يتم تقديم العصائر المخلوطة بحبوب الهلوسة لهؤلاء الصغار قبل إرسالهم للقيام بعمليات تفجيرية حتى يقدموا على تنفيذ هذه الاعمال الارهابية دون خوف أو تردد. ولضمان سيطرة "داعش" على الجيل القادم بأكمله عمد التنظيم إلى بث سمومه التكفيرية فى مدارس المناطق التي ينجح فى السيطرة عليها, لتتحول من مكان للعلم والمعرفة إلى مراكز للتجنيد لا أكثر ولا أقل، حيث تخصص ساعات الدراسة لتلقينهم الدروس الأولية التى يتم فيها غسل عقول الطلاب خصوصا الصغار منهم وتدريبهم على تلقي الأوامر وتنفيذها دون أى اعتراض، وتحفيظهم القرآن بطريقة آلية دون شرح أو تفسير، بالإضافة إلى عشرات الفتاوى التى تحرض على القتل وسفك الدماء. كما عمد التنظيم إلى إستبدال المواد العلمية بالدروس القتالية وإلغاء مقررات العلوم والأحياء ومناهج التربية الإسلامية والتربية الوطنية والتاريخ والجغرافيا، وإستبدالها بكتب حول شروحات الفكر الجهادى السلفى، أما العلوم ومواد الحساب، فتدرس لبعض الطلاب فقط كجزء من التدريب العسكري لمساعدتهم على تحديد المناطق والتعامل مع الصواريخ وغيرها, كما ألغى التنظيم الزى المدرسى التقليدى ليحل مكانه الزى الشرعى، وهو عبارة عن الحجاب للطالبات والمعلمات وزى شبيه بالزى الأفغانى للطلاب والمدرسين. إن ما يقوم به "داعش" من إعداد جيل جديد لإستكمال "مشرع الخلافة" أمر غاية فى الخطورة, وإذا لم ينتبه المجتمع الدولى لخطورة الوضع نكون بذلك أمام جيش إرهابى قادم تربى على العنف والدموية ولن يستطع أحد الوقوف فى طريقه فى المستقبل!.