تبدو المعركة الدائرة الآن بين رجل الأعمال نجيب ساويرس والاعلامى عبد الرحيم على ، والتى حظيت بنسب عالية من المتابعة، معركة » مؤلمة« ، ليس للطرفين بقدر ماهى مؤلمة للمصريين ولمصر . المعركة التى بدأت بسؤال من عبدالرحيم على ، حول مدى مصداقية تبرع رجل الأعمال نجيب ساويرس وأسرته لصندوق » تحيا مصر » ، وذلك فى اثناء لقاء عقد أخيرا بين الرئيس ومجموعة منتقاة من الاعلاميين . ما نشر عن أصل المعركة لا يخص الطرفين بقدر ما يدخل «مصر» طرفا أصيلا ، لأن المعركة التى ظاهرها المنافسة، عن أى الطرفين أكثر وطنية، قد أوجعت كل من تصور ان لهذا البلد الذى يأوينا«حقوقا» فى رقابنا أجمعين، وان هذه الحقوق ينبغى ألا تكون موضع مساومات او ابتزازات ، بقدر ما تنظمها تشريعات وقوانين ، وان مثل هذه التشريعات تعفينا وتعفى مصر، من الشعور بالمن من جهة او طرح الأمر على انه ابتزاز من جهة اخرى .، اما نموذج «معركة ساويرس / عبد الرحيم على » ففضيحة بكل المقاييس . فمن غير المقبول ولا يليق بمصر ولا بناسها ولا بالواجب الذى ينبغى أن يكون واضحا انه ليس » منا «ولا استجداء» ، ان تستجلب حقوق اصيلة لهم ، تحت تهديد سلاح : «ادفع وإلا نفتح لك الصندوق» . سيناريو المعركة الدائرة الآن، آسفة لو قلت ان فيه من الابتذال ما لانحتاجه ولا تحتمله الظروف المحيطة ببلد ، السكاكين مسنونة وفوق رقابه. ان يكتشف الاستاذ عبد الرحيم على أن صندوق« تحيا مصر« خاويا إلا من مليار ونصف مليار جنيه، يعنى واحدا ونصف فى المائة من المائة مليار المنشودة، منها مليار تبرع من القوات المسلحة، أمر محبط ، يشير أول ما يشير الى ان » تحنين قلوب » رجال الاعمال » القادرين ليس هو الطريق ، او على الاقل ليس مع الجميع ، وان هناك » معانى » لا تشترى ، وان الأجدى ان نسعى لمنطق القانون ، وحقى وحقك. طيب شكل الامر صدمة للاستاذ عبد الرحيم على ، كما يمكن ان يكون كذلك لغيره ، لما اكتشف ان كل ما بصندوق «تحيا مصر» ليس إلا واحدا ونصف من المستهدف وجوده، فلماذا التوقف بالذات عند نجيب ساويرس ؟ وهناك آخرون من أصحاب الثروات لم نسمع منهم ولا رأينا أى اشارة تدل على انهم يسمعون منا، هل لانه أعلن عن تبرعه بمبلغ حدده هو بثلاثة مليارات؟ هناك اسماء أخرى أعلنت أيضا ولا نعرف » إيه اللى عملته« ، وهناك رجال اعمال لا يقلون ثراء ، على المستوى الدولي،« مستخبيين فى الذرة » على رأى المثل ، ولا كأنهم هنا ، مع أنهم هنا و هنا ، ويجلسون بالساعات على الفضائيات ، ينصحون وينتقدون ! الحقيقة انه وفقا للجو الذى تتم فيه المزايدة، بحب مصر بالكلام، والوطنية بالأناشيد ، لن يكون هناك جديد، والأيام تؤكد مع مرورها، أنه لو أن للدولة حقوقا فعليها أن تسعى لاستعادتها بالأدوات والوسائل القانونية، وان الحب الذى يصنع المعجزات، ليس العملة التى تناسب الجميع. انا لا أعقل حتى الآن ان الدولة مقتنعة ، ان الذين ارتضوا ، بل وسعوا ، لابتلاع ما ليس من حقهم، لعقود ، سوف تستيقظ ضمائرهم فجأة ، ويتقدمون طواعية لمد الايدى ، ويشدون معانا البلد. لو كان الأمر كذلك ، ما كنا فى الوضع الذى ادى بنا لكل ماجرى . لا يمكن القبول، ايا كانت الدوافع، ان يكون التلويح بفتح الصناديق ، بديلا لتشريعات استعادة الحقوق ، عندك حاجة يا دولة طلعيها ، وصارحينا وصارحى نفسك. هل هذا تصور مثالى ؟ ربما الموضوع يخرج الآن عن المعركة الدائرة بين الاستاذين عبد الرحيم على ونجيب ساويرس ، او يتجاوزهما، لم نعد حمل اكاذيب ولا تحميل اكتافنا بجمايل، ومزادات حب مصر ومن حقنا ان نطلع على حقيقة كل شيء، ولما يخرج علينا الاستاذ نجيب ساويرس باعلانه الوقوف الى جانب وطنه بما يتناسب مع امكاناته، لابد وان نصدقه، وإذا ثبت انه «ضحك علينا» فعليه ان يتحمل ردود الفعل الشعبية ، اما اذا كان هناك حق للدولة وللناس عند الاستاذ نجيب ساويرس, والدولة ساكتة عليه، فالدولة هى التى على الناس ان تحاسبها . لمزيد من مقالات ماجدة الجندى