في الليلة التى سبقت فض اعتصامات أعضاء وأنصار تنظيم الإخوان الإرهابى بمنطقتى رابعة العدوية ونهضة مصر بالقاهرة والجيزة تلقيت معلومات تؤكد أن موعد الفض هو فجر اليوم التالى، وعلى الفور توجهت إلى مقر الاعتصام فى رابعة العدوية في الثالثة والنصف صباحا برفقة عدد من المصورين الصحفيين، وتجولت لأول مرة داخل الاعتصام لإلقاء النظرة الأخيرة من الداخل، وبدا لى أن المعتصمين ليس لديهم علم بقدوم قوات الأمن المكلفة بالفض. فى الخامسة والنصف صباحا لاحظت نقصا كبيرا في أعداد الموجودين وتوترا واضحا ظهر جليا على المنصة، وكذلك ظهور الرباعي صفوت حجازي ومحمد البلتاجي وعبدالرحمن البر مفتي الجماعة والدكتور صلاح سلطان دفعة واحدة، وكان التوتر والقلق باديا بشدة على صوت البلتاجي المنبوح في مكبرات الصوت محذرا الشباب من النوم وطالبهم بالاستيقاظ للحراسة، كما لاحظت اختفاء الكثير من القيادات من على المنصة وجلوس صفوت حجازي شاردا. قاربت عقارب الساعة على السادسة صباحا، وشباب التنظيم منهمك فى تشييد برج خشبى مكون من ثلاثة طوابق على بوابة الاعتصام المطلة على شارع عباس العقاد، بينما تقوم مجموعة أخرى من أفراد التنظيم بممارسة تمرينات الصباح والتدريب على عمليات الكر والفر، مرتدين الأقنعة الواقية من الغاز المسيل للدموع، فى هذه اللحظة غادرت الاعتصام متوجها الى أحد الشوارع المتفرعة من عباس العقاد لألحق برجال الأمن حتى أتمكن من الدخول برفقتهم أثناء عملية الفض. الساعة السادسة والنصف دخلنا مع قوات الأمن التي كانت تتكون من مدرعات وسيارات شرطة محملة بقوات خاصة وجنود بالإضافة الى كاسحتين عملاقتين لشق طريق للقوات وإزالة الحواجز الخرسانية التى شيدها الاخوان. واصلت التحرك، مع قوات الأمن حتى وصلت إلى مدخل الاعتصام وقد استقبل المعتصمون المسلحون قوات الفض بوابل من الرصاص الحى والخرطوش والألعاب النارية وعبوات الملوتوف الحارقة من وراء ساتر من الدخان الأسود الذى غطى سماء المنطقة، وكانت تلك هى اللحظة الأولى لسماع أصوات الأسلحة الحية التى بادر جانب المعتصمين بها ضد قوات الفض، فأسفر عن استشهاد ضابط وإصابة عدد آخر من الجنود. الساعة السابعة.. بدأت الكاسحتان فى ازالة كل ما امامهما من حواجز حتى تفسح الطريق لقوات الامن لدخول الميدان. وقد تسببت زجاجات المولوتوف التى القاها الإخوان على قوات الأمن فى احتراق عدد من الخيام وانفجار أنابيب البوتاجاز بها، ثم فرار المعتصمين تجاه مسجد رابعة العدوية، وكان البلتاجى مستمرا فى توجيه أنصاره للتصدي لقوات الأمن والالتفاف من خلف صفوفهم من الشوارع الجانبية، الا أن خطة الأمن كانت تتحسب هذه التحركات فأحبطتها، وتقدمت قوات الأمن حوالي ثلاثة مائة متر وتم إزالة جميع الخيام بالجرافات المصفحة وسيارات الإطفاء تطفئ ما تبقى من نار الساعة العاشرة.. اقتربت قوات الأمن من المنصة، وهنا سمعت أحد الضباط يقول بأن التعليمات التي أتت لهم أن يتوقفوا إلى هذا الحد للسماح للإخوان بالانصراف من الاتجاه المقابل، الا أن عددا من الاخوان كان لديه إصرار على مواجهة قوات الأمن واستهدافهم، وحتى هذه الإثناء لم أشاهد سوى 6 قتلى سقطوا فى صفوف الإخوان وعدد قليل من الإصابات. العاشرة والنصف.. قررت الخروج من موقع الأحداث بعد أن حذرنى أحد الضباط من البقاء هناك، وفى أثناء خروجى من المنطقة وجدت كردونا أمنيا خلف قوات الأمن التي كنت أقف بين صفوفها، وبعد الخروج بأعجوبة شاهدت نحو خمسة آلاف من الإخوان متوجهين تجاه قوات الأمن من خلف صفوفهم من ناحية قسم مدينة نصر لتقع بعد ذلك المزيد من أحداث العنف ويسقط شهداء آخرين من الشرطة وقتلى من أعضاء التنظيم الإرهابى.