غضب عارم بين جموع المواطنين عقب تطبيق منظومة السلع التموينية الجديدة .. أو بالأحري الخلل في تطبيقها .. يذهبون إلي البقالين ويقفون في طوابير طويلة وسط مشاجرات ومشاحنات ثم يكتشفون أن السلع المهمة قد نفدت. يري بعضهم أن وزارة التموين »رقصت علي السلم« .. فلا هي طبقت نظاما سليما يصون كرامة المواطن كما وعدت ولا هي أبقت علي المنظومة القديمة بكل عيوبها .. التي رأوا أنها أرحم بهم مما جري .. وحمَّلوا وزير التموين المسئولية ويقولون إنهم يرونه في الفضائيات ويسمعون تصريحاته وكأنه يتحدث عن بلد آخر لا نعرفه. أما الدكتور خالد حنفي وزير التموين .. فأبدي تفهما لغضب المواطنين وطالبهم بالصبر .. لأن المنظومة الجديدة لم يمر علي تنفيذها سوي »شهر واحد« بعد منظومة فاسدة استمرت «06» عاما وفسادها تتجاوز قيمته 7 مليارات جنيه. ووعد بتطوير شامل للبقالين التموينيين علي مستوي الجمهورية لضمان وصول الدعم والسلع إلي مستحقيها الذين تجاوزوا «70» مليون مواطن .. ودعاهم للاطمئنان علي حصصهم التموينية المتأخرة التي سيتم صرفها مع مقررات شهر اغسطس الحالي. «الأهرام» تفرد هذه المساحة للوقوف علي مواطن الخلل وأسباب الارتباك .. كما وردت علي ألسنة المواطنين الذين طفح بهم الكيل وضاقت بهم السبل من الأداء الحكومي المترهل ولم تعد تكفيهم التطمينات و «الشو الإعلامي» بل يريدون فعلا علي الأرض يرد إليهم كرامتهم وحقوقهم. صرف التموين .. ازمة مشتعلة مع تطبيق منظومة جديدة وغريبة علي المواطنين لتوزيع السلع التموينية شهدت المجمعات الإستهلاكية ومحلات البقالة التموينية علي مستوي الجمهورية تكدسا شديدا من المواطنين ومشاجرات دائمة للحصول علي مقرراتهم التموينية التي تأخرت أكثر من 20 يوما من بداية شهر يوليو الذي وافق شهر رمضان الكريم . وتأتي المفاجأة التي أعدها الدكتور خالد حنفي وزير التموين كالصاعقة فوق رءوسهم حيث اكتشف المواطنون أن الوزير يتحدث عن سلع وهمية يتم توزيعها علي البطاقة التموينية بالإضافة إلي عدم وجود السلع الأساسية التي كان يستلمها المواطن في المنظومة القديمة مثل السكر والزيت والأرز . تحقيقات « الأهرام « رصدت ردود فعل غاضبة وحادة من المواطنين الذين تأثروا بغياب السلع التموينية وارتفاع أسعارها وعدم جودتها في الوقت الذي يؤكد الوزير أن السلع متوافرة بكثرة داخل شركات الجملة وعقوبات رادعة علي من يعرقل المنظومة . في البداية تروي ريهام عبد الله – موظفة بالبريد - معاناتها لاستلام حصتها التموينية من تاجر بمنطقة إمبابة حيث فوجئت بعدم وجود السكر لأول مرة منذ بدء صرفها للتموين، وأن السلع الموجودة رديئة جدا وأسعارها أغلي من سعر السوق، وتشير ريهام إلي أن الأرز الذي استلمته من التاجر من النوع القديم الملئ بالسوس داخل الكيس، لذلك رفضت تسلمه وحصلت علي زجاجتين من الزيت فقط لأن الكميات محدودة جدا ولا تكفي الزحام الذي يحيط بالتاجر التمويني. وبغضب شديد تقول ناني محمد : للأسف الشديد بعد الوقوف لساعات طويلة في طابور ممتد لآخر الشارع في منطقة شبرا، لم أحصل علي مستحقاتي التموينية كاملة، لأن التاجر سلم أمامي لأكثر من مواطن كميته الخاصة به من الدعم سكر فقط بناء علي رغبته ، الأمر الذي حرمني من الحصول علي حقي من السكر، حيث قال التاجر لي : إن كمية السكر نفدت لأن معظم المواطنين يحصلون علي مستحقاتهم التموينية سكر فقط ، مما أدي إلي استهلاك الكميات بسرعة ونفادها من عندي . وبصوت حزين تساءلت الحاجة سعاد من شبرا : هل يرضي المسئولون عن هذه الفوضي في شراء السلع التموينية ؟ فلا يوجد كميات والزحام في كل مكان والأنواع قديمة كالتي كنا نحصل عليها من قبل . وطلبت السيدة من « الأهرام » أن نرفع شكواها للوزير قائلة له : هل توافق علي وقوف السيدات المسنات لساعات طويلة في طوابيرلا تنتهي ولا تحصل علي حقها بسبب عدم وجود السلع التموينية ؟ أما عبد الحفيظ الشرقاوي – بائع متجول – فيقول إن أسعار السلع التموينية ارتفعت بصورة جنونية فزجاجة الزيت ب 9 جنيهات ، وكيلو السكر ب 4 جنيهات ونصف جنيه ، أما الأرز فسعره 4 جنيهات ومن النوع الردئ الذي كنا نحصل عليه ب 150 قرشا ، فأنا لا أملك شيئا وأعيش حياة فقيرة جدا، وأسعي لتربية أولادي الأربعة بعد وفاة والدتهم ، كما أن ابنتي المتزوجة تقيم معي بعد طلاقها ولا دخل للأسرة سوي بعض مساعدات أهل الخير شهريا . وفي سياق متصل عبر عدد من المواطنين الذين حصلوا علي مستحقاتهم كاملة من المجمعات الإستهلاكية أو من خلال محال البقالة التموينية أن المنظومة الجديدة غير مفهومة تماما حيث إن بعض السلع ليست جيدة واقتربت علي نهاية صلاحيتها وكانت في المخازن وأرادوا التخلص منها فكانت هذه الحيلة المسماه «المنظومة الجديدة» لكي تسلم المخازن الأصناف الراكدة عندهم ويتحملها المواطن إجباري لكي يحصل علي مستحقاته من الدعم كاملا. واعترض محمد عبد اللطيف – بالمعاش – علي تطبيق المنظومة تماما حيث إن الأسعار لا تناسب جودة السلع المقدمة ، كما أن النظام الجديد أربك معظم الأسر في تدبير احتياجاتهم الأساسية من الزيت والسكر والأرز خاصة بعد أن ارتفعت أسعارهم بصورة غير معقولة . وفي الجانب الآخر يقول محمد حنفي – متعهد توريد سلع تموينية – إن المنظومة الجديدة، وأدت إلي خسائر كثيرة لدي الموردين وارتفاع أسعار السلع ونقصها من الأسواق ، واستغلال بعض التجار الجشعين قلة الكميات فى رفع أسعار السلع الأخري مع زيادة أسعار السولار والبنزين . ويري شريف عبد الله – مسئول توزيع سلع تموينية بمنطقة إمبابة – أن المنظومة الجديدة إيجابية لكنها لا تصلح للتطبيق في مصر لغياب الشفافية في توزيع السلع التموينية ، حيث إن المسئول في شركات الجملة هو الذي يحدد الكميات المنصرفة للتاجر وفق أهوائه وحسب توافر الأصناف لديه وحسب علاقته به ، لذلك تجد العديد من المسئولين في شركات الجملة يسلمون أصنافا معينة راكدة لتاجر ، بينما يسلمون أصنافا جيدة لآخر فالرقابة منعدمة داخل شركات الجملة . ويعلق إيهاب محمود – موظف – علي المنظومة الجديدة غاضبا من سوء التفكير الذي أصاب المسئولين وأدي إلي حالة من الإرتباك والفوضي في توزيع السلع التموينية فبدلا من تطبيق منظومة فاشلة وغير مدروسة ، كان يجب توفير السلع التموينية أولا ثم إن المواطن لم يشتك من عدم توافرالسلع التموينية ، فالمواطن كان يحصل علي مقرراته التموينية بانتظام وبدون أي تعقيدات أو نظام محوري لا يفهمه المواطن البسيط . وتقول سامية السعيد – ربة منزل – من الإسكندرية إن تأخر صرف السلع التموينية أدي إلي حدوث مشاجرات كثيرة في منطقة العصافرة حيث تزايدت الطوابير لتصل إلي شارع 45 لأول مرة في صرف التموين، ولكن فوجئنا بنقص السلع ورداءتها وعدم جودتها بالإضافة إلي أن كلام الوزير عن توفير 20 سلعة علي البطاقة التموينية مرسل وغير حقيقي ، وأطالبه بتوفير السلع الأساسية الثلاثة فقط التي كان يحصل عليها المواطن ويدفع ثمنها ، بدلا من الشو الإعلامي الذي يظهر فيه ولن يقتنع به أحد. وتعلق مي السعيد – ربة منزل – علي المنظومة الجديدة قائلة حتي الآن لم أستطع صرف التموين بسبب عدم اكتماله وعندما أشاهد الوزير يتحدث في القنوات أشعر أنه يتحدث عن أشياء مجهولة . وعبرت مجموعة من المواطنين عن رفضهم للنظام الجديد الوهمي الذي تحدث عنه الوزير، متسائلين: أين الفراخ واللحوم والأسماك والسمنة والأصناف التي حددتها الوزارة ؟ وقال محمد البدري – بالمعاش - : إذا كانت الوزارة تفعل بالمواطن كل هذا العذاب فما الذي تستفيده . وفي النهاية تبقي الأزمة متفاقمة حتي يصل الدعم لمستحقيه ، وأن يجد المواطن حقه في السلع التموينية موجودا عند التجار كما كان في النظام السابق .