فى زيارة إستغرقت ثلاثة أيام لكل من كوت دى فوار(ساحل العاج) والنيجروتشاد أسدل الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند الستار على العملية "سرفال" فى مالى ودشن العملية "برخان" التى ستبدأ فى بداية أغسطس 2014 بإمتداد منطقة الساحل فى أفريقيا. وهى المنطقة التى تعد الظهير الجغرافى الإستراتيجى للعالم العربى فى شمال أفريقيا، كما تعد نقطة الإنطلاق لمستوى جديد من النفوذ العسكرى والإقتصادى والسياسى الفرنسى فى المنطقة. العملية "برخان" فتزامنا مع إحتفالات فرنسا بعيدها الوطنى فى 14 يوليو 2014 أعلن وزير الدفاع الفرنسى جان ايف لودريان أن العملية الفرنسية "سرفال"(وتعنى نوع من القطط الوحشية) فى مالي، والتى بدأت فى شهر يناير عام 2013، "إنتهت فعليا" وستحل محلها عملية جديدة دائمة لمكافحة الإرهاب فى منطقة الساحل تضم ثلاثة آلاف من العسكريين الفرنسيين. وأكد الوزير فى برنامج تلفزيونى سياسى ان "رئيس الجمهورية الفرنسية عبر عن رغبته فى إعادة تنظيم قواتنا" فى منطقة الساحل من خلال "عملية برخان" الإقليمية التى سيكون "هدفها الأساسى هو مكافحة الإرهاب". والعملية الجديدة التى تحمل إسم "برخان" (وتعنى الكثيب الرملى الهلالى الذى يتشكل وفق إتجاه هبوب الرياح عليه) تأتى كما قال الفرنسيون لتقضى على هواجسهم تجاه تصاعد موجة الإرهاب فى المنطقة الممتدة من القرن الافريقى شرقا الى غينيا - بيساو غربا. فالهدف هو منع تحويل الطريق السريعة لكل عمليات التهريب الى معبر دائم لإعادة تشكيل المجموعات الجهادية فى المنطقة الواقعة بين ليبيا والمحيط الاطلسي، وهو ما سيؤدى إلى عواقب وخيمة على أمن فرنسا. وأوضح الوزير أن عملية "برخان" "ستنطلق بالمشاركة مع الدول الخمس فى منطقة الساحل والصحراء" وهى موريتانيا ومالى وبوركينا فاسو والنيجروتشاد. وستتألف القوات الفرنسية من "حوالى 3 ألاف عسكري"، كما تهدف لدمج وحدة "إيبيرفيه" و"سابر" المنتشرة فى تشاد وبوركينا فاسو، بالإضافة لجنود من الدول المشاركة. ووفق ما أعلنته وزارة الدفاع الفرنسية سيتم تدعيم العملية ب20 مروحية و200 آلية مدرعة و10 طائرات نقل تكتيكى وإستراتيجى و6 طائرات مقاتلة للمطاردة و3 طائرات دون طيار، وستتخذ رئاسة أركان العملية مقرا لها فى العاصمة التشادية نجامينا وستكون هيئة أركانها بقيادة الجنرال جان بيار بالاسيه. وقد إنضم لودريان الى الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند فى جولته التى شملت النيجروتشاد بعد أن زار مدينة باماكو عاصمة مالى لتوقيع إتفاق الدفاع الجديد الذى دشن رسميا مرحلة ما بعد العملية "سرفال". وتحدث الرئيس الفرنسى أولاند مؤكدا أن الهدف من إعادة تشكيل القوات الفرنسية المتواجدة فى دول غرب أفريقيا يسمح بتدخلات سريعة وفعالة فى حالات الأزمات بالتعاون مع القوات الأفريقية. جولة أولاند وقد بدأ الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند جولة أفريقية يوم 17 يوليو بزيارة الى كوت دى فوار حيث إتسمت الزيارة بطابع إقتصادى قبل التوجه أيام18 و19 يوليو إلى النيجر ثم تشاد لتفقد الإنتشار العسكرى الفرنسى الجديد فى منطقة الساحل والصحراء تحت شعار مكافحة الإرهاب. وتعد فرنسا، وهى أكبر مستثمر وثانى أكبر مصدر إلى كوت دى فوار. وتشير التقديرات أن لفرنسا 800 شركة فى البلاد منها 160 شركة تمثل مجموعات إقتصادية فرنسية كبيرة تعمل فى قطاعات البنوك والبناء والنقل وتوفر فرص عمل لحوالى 110 ألف شخص، ويقدر حجم أعمال تلك الشركات بنصف عائدات كوت دى فوار، وفق ما أكده رئيسها الحسن وتارا لوسائل الإعلام.وتدعيما لهذا التوجه إصطحب الرئيس الفرنسى وفدا مرافقا ضم أربعين من رجال الأعمال بمن فيهم رئيس مجموعة بويج واعضاء فى إدارة الستوم وسويز-انفيرونمان، بهدف تعزيز موقع الشركات الفرنسية العديدة فى البلاد. وكان ذلك دافعا لأن يزور أولاند بحيرة أبيدجان، حيث منحت شركة "بويج" مهمة بناء ثالث جسر يعتبر من أبرز مشاريع الحكومة الإيفوارية، قبل المباحثات الرسمية مع الرئيس وتارا! وتعد فرنسا، دولة الإستعمار السابق فى كوت دى فوار، اللاعب الأساسى فى الأزمة العاجية (خلال الفترة 20022011) ولا تزال تحتفظ ب 450 جنديا هناك وأسهمت فى وصول الرئيس الحالى الحسن وتارا الى الحكم من خلال مساعدته على الإطاحة برئيس البلاد السابق لوران جباجبو. وفى النيجر إلتقى أولاند بنظيره محمد يوسف وزار فرق سلاح الجو الفرنسى المنتشرة هناك والقاعدة الجوية الفرنسية المتمركزة بالقاعدة الجوية 101 فى العاصمة نيامى حيث تنطلق الطائرات الفرنسية دون طيار للقيام بمهمات إستطلاعية فوق كامل أجواء منطقة الساحل والصحراء.وأكد أولاند فى النيجر أن "هناك تهديدات ولاسيما من ليبيا. فالعتاد العسكرى يتكدس فيها ويسعى الإرهابيون دون شك للجوء إلى هناك. وأضاف قائلا : "..قررنا إتخاذ تدابير تسمح لنا بمواجهة هذا التهديد". وفى العاصمة التشادية نجامينا إطلع أولاند على الإستعدادات لتشكيل القوة الفرنسية الجديدة التى ستتولى مكافحة الإرهاب فى إطار العملية "برخان". وقبل مغادرته تشاد وافريقيا كلها وقف الرئيس الفرنسى أمام ألف جندى فرنسى بقاعدة كوساى فى نجامينا وقال لهم ان "التهديد ينتشر ويزداد كثافة"، "مما يبرر أن تكونوا حاضرين بطريقة أو بأخرى "على غرار ما فعلتم فى الماضي"". أهداف ويمكن ملاحظة أن الجولة التى قام بها أولاند كانت لها عدة أهداف رئيسية تمثلت فى : (1)التنسيق الأمنى والعسكرى مع دول الساحل فى أفريقيا. (2)إرساء حجر الأساس للتوسع فى العمليات العسكرية على المستوى الإقليمي. (3) قطع الطريق على المنظمات الإرهابية التى تمتد تهديداتها إلى قلب فرنسا. (4)رفع مستوى النفوذ الفرنسى فى المنطقة التى تشهد تسلل بعض المنافسين الدوليين بحجة مكافحة الإرهاب وفى مقدمتهم الولاياتالمتحدة. (5) تدعيم النفوذ السياسى والإقتصادى الفرنسى فى المنطقة. وهكذا وعلى الرغم من معسول الكلمات وحرارة اللقاءات الفرنسية الأفريقية تظل باريس متمسكة بتدعيم نفوذها الإقتصادى والسياسى والعسكرى فى أفريقيا بوجه عام وفى منطقة الساحل وغرب افريقيا تحديدا.