الأطفال في رمضان لهم نصيب خاص من اهتمامنا ورعايتنا، حيث إرشادهم لأهمية الصوم, ومساعدتهم على جني ثمار شهر رمضان من خلال القصة المفيدة واللعبة الهادفة، وسماع صوت المسحراتي. وكان شهر رمضان فرصة عملية وواقعية لتقوية إرادة الأطفال وزرع الثقة في أنفسهم والاعتماد عليها، وتبارى الأطفال في صيام ايام رمضان،فكيف يمكن تهيئة الطفل للمداومة على فعل الطاعات باقي أيام العام. علماء الدين يؤكدون أن تربية الأطفال قضية مهمة، ولا بد من اقتناص الفرص والمواسم لتعليم الأطفال الأمورَ التربوية بطريقة عملية، ولعل شهر رمضان المُبارك كان فرصة للأهل لاستثمارها في تربية الأطفال، وتعويدهم على الصيام وأداء الصلاة وذلك لكونه شهرًا يتظلل فيه الناس بروائع المناجاة في السحر وتراتيل التراويح وخشوع القلوب وترابط الأسر المسلمة فيما بينهم، وهو سلوك يجب أن يستمر طوال العام. يقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بأسيوط انه ثبت في الحديث الصحيح عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يصومون شهر رمضان وأيضا كانوا يدربون أبناءهم على الصيام فإذا جاع أو عطش الطفل في آخر النهار قبل المغرب كانوا يعطونه بعض اللعب كي يلهو بها حتى يواصل صومه وهذا أمر من الأمور العظيمة التي يجب علينا كمسلمين ان نراعيها في تنشئة أبنائنا التنشئة الدينية الصحيحة, فالصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة لقوله صلى الله عليه وسلم: ( بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ) رواه البخاري. والمسلم مخاطب ومكلف من وقت بلوغه أن يلتزم بهذه الأركان التي منها صيام شهر رمضان ويكون البلوغ للفتى بالاحتلام وللفتاة بظهور الحيض، فإن لم يظهر ذلك منهما فببلوغ خمس عشرة سنة قمرية لكليهما. ولا ننسي انه في الصلاة وهى الركن الأعظم يقول النبي صلى الله عليه وسلم (مروا أولادكم بالصلاة أبناء سبع سنين واضربوهم عليها أبناء عشرة سنين) فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يدربون أبناءهم ويلزمونهم بهاتين الفريضتين الصلاة والصيام فإذا عدنا لفضيلة الصيام فإننا نجد ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لأصحابه الصغار والكبار ان الصائم عليه ان يلتزم بأخلاق الإسلام، كما أن الصوم الحق يدعو إلى الفضيلة ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه)، والصيام الحق يربي الإنسان سواء كان صغيرا أو كبيرا على ترك الفحش والكلام الفاحش, كما ان صيام الطفل يدفعه إلى الأخلاق الحسنة والتي تتمثل في الصدق والأمانة بمعنى ان يلتزم الطفل بالصدق في أقواله وأفعاله ويلتزم بالكلام الحسن مع الجميع وان الصيام للطفل هو تهذيب للنفوس والرقي بها الى مدارج الكمال الأخلاقي. من جانبه يؤكد الدكتور رمضان عبد العزيز الأستاذ بكلية أصول الدين بالمنوفية انه ورد في الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) فالوالد راع في أهله ومسئول عن رعيته ومن خلال هذا الحديث على الآباء أن يحسنوا تربية أولادهم منذ الصغر وهم مسئولون عن ذلك أمام الله وأمام المجتمع فتربية الأبناء مسئولية جسيمة ومهمة عظيمة فالمسئول عنها أولا هو الأسرة التي ينبغي أن تربي أبناءها على مكارم الأخلاق منذ الصغر، وعليه فإن تربية الأبناء على الصدق والأمانة والرحمة والتعاون على الخير والصيام هو مدرسة أخرى يتعلم منها الصبي كيف يحافظ على صيامه وعلى عبادته وذلك من خلال بعده عن الكذب وقول الزور وعن النظر إلى ما حرم الله عليه لان النبي صلى الله عليه وسلم قال : «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش» إلى آخر الحديث. والصائم الذي ليس له إلا الجوع والعطش هو ذلك الصائم الذي لم يحافظ على صيامه والصبي مأمور بذلك بأن يحافظ على صيامه تلك المحافظة تحدث وتتم من خلال التزامه بآداب الصيام فالصيام يهذب أخلاقه ويصلحه ويبعده عن مجالس الغيبة والنميمة والكلام في حق الآخرين، لان الإنسان ينبغي أن يمسك عليه لسانه في نهار رمضان حتى لا يرتكب محظورا يقلل من ثواب صيامه.