الارهاب لم يكن صنيع منطقة الشرق الاوسط، كما لم يكن ابدا صنيع الدول العربية، كما روجت الادارات الغربية لذلك من منطلق ان الانظمة الديكتاتورية هى السبب فى صعود الفكر المتطرف والارهاب. كما لم يكن ايضا الارهاب صنيعة الاسلام كما روج لذلك فى اعقاب أحداث سبتمبر 2001 بنيويورك، والحقيقة التى لامجال للتشكيك فيها ان الارهاب عرف الغرب و ترعرعت تنظيمات الارهاب الغربية فى اوروبا قبل ان تعرف منطقة الشرق الاوسط هذا الارهاب المنظم وابلغ مثل على ذلك الجيش الجمهورى الايرلندى الذى تأسس فى 1919 ونشط حتى توقيع اتفاقية بلفاست 1998 بين تونى بليررئيس الوزراء البريطانى فى ذلك الوقت وجيرى ادمز مسئول الجيش الجمهورى الايرلندى، ومنظمة بادر ماينهوف الالمانية والتى عرفت فيما بعد بجماعة الجيش الاحمر والتى نشطت منذ اوائل السبعينيات حتى منتصف التسعينيات، وجماعة 17 نوفمبر اليونانية والتى بدأت اعمالها فى عام 1973 واستمرت حتى عام 2002 وكانت اهم اعمالها الارهابية الاولى اغتيال رئيس وكالة المخابرات الامريكية فى اثينا جاك ويلش عام 1975، والعديد من التنظيمات الاخرى التى استمرت لسنوات تعمل داخل اوروبا. اما اقدم التنظيمات الارهابية بالمنطقة العربية و التى تأسست عام 1928 واطلق عليها جماعة الاخوان المسلمين فى مصر فكانت اول علاقة بينها و بين اى كيان رسمى سواء دول او اجهزة مخابرات كانت المخابرات البريطانية واستمرت العلاقة حتى اصبحت اوروبا فيما بعد الملاز الآمن لقيادات الجماعة والجماعات التى خرجت من رحمها ومارست ابشع وسائل الارهاب بالمنطقة. يبدو ان الغرب مازال ينظر الى المنطقة العربية بوصفها إحدى ساحات العمليات وان كانت تغيرت مفاهيم العمليات من العسكرية الى المخابراتية ومن الاستعمار المادى الى الثقافى والاقتصادى والمعلوماتى فإن المنهج والهدف قد يكون فى النهاية واحد وهو السيطرة على مقدرات الدول العربية وخاصة ذات المميزات الاستراتيجية والسيطرة على الثروات والمواد الخام وحسابات التجارة والاسواق مما جعل دول هذه المنطقة هدفا للهجمات المعاصرة مثلما كانت فى الهجمات الاستعمارية القديمة. ويؤكد المستشار خالد مطاوع خبير الشئون الساسية والامنية ان اهمية الاسلام للغرب برزت فى استخدامه لمواجهة الشيوعية الروسية فى منطقة الشرق الاوسط لوقف المد الشيوعى و كان اول استخدام لهذا الاتجاه فى إطاره الحقيقى من خلال توجيه التيار الاسلامى لمحاربة الشيوعية فى أفغانستان وهو فى مضمونه الحقيقى محاربة الروس فى شرق اسيا بعد نجاح الغرب فى استقطاب الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتى تحت شعار وراية الاتحاد الاوروبى بغرض تضييق الخناق على القطب الروسى فى ذلك الوقت وقد كان للنجاح الذى حققته المجموعات الاسلامية التى شجعت الولاياتالمتحدة على الدفع بها الى ساحة المواجهة فى معركة افغانستان فى تكوين اول كيان منظم تحت اسم قاعدة الجهاد والذى تغير اسمه فيما بعد الى تنظيم القاعدة ليستوعب عناصر التيار الاسلامى التى تشكلت من طيات تنظيمات الغضب الاسلامى التى نشأت فى مصر بموجب التوجه الاخوانى فى عهد المرشد الثالث لجماعة الاخوان عمر التلمسانى بإنشاء تنظيمات دينية تنتهج العنف بعيده تنظيميا عن الكيان التنظيمى الاخوانى، وبالتالى كانت تلك التنظيمات التى نشأت فى مصر سواء التكفير والهجرة او الجماعة الاسلامية او تنظيم الجهاد هم الكيانات المحركة للفكر المتطرف المتطوع لتنفيذ مخططات الولاياتالمتحدة فى المنطقة العربية وقد استخدمت لهذا الغرض كل الامكانيات اللوجيستية التى وفرها الغرب لهؤلاء العناصر من الجنسيات المختلفة والسماح لهم بإنشاء مكاتب أطلق عليها مكاتب الخدمات فى دول غربية عديدة تقوم على جمع التبرعات وتوجيه الرأى العام لجنسيات دولهم الام وشباب دولهم ورعاية العناصر الهاربة من دولها وتوفير الملاذ الآمن لها فى دول الغرب من خلال اللجوء السياسى او الاقامات المسموح بها فى إطارات العمل الخيرى والجمعيات والمنظمات والمؤسسات الخيرية الاسلامية والتى مثلت فى تلك الحقبة الدعامة الرئيسية لنشاط وتحركات هذا الكيان وجعلت منه كيان رسمى مسموح به ومقبول فى دول إدعت أنها فى حرب ضد الارهاب. وكان الاتجاه الامريكى بإرتكاب الخطأ الاكبر بتحويل منظومة مكافحة الارهاب من المنهج المخابراتى الى المنهج العسكرى وإجتاحت الولاياتالمتحدة فى ظل تحالف دولى أفغانستان ظنا منها بأنها قادرة على إنهاء هذا التوجه بالعمليات العسكرية ولكن فى حقيقة الامر فإن النتائج كانت عكسية تماما ورغم كل ما حققته الولاياتالمتحدة من تعقب وعمليات قبض وإستجواب وعمليات إغتيال لقيادات تنظيم القاعدة إلا ان هذا التنظيم اثبت أنه قادرا على مواجهة هذه العمليات والاستمرار فى نشاطه وبدأت عناصره التى نجحت فى الهروب الى ساحات جديده للصراعات ومعظم هذه الصراعات كانت من صنيعة الولاياتالمتحدة كالعراق وسوريا وآخرهم ساحات الصراع التى ولدت بفعل ثورات الربيع العربى.