رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة. كانت رسالة من صديق بها سورة القدر تذكيرا بليلة القدر فى العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم. وتعد ليلة القدر ليلة مباركة مقدسة تناولها القرآن وتناولتها الأحاديث النبوية الشريفة وبينت فضلها وما بها من خير وإعجاز. ولأهمية تلك الليلة المباركة أنزل الله تعالى فيها سورة كاملة بالقرآن الكريم : “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفجْرِ (5)” (سورة القدر). ووفق ما بينه الله عز وجل فى كتابه العزيز فإن : ليلة القدر أفضل من ألف شهر أى ثلاث وثمانين عام وأربعة أشهر وفق الحساب الزمنى المعمول به على كوكب الأرض. ولقد كرم الله كتابه العزيز القرآن الكريم وأنزله إلى السماء الدنيا كاملا فى ليلة القدر. قبل أن يوحى بما فيه إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بشكل منجم مجزأ على مدار أعوام تتراوح بين عشرين وثلاث وعشرين عاما. وهى ليلة تتنزل فيها الملائكة والروح (رجح الفقهاء أن الروح هو جبريل عليه السلام) من كل أمر قضاه الله فى تلك السنة من رزق وأجل وغير ذلك (الطبرى) وأن يقضى فيها ما يكون فى السنة إلى السنة التالية. وهى ليلة كلها خير وسلام حتى مطلع الفجر. وهى ليلة من قام فيها إيمانا واحتسابا فصلى وقرأ القرآن وأخلص في الدعاء غفر له الله ما تقدم من ذنبه. وأن ثواب وأجر عمل الخير فيها يتضاعف ليماثل ثواب وأجر عمل الخير طوال ألف شهر. ونظرا لعظم تلك الليلة المباركة تبارى رجال الدين والفقهاء والعلماء والخبراء وعلماء الفلك والعامة فى تحرى تلك الليلة ومحاولة تحديدها بشكل دقيق أملا فى نيل المغفرة والأجر والثواب. ووفق ما قاله الفقهاء فإن ليلة القدر قد تُرى بالعين المجردة لمن يوفقه الله سبحانه وتعالى ويمكنه من رؤية علاماتها وأماراتها. ويذكر التاريخ أن بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يستدلون عليها بعلامات مستقاه من الأحاديث النبوية. ومن أبرز تلك العلامات المتداولة الإعتقاد بطلوع الشمس فى صباحها بلا شعاع فتكون مثل ضوء القمر، وهناك من يرى أنها ليلة لا حارة ولا باردة، وهناك من يعتقد أنها ليلة لا تصدم الأرض فيها أى أجسام فضائية (شهب أو نيازك). وهناك من يعتقد أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان. ولكن من المؤكد أن عدم رؤية علامات ليلة القدر لا يمنع حصول فضلها لمن قام فيها إيمانا واحتسابا فصلى وقرأ القرآن وأخلص في الدعاء. فالأصل هو تحرى ليلة القدر المباركة فى العشر الأواخر من شهر رمضان طلبا للأجر والثواب. وبالتالى فإن المؤمن الحق يحصل على أجر وثواب ليلة القدر كاملا إذا تصادف وقام الليل فى تلك الليلة حتى دون أن يعلم أنها ليلة القدر. وبالتالى فإن من يجتهد فى الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان سيتمكن دون ريب من الفوز بأجر وثواب تلك الليلة المباركة سواء شاهد علاماتها أم لم يشهدها. أما الأهم فهو إستمرار المسلم فى عمل الخير طوال أيام وشهور العام. فالأصل هو العمل الصالح وإتباع أوامر الله عز وجل وسنة رسوله. فأبواب التوبة والمغفرة وإستجابة الدعاء مفتوحة طوال العام وفى كل وقت. والأعمال الصالحة الخيرة تأتى لصاحبها بالأجر والثواب طوال العام بل وأحيانا ما يكون الأجر والثواب ممتدا إلى قيام الساعة ويوم الحساب. دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت.