جونتر جلوزر مسئول ملف الشرق الأوسط في الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي وعضو لجنة العلاقات الخارجية في البوندستاغ الألماني هوأحد السياسيين القلائل الذين يطالبون الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي بمنح التحولات السياسية التي تشهدها الدول العربية جنوب المتوسط قدرا أكبر من الاهتمام والدعم وعدم الإنشغال بازمات اوروبا المالية والسياسية عن مساندة دول الربيع العربي, مطالبا بخطة مارشال اوروبية تفتح آفاقا لملايين الشباب العاطل في مصر وتونس. ومن داخل البرلمان الألماني كان هذا الحوار معه حول الثورة المصرية وانطباعاته يوم تنحي مبارك. هل توقعت إنتفاضة ثورة الشعبين التونسي والمصري أم كانت مفاجأة بالنسة لك؟ في الحقيقة فوجئت بما حدث, ولكنني فهمت بعد اندلاع ثورة تونس لماذا طلب منا الحزب الحاكم هناك قبل احداث بوعزيزي باربعة اسابيع مساعدة المانيا لهم في التغلب علي مشكلة البطالة المتفاقمة بين خريجي الجامعات. وبعد وقوع الثورة فهمت أن الإناء نضح بما فيه بعد فترة طويلة من الغليان,ولم يكن هذا واضحا لنا قبل ذلك, فعندما كنا نسأل ونحاول أن نفهم وبطلب من هذه الدول الإنفتاح علي الديمقراطية مؤكدين للمسئولين أنها عملية ستستغرق وقتا كنا نسمع إجابة واحدة وهي ان ما نقوله غير ممكن في بلادنا وفي تونس قالوا لي أن شعبنا شعب غبي, وفي مصرسمعت إجابات مشابهة, ولكنني قابلت بعد الثورات أناسا مؤهلين وواعين. كيف كان رد فعلك عندما علمت بتنحي الرئيس مبارك؟ وقفت مشدوها امام شاشة التليفزيون وكنت اتعجب طوال الوقت من يكتب له هذه الخطابات؟ ولماذا لا يفهم ما يحدث من تغيير؟ واراقب بدهشة هذا التدهور التدريجي المؤلم الذي يتعرض له وكان واضحا بالطبع ان حالته الصحية ايضا تدهورت. ما هو تقييمك لما حققته الثورة المصرية حتي الآن؟ اولا لابد من الآشارة إلي أن الانتخابات سارت شكلا وتنظيما بشكل مفاجئ وجيد اكثر مما كان متوقعا وكنت متأكدا ان هؤلاء الشباب الذين اشعلوا هذه الثورة سيكونون من بين الفائزين بها ولكنني رأيت ان جيل الشباب اصبح مهمشا بعد بدء العملية الإنتقالية وهو ما حدث في تونس ايضا. بالطبع كنت أعلم من معرفتي بالمنطقة وبالأوضاع في مصر وغيرها من الدول أن هناك قطاعات عريضة من الشعب خارج منظومة التعليم والتأمين الصحي والخدمات وأن الدولة ليست هي التي تساعدهم بل جهات وجماعات أخري وليس النظام الفاسد, وعندما جاءت الانتخابات اختار هؤلاء المواطنون من ساعدهم واصابني بعض الإحباط أن الشباب الذين بذلوا جهدهم في الثورة لم يجنوا ثمار هذا الجهد والسؤال الآن كيف يمكن إشراك هؤلاء الشباب لكي يعرفوا ان ما أنجزوه ليس فقط خروج مبارك من الحكم وانما ان النظام والهياكل القائمة عليه قد تغيرت جذريا في مصر. هل هناك من دعم الماني واوروبي لمصر الآن في هذه المرحلة الحرجة؟ قلنا اننا نعرض مساعدتنا ولكننا لا نفرضها وهناك ديون مصرية تقرر مبادلتها لتمويل مشروعات تدريب واستثمارات تشغل الشباب العاطل, فالتحدي الأكبر أمام مصر هو هذا الكم الهائل من الشباب بلا آفاق مستقبلية حقيقية للعمل والإنتاج, وأنا متأكد أن مصر وحدها لن تكون قادرة علي مواجهة هذا العبء. هل خطة مارشال التي اشرفتم علي وضعها في الحزب الاشتراكي الديمقراطي جادة ويمكن تنفيذها فعليا إذا شكلتم الحكومة الالمانية في الانتخابات المقبلة؟ خطة مارشال الأمريكي بعد الحرب لم تكن موجهة لبناء غرب اوروبا فقط وإنما شرق أوروبا ايضا ولكن الاتحاد السوفيتي رفض آنذاك والخطة التي نقصدها لا تعني تقديم الدعم المالي وإنما إقامة مشروعات وشركات مشتركة وفتح اسواقنا الأوروبية أمام منتجاتكم الزراعية وإتاحة فرص للشباب الجامعي للتدريب في شركاتنا لفترات ثم العودة إلي مصر وتونس للإستفادة من الخبرة والحصول علي قروض لتمويل مشروعات تشغل شباب الخريجين ونعلم ان هناك قيودا وإجراءات لحماية للمنتجات الزراعية الاوروبية ولكن علي اوروبا أن تختار مثلا بين استيراد منتجات زراعية نظيفة من مصر وتونس ام حماية منتجات الصوب الزراعية في جنوب اوروبا. وبالطيع فإن خطة إستقدام الشباب المؤهل للتدريب والعمل في اوروبا لا تتم فجأة بل بعد دراسة والتأكد أن هؤلاء الشباب لديه الإستعداد لتعلم اللغة والعيش لفترة هنا ثم العودة إلي مصر ومن شأن هذه الخطوات أن تعيد ثقة بين الشعوب العربية واوروبا. كيف تري دور مصر الإقليمي وسياستها الخارجية في المستقبل؟ ما يهمنا التزام الحكومة المصرية الشرعية بمبادئ حقوق الإنسان والحريات, ونعلم أن الحداثة والديموقراطية ليسا الشئ نفسه فمصر دولة عربية ولا أتوقع منها أن تتبني الثقافة والمنهج الغربي ولكن عليها ان تتيح المشاركة لكل القطاعات في المجتمع وأن تحمي كرامة مواطنيها وتتيح الحريات للجميع, وواجبنا ان ندافع عن تلك المبادئ. ومن الوضح ان الثورة اضعفت دور مصر حاليا حيث توجد دول كالسعودية وقطر تمارس دورا اكثر تاثيرا بفضل ثقلها الإقتصادي ولكن هذا الوضع ليس دائما.